تايبيريا: علاج الأمراض النفسية في الكويت يبدأ بإصلاح التعليم
المستشارة السابقة في مكتب الإنماء أكدت أن لدى الكويت أعلى نسبة في صعوبات التعلم بالعالم
رأت المعالجة النفسية المستشارة السابقة في مكتب الإنماء الاجتماعي التابع للديوان الأميري الدكتورة فينشينزيا تايبيريا أن الإدمان والانتحار والاكتئاب والقلق والمشاكل الزوجية ومرض فرط الحركة وقصور الانتباه من أكثر المشاكل النفسية انتشاراً في المجتمع الكويتي، مؤكدة أن أولى وسائل العلاج إصلاح النظام التعليمي.
أكدت المستشارة السابقة في مكتب الإنماء الاجتماعي بالديوان الأميري المعالجة النفسية الدكتورة فينشينزيا تايبيريا أن الكويت لديها أعلى نسبة في صعوبات التعلم بالعالم، مشددة على ان إصلاح النظام التعليمي أولى وسائل علاج الأمراض النفسية في الكويت.وقال تايبيريا لـ"الجريدة" إنها جاءت إلى الكويت في عام 1998 بناء على دعوة من الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد للعمل مستشارة لمكتب الإنماء الاجتماعي التابع للديوان الأميري، لافتة إلى أنها عملت مع الديوان الأميري لمدة سنة، وضعت خلالها نظاما للإجراءات والهيكلة وأساسا مقاربا للأسس العالمية في ما يتعلق بنظام العمل النفسي.وأوضحت أنها كانت أول معالجة نفسية مرخصة تعمل في الكويت، لافتة الى أنها متخصصة في علم النفس التربوي والعلاج النفسي، ومرخصة لممارسة هذا العمل في سويسرا وأميركا.11 عيادة نفسيةواشارت الى أن سبب دعوتها إلى الكويت بهدف إنشاء 11 عيادة نفسية تغطي مناطق الكويت المختلفة لعلاج الكويتيين من الآثار النفسية التي خلفها الاحتلال العراقي، وأيضا لتدريب الكويتيين الحاصلين على شهادات جامعية عليا في مجال علم النفس على العمل كمعالجين نفسيين متخصصين في هذه العيادات.ولفتت تايبيريا الى أن العيادات الـ 11 التي تأسست كانت بحاجة إلى وجود أشخاص مؤهلين، قادرين على العمل فيها وتقديم العلاج النفسي المطلوب للحالات المختلفة، مشيرة إلى أن المعالجين العاملين في هذه العيادات لم يكونوا يتمتعون بالتدريب والتأهيل المطلوب لتقديم العلاج النفسي.وذكرت: "دوري كان القيام بتدريب المعالجين النفسيين تدريبا عمليا وتأهيلهم وإعدادهم ليتعلموا كيف يتعاملون مع الحالات النفسية المختلفة وتقديم العلاج النفسي السليم، إضافة إلى تدريبهم على أخلاقات المهنة والتعامل بمبدأ السرية مع المريض لأنها أساس العمل النفسي".معايير دوليةوأشادت تايبيريا بدور الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، مؤكدة انه كان على وعي بأهمية أن تكون هناك معايير دولية لممارسة العمل النفسي في الكويت.وذكرت إن هذه الفترة كانت تمثل تاريخ تأسيس ممارسة علم النفس في الكويت، مشيرة الى انه بسبب بعد نظر الشيخ جابر الأحمد واستشعاره ضرورة أن تكون هناك عيادات نفسية متخصصة في العلاج النفسي من اثار الغزو بدأت مراحل وضع لبنات هذا العلم في الكويت والتركيز عليه.وأشارت إلى ان جميع العيادات البالغ عددها 11 عيادة أغلقت باستثناء عيادة واحدة مازالت تعالج الاضطرابات النفسية، معربة عن الأسف لإغلاق العيادات لانها كانت منتشرة الكويت وتقدم خدمات جيدة جدا.سحب العياداتوشددت على انه عندما كانت العيادات موجودة لم تكن هناك رهبة في الذهاب الى المعالج النفسي لكن سحب هذه العيادات وإلغاء المشروع أديا إلى قيام فجوة كبيرة بين المواطنين وعلم النفس والعلاج النفسي ما أدى إلى تزعزع الثقة بممارسة علم النفس في الكويت لعدم وجود أشخاص مؤهلين يقومون بهذا العمل وهذا أدى إلى ضرر كبير جدا على المواطنين أنفسهم.وتحدثت تايبيريا عن انتشار العيادات النفسية في الكويت، مشيرة الى ان هذا العلم تحول الى مهنة تجارية وبيع بالجملة اذ يتم اخذ مجموعة من المرضى وعلاجهم بشكل جماعي وهذا يسيء للمهنة.وأعربت عن أسفها لعدم القيام بأية محاولات من اجل وضع قوانين وتشريعات ترفع مستوى ممارسة علم النفس في الكويت وتقربها من المعايير الدولية، بل انه مع الأسف غابت المعايير التي حاول الشيخ جابر وضعها اثناء مراحل تأسيس العيادات النفسية الحادية عشرة وعادت مرحلة التخبط والفوضى في هذا المجال والتي أضرت بالعمل في المجال النفسي.