عاد رشدي إلى بيته منتشياً بفرحة لم يشعر بها سابقاً، غير أنه قبل أن ينقل هذا الإحساس الغامر إلى زوجته، كانت بربارا في استقباله بخبر آخر، لا تعرف كيف سيكون وقعه عليه:

Ad

* لا طبعا بالعكس فرحانة جدا. أنت تستحق أكتر من كدا... بس يعني... في حاجة كدا.

- أيه في أيه؟ مالك؟ زي ما يكون عايزة تقولي حاجة.

* أيوا صحيح... بس مش عارفة أنت هاتفرح ولا هاتزعل.

- لو حاجة هاتفرحك أكيد هافرح.

* أنا النهارده زرت الدكتور أنطونيو ماجري.

- دكتور أنطونيو!! وتفتكري دي حاجة تفرحني... مالك سلامتك.

* الدكتور أنطونيو دا... دا دكتور نساء وولادة.

- أيوا ماشي. يعني عندك أيه... قالك أيه.

* قاللي إنك هاتبقى أب.

- إيه؟ أب!!

* أيوا أب

- يعني أنت...

* أيوا

- آااااااااااااااااااااه

صرخ رشدي صرخة عالية، لم تستطع بربارا أن تفسر معناها، هل هي صرخة غضب، أم صرخة فرح؟ وزاد من حيرتها أنه أتبع صرخته بضحك هستيري، ثم سادت لحظة صمت، استدار بعدها وأخذ بربارا بين يديه، ونظر في عينيها، وابتسم لها ابتسامة، لم ترها على وجهه سابقاً، ابتسامة تجمع معاني الحب والحنان كافة. ثم كانت المفاجأة الأهم بالنسبة إليها، فهي تعرف رأيه صراحة في هذا الموضوع، خصوصاً أنه سبق واتفق معها على تأجيل هذه الخطوة خلال الفترة الأولى من الزواج:

- تعرفي أنا كنت مستني اللحظة دي من زمان... حتى من قبل ما نتجوز.

* ياه. رغم أنك في بداية جوازنا اتفقنا أننا نؤجل الموضوع دا في الفترة الأولى.

- دا صحيح... قلت كدا. بس من جوايا كنت بتمنى يحصل لأني عشت عمري كله وحيد. وكنت بتمنى يكون لي أخ أو أخت.

* ما أنت عندك إخوات من بابا وماما.

- دا صحيح. بس أقصد في الفترة الأولانية لما كنت طفل.

* طب لو جه ولد هاتسميه إيه.

- لو جه ولد هاسميه سعيد لأني بحب الاسم دا أوي... لكن بيني وبينك بتمنى من ربنا تكون بنت.

* غريبة... ليه؟

- نفسي تجيبي لي أم وأخت وحبيبة.

* وأنا مش كل دول؟

- أنت مراتي

* بس!!

- وهي الزوجة ممكن تكون إيه غير إنها زوجة؟

* كده!! وهاتسميها إيه الست أمك وأختك وحبيبتك.

- في اسم صادفته من فترة لفت نظري... وحبيته أوي.

* حبيت الاسم ولا صاحبة الاسم.

- لا حبيت الاسم واتمنيت اسميه.

* وأيه هو الاسم دا؟

- قسمت... قسمت رشدي أباظة.

كانت لحظة سعادة فارقة في حياة رشدي أباظة، الذي راح يحصي الأشهر والأيام، انتظاراً لقدوم «قسمت» التي ما إن جاءت حتى ملأت عليه حياته، بل والأهم أنها عملت على تغييرها بشكل كبير، فلم يعد يسهر خارج البيت لساعات متأخرة، كما لم يعد يشرب داخل البيت. بل كان يرفض أن تشرب بربارا أو تدخن، خوفاً على «قسمت»، لكنها كانت تضرب بكلامه عرض الحائط، فعادت المشاكل تدب بينهما، خصوصاً مع إصرار بربارا على الخروج والسهر، في الوقت الذي اعتاد فيه رشدي العودة مبكراً إلى البيت، ما كان سببا في إحساس رشدي بالتعاسة الحقيقية. حتى سمع خبراً أدخل إلى قلبه السرور والسعادة، ذلك الخبر الذي تلقاه مع مصر كلها، في السادس والعشرين من يوليو 1956، بتأميم قناة السويس، شركة مساهمة مصرية، رداً على رفض البنك الدولي تمويل مشروع «السد العالي»، ما أدى إلى غضب الدول الاستعمارية، لفقد سيطرتها على «قناة السويس».

