مهندس الديكور أنسي أبو سيف: أفتخر بأنني تلميذ شادي عبد السلام

نشر في 18-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 18-07-2014 | 00:02
No Image Caption
قدم مهندس الديكور أنسي أبو سيف مجموعة أفلام متميزة شكلت جزءاً من تاريخ السينما المصرية، على مدى 40 عاماً من مشواره الفني، تعاون في معظمها مع صديقه المخرج داود عبد السيد.
حول تجاربه السينمائية، ومدى اهتمام المخرجين بالديكور كأحد العناصر المهمة في الفيلم ، كان معه الحوار التالي.
كيف بدأت علاقتك بتصميم ديكور الأفلام؟

منذ تخرجي في معهد الفنون الجميلة، أحب السينما والديكورات، لذا تقدمت إلى المعهد العالي للسينما، وبعدما تخرجت قدمت أول أفلامي وهو «يوميات نائب في الأرياف» الذي اعتز بتجربته كثيراً، وكان فاتحة خير عليّ، وعلى خطواتي التالية.

هل واجهت صعوبة في تقديمه؟

بالتأكيد، صعوبة كبيرة. قدمته في العام التالي لتخرجي، ولم أكن قد جربت قدراتي في أفلام سابقة، بل انتقلت فيه من الدراسة النظرية إلى الاحتكاك العملي، فضلاً عن أنني عملت فيه مع أحد أكبر مخرجي السينما آنذاك، توفيق صالح.

ما تقييمك لهذه التجربة؟

تجربة رهيبة، لا سيما أن تصوير الفيلم كله تم داخل «البلاتوهات»، وغابت إمكانية تصوير مشاهد خارجية بسبب كبر حجم الكاميرا، في ما عدا مشاهد البحر، بينما مشاهد الشوارع والحارات القديمة كانت تتم داخل بلاتوهات.

هل التصوير داخل البلاتوهات أسهل من التصوير الخارجي بالنسبة إلى مهندس الديكور؟

العمل في السينما عموماً لا يتضمن الأيسر والأصعب، الفيلم نفسه يحدد المشاهد التي يتم تصويرها إما في الداخل أو في الخارج. للحقيقة، أجد تسمية «مهندس الديكور» نفسها خاطئة، والأصح مهندس مناظر، لأن مهندس الديكور متخصص بالذوق، أما مهندس المناظر فهو يهتم بالعناصر الداخلة في الإطار، وثمة فرق بينه وبين منسق المناظر.

ما وجه هذا الاختلاف؟

يدخل في اختصاص مهندس المناظر كل ما هو ضمن الإطار، لكن المنسق يهتم بالأدوات الموجودة داخل الفيلم ككل تحت إشراف مهندس المناظر.

كيف ترى الاهتمام بالديكور في السينما؟

يتوقف الأمر على العمل نفسه، ومخرجه أو منتجه، فإذا كان أحدهما يضع الأولوية للعناصر الفنية كافة بشكل متناسب، فإنه بالطبع سيهتم به، على عكس الحال إذا كان يهتم بإبراز الممثل عن غيره من بقية العناصر، لتكون النتيجة أفلاماً مثل «عبده موته».

بين أفلام عدة قدمتها («حب في الزنزانة، حتى لا يطير الدخان، ليلة القبض على فاطمة، الهلفوت»)... بأي تجربة تعتز؟

جميعها؛ كل فيلم قدمته هو مغامرة تعايشت معها في ظروفها كافة، وسعدت بنتائجها أياً كانت، وأعتبرها ناجحة رغم أنها قد لا تكون ناجحة على مستوى الصناعة.

هل هذا يعني أنك لا تهتم برأي الجمهور؟

على العكس؛ أرى الناس في خلفية كل عمل فني، والسيناريو جزء من حياتهم، وبالتبعية يعبِّر عن واقعهم لأنه غير منفصل عنهم. عموماً، النجاح والإخفاق يرجعان إلى مجهودي في العمل.

لماذا تؤخذ عليك قلة أعمالك السينمائية؟

لأنني لا أشارك في فيلم غير مقتنع بفكرته أو أشعر بأنني لا أملك رؤية جديدة أقدمها فيه. حتى إنني خلال 40 سنة هي عُمر مشواري الفني لم أقدم عدداً كبيراً من الأفلام، فكنت أشارك في عمل، وأتوقف سنوات، ثم أعود بفيلم أرى أنني سأتمكن من العمل فيه.

حدثنا عن تجربة تعاونك مع المخرج شادي عبد السلام؟

تعاونت معه في فيلم «المومياء» حينما كنت طالباً في المعهد، وعملت في الفيلم بصفتي مساعد تصميم من الدرجة الرابعة، وكلفني صانعو العمل بالاهتمام بكل ما يتعلق بالجانب التاريخي، من نحت ورسم.