واشارت الى انه كانت هناك معايير موجودة في الكويت وهي المعايير العالمية لعلاقة المريض بالمعالج النفسي مثل حق المريض في السرية ومعرفة الأجور وشهادات ومؤهلات المعالج النفسي إلا إن كل هذه الأمور التي كان يفترض أن تطبق في الكويت لم تطبق لأسباب كثيرة. دخلاء على المهنةواكدت ان ممارسة علم النفس تحولت من امر فردي بحيث يختار الفرد المعالج النفسي الذي يريده الى عملية تجارية بحتة دخلت فيها الاعلانات التجارية والتسويق فتسببت في ضياع الفرد نفسه لعدم معرفته بالمعالج النفسي الفعلي.وشددت تايبيريا على ظهور جانب تجاري كبير في مجال علم النفس وهناك الكثير من العيادات اصبح عملها تجاريا بالدرجة الاولى فعندما يذهب الناس الى هذه العيادات التجارية ولا يجدون العلاج المناسب فإن ممارسة علم النفس بأكملها تدخل في دائرة الشك.تشريعات وقوانينواكدت ان من السهل استغلال اي شخص لديه مشكلات نفسية، لكن علم النفس الحقيقي لا يقوم على الاستغلال. وقالت: عندما حاولنا وضع تشريعات للمهنة كانت هناك معارضة كبيرة لسبب بسيط انه عندما نعمل مثل هذه التشريعات فإن الكثير من العيادات ستغلق لذلك وجهنا معارضة من قبل الكثيرين.واضافت ان وضع التشريعات والقوانين ستجعل قله قليلة من الاشخاص تمارس هذه المهنة لان عددا كبيرا من العاملين في المجال النفسي غير مؤهلين.واشارت الى ان شروط فتح العيادات النفسية بسيطة جدا وهي اشبه بفتح "بقالة" وبالتالي اصبح الكثير من غير المتخصصين يعملون في المجال النفسي بهدف الكسب المادي على حساب تقديم النصيحة والمعلومة والعلاج النفسي السليم.واكدت تايبيريا ان العنف المنتشر في الكويت تعود اسبابه الى انتشار التقنيات والتكنولوجيا الحديثة وبالذات الانترنت الذي اصبح الكثير من الشباب يستمدون قيمهم واخلاقهم منه واصبح هو مرجعيتهم الاساسية بدلا من الاسرة والعائلة وهذا سبب نوعا من الاضطراب النفسي لدى الكثيرين اضافة الى انتشار الادمان وتعاطي المخدرات في اوساط الشباب.تأثير الغزووشددت على ان الغزو العراقي أثر في المجتمع الكويتي بالكامل وهناك اجيال متعددة تشعر بهذا التأثير، مشيرة الى ان من اصيب باضرابات ما بعد الصدمة ظلت معهم، لافتة الى ان صعوبات التعلم التي يواجهها الاطفال ترجع نسبة كبيرة منها الى تأثيرات الغزو.وقالت ان الغزو تسبب في تفكك الاسر والنظام التعليمي وهناك الكثير من الحالات تغيرت حياتهم ونظرتهم الى الامور بسبب الغزو وجراء الصدمات التي واجهوها.واكدت ان الكويت تعتبر من اعلى الدول في العالم نسبة في حالات الطلاق رغم محاولات الجهات الحكومية اصلاح ذات البين الا ان النسبة مازالت مرتفعة عالميا، كما ان الكويت لديها اعلى نسبة في صعوبات التعلم في العالم.واشارت الى ان اكثر المشاكل النفسية انتشارا في المجتمع الكويتي هي الادمان والتي ترجع بسبب استهلاك الكثير من وصفات الطبية والادوية اضافة الى مشاكل اخرى كالانتحار والمشاكل بين الزوجين والاكتئاب والقلق ومرض فرط الحركة وقصور الانتباه وهو مرض منتشر في الكويت ويسبب الكثير من الحوادث.وأكدت تايبيريا ان وسائل العلاج للامراض النفسية المنتشرة تتمثل في اصلاح النظام التعليمي وتدريب الأطفال منذ الصغر على العادات الصحية المناسبة والطرق الجيدة في الحياة، فضلا عن تدريب اولياء الامور وارشادهم وتعليمهم في شأن المشاكل النفسية المختلفة.30 عاماً من الخبرة تحمل المعالجة النفسية الأميركية الدكتورة فينشينزيا تايبيريا ترخيصا للعلاج النفسي من ولاية كاليفورنيا، وولاية فلوريدا، وسويسرا، وهي عضوة الجمعية الأميركية لعلم النفس. وتمتلك تايبيريا في رصيدها ثلاثين عاما من الخبرة، وحصلت على شهادات رفيعة من مستشفى ميرسي في فلوريدا ومعهد ميامي للقلب، لها العديد من المشورات العلمية ولها إسهامات بارزة في تطوير اختبارات ومقاييس علم النفس.