الانتصار

انتهزت إسرائيل الفرصة عندما تلاقت مقاصد الاستعمار الغربي مع مقاصدها بتأميم شركة قناة السويس، واتفقت على مؤامرة مع كل من إنكلترا وفرنسا، وبدأت القوات الإسرائيلية تهاجم الحدود المصرية في التاسع والعشرين من أكتوبر من العام نفسه، وأنذرت الدولتان الاستعماريتان كلا من مصر وإسرائيل بوقف القتال، على أن تقف قوات كل منهما على بعد أميال قليلة من جانبي «قناة السويس». غير أن مصر رفضت الإنذار، فهاجمت القوات الاستعمارية الإنكليزية والفرنسية منطقة القناة لتطويق الجيش المصري في سيناء، لكن القيادة المصرية فوتت عليهم هذا الغرض فارتدت وأخلت سيناء، فتقدم الجيش الإسرائيلي واحتلها. أما الفدائيون من رجال الجيش بمشاركة الشعب، فاستمروا في قتال القوات الاستعمارية في مدينة بور سعيد، لتتدخل الأمم المتحدة وتندد بالعدوان الثلاثي، وتطالب المعتدين بالانسحاب. غير أنهم تابعوا قتالهم في مدن القناة، حتى ضغطت الولايات المتحدة الأميركية على إنكلترا وفرنسا، ثم هدد الاتحاد السوفياتي الدول المعتدية، بالإضافة إلى ثورة العمال العاطلين عن العمل في إنكلترا وفرنسا، ضد حكومتيهما، ما مثل أوراق ضغط على الدول المعتدية، فسحبوا قواتهم، لتكسب مصر المعركة سياسياً، بعدما ضربت بور سعيد وشعبها أروع مثال في البطولة والصمود، كما لم يتخل الشعب المصري عن دوره الوطني ضد هذا العدوان.

حرص رشدي أباظة أن يكون في مقدمة صفوف الفنانين الذين بدأوا يجمعون تبرعات للمجهود الحربي، فضلاً عن مساندتهم لأهالي بورسعيد في إعادة إعمار المدينة. غير أن الزعيم جمال عبد الناصر رأى أن ثمة دوراً للفن والفنانين، أكبر من جمع التبرعات والمساهمات المادية والمساندة المعنوية، وهو فضحهم لأطماع القوى الاستعمارية أمام العالم، فكان هذا الرأي أقرب إلى التكليف المباشر من رأس الدولة. اجتمع الرئيس جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر وأنور السادات، مع الفنان فريد شوقي وتم الاتفاق معه على تقديم فيلم سينمائي، ليكون وثيقة تفضح الأطماع الاستعمارية والعدوان الثلاثي على مصر، مع تقديم المساعدات كافة التي يحتاج إليها.

شعر فريد شوقي بأنه أمام مهمة وطنية، وليس مجرد فيلم سينمائي سيضاف إلى رصيده ورصيد كل من سيعملون به، فحرص على توفير العناصر الفنية كافة التي تضمن خروج هذه الوثيقة الفنية بما يليق بهذه المهمة.

بدأ فريد شوقي إنتاج الفيلم في نهاية عام 1956 من خلال شركته {أفلام العهد الجديد} وأشرف على الإنتاج المنتج والمخرج حلمي رفلة، وبلغت تكاليف إنتاجه حوالى 35 ألف جنيه، واختار المخرج عز الدين ذو الفقار، الذي كتب السيناريو والحوار والإخراج، وأتى بثلاثة مخرجين يعملون معه كمساعدين هم عبد الله بركات، أحمد عيسي، وأنور الشناوي، ومدير التصوير عبد الحليم نصر، والمصور كمال كريم، وتصميم المناظر عبد المنعم بهنسي، والموسيقى التصويرية فؤاد الظاهري.

