"شنو المطلوب منا" ماذا نعمل، القبس نشرت (الجزء الأول) من الخطة المالية الرابعة للدولة، وبالخط العريض ورد تحذير بأن مالية البلاد في خطر بين عامي 2020 و2030، والأسباب المعروفة لهذا الخطر وكما تعارفت عليه الأدبيات المالية، مثل: تضخم بند الرواتب والأجور في القطاع العام، والذي يستهلك 57% من الدخل، ضعف القوى العاملة الكويتية في القطاع الخاص والتي لا تتجاوز نسبتها 6%، اختلال التركيبة السكانية لصالح الوافدين، الذين يشكلون ثلثي سكان الدولة! أين الجديد في ما سبق، وماذا تريدون من الناس أن تصنع؟! فرئيس الحكومة حذر من قرب نهاية دولة "الرفاه"، بمعنى أن السنوات العجاف قادمة لا محالة... ما لم... وهذه الكلمة (ما لم) التي يطلب منا أن نفك شفرتها. يعني هل المطلوب من الناس أن تتوجه إلى العمل بالقطاع الخاص (وكأن قطاعنا الخاص يصنع طائرات البوينغ والإيرباص وليس مجرد مولات وبوتيكات وكيل كويتي عن شركات أجنبية) وتترك وظيفة التوقيعات الحكومية وسندويشات الضحى وبكل ميزاتها الاتكالية؟ هل المطلوب من المواطن المستريح أن يتخلى عن ميزات الخادمة والطباخ والسائق بالنسبة لبعض الشرائح الاجتماعية؟ وقبل كل هذا، هل المطلوب ان يتعلم المواطن تقديس العمل أياً كان نوعه؟ وعلى ذلك هل يفترض أن تتخلى الدولة عن جيوش الخدم والعمالة الأجنبية التي لو توقفت عن عملها يوماً واحداً "لفطست" الديرة بمن فيها؟

Ad

لا أحد يجادل بأن لدينا إشكالية في قيم العمل، فكويتي سنة 2000 ليس كويتي ما قبل عصر النفط بصفة عامة، ولا أحد يعترض على أن الدولة وفرت الكثير من التسهيلات للسكان، مثل التعليم والصحة والإسكان (الأخيرة لم تعد متوافرة)، وبذخت من حساب المستقبل حتى ينسى الناس المشاركة السياسية، ويشغل المواطن عن هموم المستقبل وأخطارها السياسية والاقتصادية... أيضاً هي الدولة السلطة ذاتها التي لم تعدل في ميزان العطاء والسخاء، فبعض المقربين للبلاط الحاكم "هبشوا" المليارات، أما غيرهم من الأكثرية فتم إلهاؤهم بهدايا إسقاط فواتير الكهرباء، ودعم السلع الاستهلاكية من الجمعيات التعاونية، وعطايا جزئية متناثرة لم تعوض أبداً رداءة الخدمة العامة في معظم أجهزة الدولة... أين هي العلة؟ هل هي قطاع عام مترهل أم قطاع خاص هامشي، أم إدارة الدولة؟!

مرض الدولة معروف، وليس المواطن سببه، بل هو ضحية له، المرض عندكم أنتم لا غيركم أنتم السبب، أنتم الذين تسيرون الدولة، فأنتم ولا أحد يشارككم، لا مجلس أمة ولا بطيخ من اتخذ بالأمس ويتخذ اليوم القرارات السيادية، وأنتم المسؤولون أولاً وأخيراً عن محنتي الفساد الصغير المتمثل بعطايا الإلهاء السياسي ونهج "اجلس في بيتك ويصلك الراتب"، وتضخم الوظيفة العامة وترهلها والفساد الكبير وصورته غياب حكم القانون في الاختلاسات العامة الكبرى بشتى صورها... ما هو المطلوب الآن بعد أن عرضتم خطتكم المالية...؟ ماذا يصنع المواطن؟ هل بيده القرار؟ هل يشارك فيه حتى تبشروه بالخطة إياها عن حالة الدولة المريضة...؟ ماذا يصنع وأنتم كنتم ومازلتم تدعون "البخاصة"، أي العلم الجامع لكل صغيرة وكبيرة في دولة السير على البركة... ولأبنائنا الغد المجهول ببركة إدارتكم.