ماذا تعلمت من هذه التجربة؟

تعلمت منها الكثير، وأعتبرها مرحلة مهمة في مشواري، وأفخر بكوني أحد تلامذة شادي عبد السلام، ولمست ذلك حينما كبرت، وأصبحت أملك خبرة واسعة.

تعاونت مع مخرجين كثّر أمثال محمد خان وخيري بشارة ويسري نصر الله ويوسف شاهين... ما الذي يميز كل واحد منهم؟

كل مخرج منهم صاحب شخصية مختلفة عن غيره تماماً، لكنهم يجتمعون في كونهم يهتمون بالتفاصيل في العمل، وهذا أمر يريحني وأعتبره جزءاً من أسلوبي. خان مثلاً، يفضل التصوير الخارجي عن الديكورات المحددة، لذلك تخرج أفلامه حية وصادقة، ويفضل غيره التصوير الداخلي والخارجي بشكل متساو.

ما سر تعاونك المستمر مع المخرج داود عبد السيد؟

داود صديق مقرّب مني، وتخرجنا في دفعة 1967 في المعهد العالي للسينما، ويجمعنا الفكر نفسه، وسلكنا رحلة سينمائية واحدة. حتى أزعم بأن ديكورات جميع أفلام عبد السيد من تصميمي.

قدمت الحارة الشعبية بشكل مختلف في ثلاثة أفلام هي «الكيت كات» و»ليه يا بنفسج» و»إبراهيم الأبيض»... هل كنت حريصاً على هذا الاختلاف أم أن المواضيع فرضته؟

حرصت على الاختلاف طبعاً؛ مثلاً، حينما عُرض عليّ «إبراهيم الأبيض» وقرأت قصته، رفضته لأنني جدت حارته مطابقة لحارة «الكيت كات»، ولكن إصرار الصانعين جعلني أعيد النظر فيه، وطلبت منهم ألا تكون الحارة هي نفسها التي صممتها في الفيلم السابق، وهو ما حدث؛ إذ قدمته بشكل مختلف في حضن الجبل.

هل تتفق مع المخرج في تحديد الديكور المناسب أم تنفرد برؤيتك؟

أنسق بين رؤيتي وبين رؤيته، لأن العمل الفني جماعي لا يمكن لأي أحد الانفراد برؤيته، سواء كان مهندس ديكور أو مصوراً أو مخرجاً، لا بد من جميع هؤلاء التعاون وتحديد رؤية مناسبة للموضوع. مثلاً، إذا حاول المصور خوض تجربة الإخراج والانفراد برؤيته فإنه سيقدم فيلماً مصوراً، وليس عملاً سينمائياً، والجمهور سيقول إن التصوير كان جيداً، لا الفيلم.

هل واجهت أزمة إنتاجية في أعمالك؟

أضع في اعتباري دائماً ميزانية كل عمل قبل المشاركة فيه، وإن حدثت أزمة خلال التصوير، أحاول البحث عن سُبل ترشيد الإنفاق، على ألا يؤثر ذلك على مستوى الديكورات، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها السينما منذ سنوات، فأحلام الصانعين كبيرة تحجمها الميزانيات.

كيف تحقق طموحاتك كمهندس ديكور سينمائي؟

أحاول تحقيق أحلامي الخيالية والمستحيلة عبر السينما. بالتالي، تكون مهمة القيمين على الفيلم أن يجعلوا المتفرج يصدق الخيال، بشرط توافر فكرة مناسبة للتنفيذ، وتحقق الهدف منه.

ما هي خطواتك في تحديد ديكور الفيلم الملائم؟

تبدأ مراحل العمل في الفيلم من السيناريست الذي يتقدم بسيناريو إلى مخرج يقترح بدوره على منتج قراءته، وتمويله إن أعجب به، ثم يُعرض السيناريو على مهندس ديكور قبل الممثل والمصور لأنه هو من يحوِّل الورق المكتوب إلى واقع عبر مشاهد في حارات شعبية أو ديكورات تاريخية، ثم يضع تصورات للأماكن في الفيلم لتحديد الخارجية منها وتلك التي ينبغى بناؤها، أو إذا كان التصوير سيتم في شارع (أو بناء شارع)، ذلك كله بناء على ميزانية الفيلم. من ثم هنا تبدأ ترشيحات الفنانين.

هل على مهندس الديكور التواجد خلال التصوير؟

شخصياً، أرى أنه لا يمكن تنفيذ مشهد صممت الديكور له، فيما أنا أجلس بعيداً، لذا أحاول أن أتواجد باستمرار في موقع التصوير، وأرفض الارتباط بأكثر من عمل في  الوقت نفسه.

ماذا عن جديدك؟

انتهيت أخيراً من مونتاج فيلم «قدرات غير عادية»، من تأليف داود عبد السيد وإخراجه، وبطولة كل من خالد أبو النجا ونجلاء بدر.

back to top