شارك في الفيلم عدد كبير من نجوم السينما المصرية، وحرص رشدي ألا تفوته هذه الفرصة، فشارك فيه أمام بطله ومنتجه فريد شوقي، وزوجته هدى سلطان، ومعهم شكري سرحان، ليلى فوزي، زهرة العلا، ضابط الجيش «الصاغ» أحمد مظهر، توفيق الدقن، حسين رياض، أمينة رزق، زينب صدقي، عدلي كاسب، فاخر فاخر، محمد رضا، نعيمة وصفي، سراج منير، نور الدمرداش، كمال ياسين، حسين كمال، وزيزي البداروي.

رصد الفيلم المقاومة الشعبية لأهل منطقة القناة وبورسعيد ضد العدوان الثلاثي الغاشم، مع توضيح دور شبكة الجاسوسية التابعة للمخابرات الإنكليزية، لفضح المؤامرات الدنيئة التي يقودها الخونة والجواسيس لأجل الإيقاع بمصر.

ما إن انتهى تصوير فيلم «بور سعيد» الذي جاء «سكوب» أبيض وأسود، ومدة عرضه على الشاشة 130 دقيقة، حتى سارع فريد شوقي بعرضه، فلم يحدث في تاريخ السينما العالمية أو العربية، أن عرض فيلم روائي عن إحدى الحروب القصيرة التي شهدها العالم الحديث، بعد نهاية هذه الحرب بسبعة أشهر فقط، غير فيلم «بورسعيد» الذي عرض في الثامن من يوليو 1957 في دار سينما {ريفولي}، أي بعد جلاء العدوان الثلاثي على مصر، في 23 ديسمبر 1956 بأقل من سبعة أشهر، وقد صورت مشاهده الخارجية في أماكنها الطبيعية في مدينة بورسعيد الباسلة سواء في وقت العدوان أو عقب الانسحاب، فيما نفذت مشاهده الداخلية في أستوديو مصر.

على رغم صغر دور رشدي أباظة في الفيلم، مثل بقية الأدوار على كثرتها، فإنه أشعره بفخر شديد، وإن لم يكن هذا رأي بربارا زوجته التي أبدت استياءها من مشاركته بدور صغير، بغض النظر عما إذا كان دوره بمثابة مهمة وطنية أم لا، ما جعل رشدي يضيق بها ذرعا، ولولا وجود الصغيرة «قسمت» لكان أنهى هذا الزواج الذي تحول إلى قيد حول رقبته. كذلك لاحظ التحول الكبير في شخصيتها وتصرفاتها، ولم يجد له رشدي سبباً، إضافة إلى أنها لم تعد تطيق الجلوس في البيت، وصارت دائمة السهر، فلم يجد رشدي أمامه سوى الانشغال بعمله، خصوصاً أن العروض انهالت عليه من كل المنتجين والمخرجين بعد فيلم «بور سعيد» بدأها بفيلم «تجار الموت» مع فريد شوقي، الذي أراد أن يعوضه مادياً عن تضحيته بالمشاركة في فيلم «بور سعيد».

كتب «تجار الموت» علي الزرقاني، وأخرجه كمال الشيخ، وشارك فيه إلى جانب فريد شوقي ورشدي أباظة، محمود المليجي، إيمان، سعيد أبو بكر، سلوى عز الدين، وأحمد أباظة، الذي التقى للمرة الأولى آنذاك مع ابن عمه رشدي، في دور ثانوي، رغم أن أحمد كان قد سبقه إلى التمثيل بسنوات عدة، ولم يلتقيا إلا بعد مرور كل هذه السنوات، وهو ما حدث مع صديقه المقرب أحمد رمزي، فقد قرر المخرج حسين فوزي أن يجمعهما معاً في بطولة مشتركة، أمام زوجته الفنانة نعيمة عاكف في فيلم «تمر حنة» من تأليفه وإخراجه.  

