النفط والطاقة: هل سيرضخ القطاع النفطي مرة أخرى لتهديد النقابات؟
إن كانت هناك خطط للطوارئ فلم لا تتم مواجهة الإضراب؟
"تكلم حتى أراك"، هذه العبارة الشهيرة لسقراط لها معنى عميق، أي انه لا يعترف بشكل الانسان الخارجي وما يرتديه او يحمله او يتقلده من منصب او يملكه من اموال، ولكن العبرة بالتعرف اليه والتعبير عن نفسه يكونان بالكلام، والرأي الذي يطرحه.وما نراه اليوم في القطاع النفطي وما تدعو اليه النقابات من اضراب خلق عرفا جديدا في مجتمع الكويت، وهو "اضرب حتى تكسب"، فالاضراب ان كان لمكتسبات العمال الحقيقية فنحن مع هذا النهج، لكن ان يتم استخدام هذه الكلمة لمكاسب شخصية كما يراها احد القياديين فهذا مرفوض، حيث تطالب النقابات حاليا بالضغط على مؤسسة البترول اذا لم يتم الغاء القرار رقم 72/2013، الذي يقضي بخفض الحوافز وتعديل مكافأة المشاركة بالنجاح، علما ان النقابات قد حصلت على مبتغاها من سياسة "لي الذراع" في زيادة رواتبهم فهذا الامر قد اسس عرفا جديدا في المجتمع من خلال التهديد في الاضراب دون اللجوء الى الطرق القانونية.
ووضع قانون العمل الاهلي الجديد آلية معينة لتفادي الإضراب من خلال منازعات العمل الجماعية في المادتين 123-132 وتبدأ من خلال التفاوض المباشر، واذا لم يكن هناك حل يحق لأي طرفي النزاع اللجوء إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووضع لجنة التوفيق، واذا لم يتم الاتفاق خلال شهر واحد من تاريخ ورود طلب النزاع يحال الموضوع الى التحكيم ويصدر حكم خلال فترة لا تتجاوز 20 يوما.والأمر الأهم ما تضمنته المادة 132 التي تشير الى انه في حال وجود تفاوض يحظر على طرفي المنازعة وقف العمل كليا او جزئيا اثناء اجراء المفاوضات. لنفرض ان هذا القانون غائب عن النقابات فهل هو غائب على من وضعه؟ ولماذا لم يتم استخدامه؟كلمة مطاطةمع وجود مثل هذا التخبط لم تحدد النقابات المضربة آلية الاضراب، فهل يرغبون في ترك المصافي تعمل دون اطفائها مما يعرضها للانفجار أم يقومون بإطفاء المصافي تدريجيا؟ وهل سيتم ايقاف عمليات انتاج النفط وبيعه؟ فالى الآن لم توضح تفاصيل الاضراب، ومن هو الشخص الذي سيصدر الامر بإغلاق أي منشأة؟ حيث ان هذه التفاصيل يجب ان تكون واضحة من قبل طالبي الاضراب إن كانوا يرغبون في مصلحة وطنهم، لذا فهي كلمة "مطاطه" واسلوب سمج في التعاطي مع عصب الاقتصاد الكويتي.ومن باب اولى على المسؤولين أن يكونوا حريصين على امن البلد ولا يسمحوا لأي شخص أن يهدد امنه، حيث ذهب احد القيادات النفطية الى الطلب باستدعاء كل من طالب بالإضراب في القطاع النفطي إلى امن الدولة بتهمة التحريض على زعزعة أمن البلد من خلال المساس بالمنشآت النفطية، وإلحاق الضرر بها، وان تعلن الحكومة التفاوض معهم وفقا لقانون العمل الجديد. عشوائية لا حسدإذا كانت هناك زيادات ومطالبات عشوائية للرواتب والحوافز، فمن المؤكد أنها لا تفيد القطاع النفطي، لأن الزيادة يجب أن توجه إلى الشخص صاحب الكفاءة والمتميز والمنتج الذي يطور عمله، وهذه القاعدة معمول بها في جميع الشركات النفطية "المحترمة" في العالم.وينظر بعض العاملين في القطاع النفطي الى ان هناك من يحسدهم على رواتبهم وانهم يستحقون كل الامتيازات لكن في المقابل هم يرضون بالظلم الواقع على باقي الاعمال الاخرى مثل الاطباء والمعلمين، فهل يرضى احد من المطالبين بالاضراب ان يرفض الدكتور علاجه لانه مضرب! ما نحتاجه اليوم هو النظر بشمولية للرواتب في الكويت وليس القطاع النفطي وحده.الجدير بالذكر أن مؤسسة البترول وشركاتها التابعة التشغيلية يفترض أن تكون ذات ربحية، ومن يتميز فيها صاحب الكفاءة دائما، وما نخشاه من زيادة الرواتب والامتيازات أن يستوي فيها الغث والسمين، ويتأثر حينها المجتهد والمنتج الذي يجد نفسه في المرتبة نفسها مع شخص متمرد على عمله.كما يطلب من القطاع النفطي الاستعداد فورا لوضع الخطط لأي تحرك أو إضراب قد يلوح فيه لاحقا لان آلية التعامل مع الاضرابات بالتراجع او الخضوع الى التهديد تشير الى انه لا توجد خطط للطوارئ، وان على المسؤولين اتخاذ الإجراءات من خلال تطبيق القانون وقطع الطريق على كل من يريد أن يشل البلد من خلال التأثير على اقتصاده. لكي لا تكون هناك سياسة للي ذراع البلد من خلال هذه الاضراب وانما يجب أن يسود الحوار، وعلى الحكومة أن تعمل بشكل صحيح وتعطي كل ذي حق حقه.الرضوخ والاستقالاتلا احد يختلف على ان اعضاء مجلس ادارة مؤسسة البترول حاليا من اصحاب الخبرة والكفاءة في القطاع النفطي، فاتخاذهم لقرار خفض الحوافز المالية جاء بعد دراسة فنية وعن قناعة كما ان الوزير ايضا مقتنع بذلك، لكن لا امان للقرارات السياسية في التعامل مع الفنية وتحديدا في القطاع النفطي، ومن المرجع ان تتراجع الحكومة بعد تمسك مؤسسة البترول في قرارها، فقد اشار احد المصادر الى ان هناك استقالات قد تلجأ اليها قيادات عليا نفطية في حال تم التراجع والخضوع.