مصر في النصف الثاني من 2013: عزل مرسي... والجيش يضع «خريطة طريق»
بعد تظاهرات 30 يونيو 2013 الحاشدة في مصر والمطالبة برحيل الرئيس الإخواني محمد مرسي أصدرت قيادات القوات المسلحة في اليوم التالي بياناً اعتبرته قوى المعارضة إنذارًا للرئيس بالتنحي. وفي الساعات الأولى من 2 يوليو وأصدرت الرئاسة بيانًا قالت فيه انها ترى أن بعض العبارات في بيان الجيش «تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب»، وفي اليوم التالي عزلت القوات المسلحة مرسي وأعلنت عدة إجراءات أخرى عُرفت بـ «خارطة الطريق».جماعة «الإخوان» التي عزلت عن الحكم عادت فوراً الى الشارع الا أنه في الساعات الأولى من فجر يوم 14 أغسطس الماضي، قامت قوات الجيش والشرطة، بفض اعتصامين للإخوان في ميدان رابعة العدوية بحي مدينة نصر، وميدان النهضة بميدان الجيزة، ما أسفر عن مقتل الف شخص على الأقل.
وتعقد المشهد السياسي المصري مجددا وانقسم المصريون بين من اعتبر أن ما جرى هو انقلاب عسكري وبين من اعتبره ثورة شعبية تكتسب شرعيتها من الآلاف الذين نزلوا الى الشوارع ضد الإخوان وحكمهم، كما برز الحديث عن نية القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية عبدالفتاح السيسي الترشح للرئاسة، معيدا المخاوف من نفوذ الجيش في المشهد السياسي المصري منذ ثورة 1952.ولاحقت قوات الأمن قادة الإخوان ورمتهم في السجون بانتظار المحاكمات التي بدأ بعضها، كما استمر أنصار الجماعة بالتظاهر خصوصاً في الجامعات، في وقت دخلت البلاد في حرب على الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، كما ضربت المجموعات الإرهابية في القاهرة وفي عدد من المحافظات.ردود الفعل الدولية والإقليمية تجاه ما جرى في 3 يوليو تراوحت بين 3 خطوط عريضة، الموقف الأول الداعم لما جرى والمبادر الى مساعدة السلطات الجديدة ومن الدول التي تبنت هذا الموقف السعودية والامارات خصوصاً، والموقف الثاني الداعم للإخوان والمندد بـ»الانقلاب العسكري» ومثلته تركيا، والموقف الغربي المتردد والذي وجد نفسه مضطرا الى التعامل مع الأمر الواقع فأدان من جهة الانتهاكات التي وقعت بحق الاخوان وبحق كافة الأطراف، ومن الجهة الاخرى لم يسحب اعترافه عن السلطات الجديدة. وكانت واشنطن اعتبرت في البداية أن ما حصل يحمل ملامح الانقلاب، ما دفع السلطات الأميركية الى وقف بعض المساعدات العسكرية لمصر خصوصاً بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة. وفيما يلي أبرز محطات النصف الثاني من عام 2013: الحرب على الإرهاب في سيناءأدت الحرب التي تقودها القوات المسلحة المصرية، منذ عزل الرئيس الإخواني 3 يوليو الماضي، إلى إدخال أرتال عسكرية وآليات ومدرعات إلى شبه جزيرة سيناء، هذا العام، وبصورة لم تحدث منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد أواخر السبعينيات من القرن الماضي، بين الجانبين المصري والإسرائيلي، لبدء حملات أمنية موسعة على بؤر إرهابية. وواجه الجيش المصري حرباً شرسة مع التيار الإسلامي المتشدد في سيناء فقد خلالها العشرات من القتلى وتعرضت مراكزه لهجمات تذكر بالحرب بين الدولة المصرية والمجموعات المسلحة في تسعينيات القرن المنصرم.