تناول الفيلم أسطورة الحب الأبدي بين «ابن الباشا» والفتاة الفقيرة، «تمر حنة» الفتاة الغجرية، التي تتمتع بقدر كبير من الجمال والخفة، لكنها من طبقة فقيرة تتحدر إلى أصل «الغجر»، والفتاة التي ترقص في «الموالد» يربطها قدرها بالشاب القوي {حسن} ابن عرقها (رشدي أباظة). لكن يعجب بها {أحمد} (أحمد رمزي) ابن ثري القرية، فيحاول أن يقربها إليه رغم معارضة والده، فيقوم بتهيئتها وتقديمها لوالده باعتبارها من أصل عريق، وينجح في الفوز برهانه مع والده بأن المظاهر لا تفرق بين غني وفقير. ومع توالي الأحداث يكتشف الأمر، ويكون حسن قد عزم الأمر على قتل {تمر حنة} التي تمردت على أهلها وأصلها، وبعد أن يطعنها ويهرب، تظن تمر حنة أنه هرب، فتعترف لأحمد بحبها لحسن، ويسمع حسن اعترافها، فيعود ليأخذها ويتزوج منها.

شارك مع رشدي وأحمد رمزي ونعيمة عاكف، كل من المطربة فايزة أحمد وسراج منير وزينات صدقي واستيفان روستي.

قبل أن ينتهي عام 1957، ارتبط رشدي أباظة بثلاثة أفلام أخرى. اختاره المخرج حسن الإمام ليشارك عماد حمدي وفاتن حمامة بطولة فيلم {لن أبكي أبدا} من تأليف محمد مصطفى سامي، وشاركهم البطولة عبد المنعم إبراهيم ووداد حمدي، وفاخر فاخر، ونجمة إبراهيم، والفنان زكي رستم، الذي ما إن التقى رشدي حتى صاح في وجهه:

* أنت يا واد أنت بتغيظني.

- أنا يا أستاذ زكي؟

* أيوا أنت.

- قبل أي حاجة أنا آسف... بس يهمني أعرف أنا عملت إيه غلط. والله مشاهدك أنت بالذات حافظها صم. لأني عارف أنك ما بتحبش تعيد أي مشهد... ولو الممثل اللي قدامك مش حافظ بتبقى مصيبة.

* أنا مش قصدي كدا خالص.

- أمال عملت إيه زعلك.

* أنك ممثل هايل.

- أيه؟ أنا أيه؟!

* أيوا... ممثل هايل. الواحد بيقعد يذاكر ويحفظ وتطلع عينيه قدام الكاميرا. وأنت تيجي تقف تقول الكلمتين وأنت سايب إيدك من غير زعيق ولا انفعالات ويطلع شغلك هايل.

- يا خبر يا أستاذ أنا مش أد الكلام ده... دي شهادة عظيمة منك.

* لا يا رشدي... أنا سبق وقلتلك إنك ممثل كويس. لكن أنت بتتقدم بسرعة... خد بالك من نفسك يا رشدي لأن هايبقالك مستقبل كبير.      

شكلت كلمات زكي رستم لرشدي دافعاً كبيراً لأن يهتم بكل كبيرة وصغيرة في عمله، حتى أصبح زملاؤه الفنانون حريصين على أن يشاركهم أعمالهم، ربما أكثر من المنتجين والمخرجين. فما إن كانت تسند بطولة إلى أحدهم أو إحداهن، حتى يطلب من المخرج مشاركة رشدي أباظة في الفيلم، مثلما فعل معه يحيى شاهين وهند رستم. فبعدما شاركهما بطولة فيلم «نساء في حياتي» من تأليف حسين حلمي المهندس، وإخراج فطين عبد الوهاب، الذي التقى للمرة الأولى بصديقه القديم مدرب الرقص علي رضا، فسارعا إلى ترشيحه للمخرج صلاح أبو سيف ليشاركهما وفاتن حمامة وعمر الشريف وعماد حمدي ومريم فخر الدين، في رائعة إحسان عبد القدوس «لا أنام» التي حولها صالح جودت والسيد بدير إلى سيناريو وحوار، في أضخم إنتاج لذلك العام، إذ جمع أكبر عدد من نجوم السينما المصرية في عمل واحد، بعد فيلم «بور سعيد».