محاولة اغتيال وزير الداخليةكانت تلك أول سيارة مُفخخة، انفجرت مطلع سبتمبر الماضي، في قلب القاهرة، مستهدفة، في محاولة فاشلة، اغتيال وزير الداخلية المصري، اللواء محمد إبراهيم قرب منزله في ضاحية مدينة نصر. جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تتبنى أعمالاً إرهابية في سيناء تبنت العملية، رداً على فض قوات الأمن اعتصامي ميداني «رابعة» و»النهضة» المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي، وأكدت الجماعة التي اتخذت من سيناء مقراً لها طوال العام المنصرم، استمرارها في تلك العمليات نصرة لدماء القتلى ومواصلة لقتال مَن سموهم المحاربين لدين الله، في إشارة لقوات الأمن.شهيد الواجب المقدم محمد مبروك المقدم الشهيد محمد مبروك كان ثاني ضحايا الشرطة من المسؤولين عن ملف «الإخوان» في جهاز الأمن الوطني، والمقتولين على أيدي التيار الإسلامي المتشدد، بعد مقتل ضابط مكافحة الإرهاب الدولي محمد أبوشقرا في سيناء في النصف الأول من العام الماضي.مبروك سقط برصاص متطرفين أواخر نوفمبر الماضي، بعدما شارك في عمليات القبض على العديد من قيادات «الإخوان»، أبرزهم النائب الأول للمرشد العام للجماعة خيرت الشاطر، فضلاً عن كونه الشاهد الرئيسي في قضية التخابر المتهم فيها الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، وقد أعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» الإرهابية تبنيها العملية.إنجاز «الخمسين» في أيدي المصريينعينت السلطات الجديدة «لجنة الخمسين» لتعديل دستور 2012 الذي اقر خلال حكم الإخوان. وبدأ عمل اللجنة المشكلة بقرار من رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، بدأ في 8 سبتمبر من العام المنصرم، بمقر مجلس الشورى، بانتخاب عمرو موسى رئيساً لها بحصوله على 30 صوتاً، مقابل 16 صوتاً لمنافسه سامح عاشور، وبلغ عدد الحضور بالجلسة 48 عضواً، وضمت اللجنة ممثلين لجميع فئات المجتمع الا انها استثنت الإخوان، كما اخذ عليها انها لجنة معينة وليست منتخبة في حين ان تعديل الدستور يتطلب لجنة منتخبة. ولاقى الدستور ترحيبا من البعض وانتقادات من البعض الآخر خصوصا انه ابقى على صلاحيات واسعة للجيش.الخراب يصل إلى دور العبادة«حرق الكنائس ثمن لبناء الديمقراطية وندفعه بحب».. هكذا علق بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، على حرق أكثر من أربعين كنيسة على أيدي متشددين إسلاميين، بعد 30 يونيو، عقب فض اعتصامي النهضة ورابعة.وعلى الرغم من التصريحات الوطنية لرأس الكنيسة، إلا أن الدولة المصرية، لم تشرع رغم مرور أربعة أشهر على الحدث، في ترميم أي من الكنائس المحترقة، في وقت ينتظر الأقباط، منذ عشرات السنين، قانون «دور العبادة الموحد»، للترخيص ببناء الكنائس على نحو ما يحدث مع المساجد، لا تزال حوالي 100 كنيسة يكسوها اللون الأسود حيث احترقت جدران بعضها بالكامل، ومنها ما تحول إلى أنقاض، وبقيت جدرانه قائمة وشاهدة على الخراب الإخواني، الذي لم تبرأ منه دور العبادة المسلمة أيضاً.مرسي إلى الزنزانةبعد أشهر من سجنه في مكان غير معلوم، ظهر الرئيس المعزول محمد مرسي، في قفص الاتهام، بعدما وجهت له النيابة تهم القتل في أحداث قصر «الاتحادية»، محاكمة مرسي شهدت في 4 نوفمبر الماضي، حالة من الاستنفار الأمني، خشية اندلاع أعمال عنف من قبل أنصاره، ونقلت قوات الأمن جلسات المحاكمة، من معهد أمناء الشرطة بضاحية «طرة» بمنطقة حلون، إلى أكاديمية الشرطة لدواعٍ أمنية، وبعدها نقل إلى سجن برج العرب، وارتدى ملابس الحبس الاحتياطي ليكون ثاني رئيس يحاكم في عام 2013، بعد إخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية «هدايا الأهرام»، حيث نقل على متن طائرة طبية مجهزة إلى مقر إقامته الجبرية بالمستشفى العسكري بالمعادي.