جسد رشدي في فيلم «لا أنام» دور العشيق الذي يتسبب في كارثة تهدم أسرة، من خلال عشقه للزوجة (هند رستم) التي تتزوج يحيى شاهين، والد نادية (فاتن حمامة)، بعدما تسببت في طلاق والدها من الزوجة الأولى المخلصة بسبب غيرتها منها. لكنها تكتشف خيانة زوجة والدها مع رشدي، وخوفاً على والدها من الصدمة، تدعي أن العشيق يأتي لأجلها، ويضطر إلى الموافقة على زواجه منها. وتجد زوجة الأب الفرصة سانحة لتمارس خيانتها مع عشيقها بعدما أصبح وجوده في البيت رسمياً. لكن نادية لا تستطيع أن تمضى في التستر على الخيانة إلى النهاية، فتصارح أباها ليلة عقد القران بالحقيقة، ويتدخل القدر مجدداً، إذ تصل إحدى الشموع إلى ثوب زفافها فتشتعل فيه النار، وتنقل إلى المستشفى، حيث تنقذ حياتها، لكن يصاب جسدها بتشويه من أثر الحريق.

دخل رشدي أباظة تصوير فيلم «لا أنام» بحذر شديد، خصوصاً أنه كان يضم أكثر من نجمة، لا يستطيع الصمود أمام أي منهن. غير أن كل واحدة منهن كانت المحاذير تحيط بها مما يجعله يفكر ألف مرة في الاقتراب منها، إلا أن وجوده في الفيلم فتح باباً قديماً، اجتهد طويلاً أن يغلقه، لأسباب أخلاقية.

البقية في الحلقة المقبلة

رسالة إلى عبدالناصر

أهدى فريد شوقي نسخة من فيلم «بورسعيد» إلى الرئيس جمال عبد الناصر وكتب رسالة قال فيها: «إلى زعيم الحرية جمال عبد الناصر... إن اللحظات التاريخية التي اجتازها شعب مصر خلال العدوان الثلاثي الغاشم أثبتت للعالم أننا شعب مجيد، قاوم بربرية المستعمرين ببسالة، وسطر في التاريخ بنصره أروع مواقف البطولة وهو يكافح لأجل القيم الإنسانية والحضارة والمستقبل، ولأجل أن يسود السلام والحرية والطمأنينة والخير،

والفن المصري الذي كان مجرد وسيلة للتسلية في العهود البائدة، التي ساندت الاستعمار ضد الشعب، عرف دوره في هذه المعركة الوطنية فقام ليصنع الساعات التاريخية بما وسعه الجهد، لأجل انتصار الإنسانية على البربرية، وانتصار الخير على الشر، وانتصار الحرية على الاستعمار. كان هناك دور ينتظر الفن، دور أكبر مما قام به خلال المعركة وهو يسجل وحشية المستعمرين وبربريتهم وخستهم وفظائعهم، قررت أن أنتزع للفن شرف القيام بهذه المهمة الجليلة، فأنتجت فيلم {بورسعيد}، الذي أقدمه اليوم مسجلاً فيه ما ارتكبته قوى البغي والعدوان من همجية وبربرية ووحشية.

إن فيلم {بورسعيد} سيقول للعالم الحر المؤمن بحق الإنسان في أن يعيش في سلام، بأنه رغم ما ارتكبته قوات الاستعمار الغاشم في المدينة الباسلة بورسعيد، إلا أنها عاشت لتعلن للعالم أن الحرية ستنتصر في النهاية. إننا نؤمن اليوم بأن الفن رسالة ضخمة في الطريق الذي تسعى إليه البشرية لأجل إقرار السلام والحب والطمأنينة والخير، ولهذا جندنا كل قوانا ومواهبنا لتحقيق هذا الهدف السامي.

وأخيرا أرجو أن أكون قد أديت في هذا الفيلم بعض ما ينبغي أن أقوم به كمواطن مصري يؤمن بالحرية وحق الشعوب في أن تعيش حرة كريمة آمنة}.