تتضمن رواية «أعلن التنحي عن هذا الكرسي» 20 جزءاً يتتبع المؤلف خلالها حكاية رجل وثلاثة نساء عاشوا ظروفاً استثنائية صعبة.
يمزج الكاتب بين السرد والخواطر مستفيداً من تجاربه في الكتابة التلفزيونية والسينمائية من خلال تشابك الحدث وتنوع الشخصيات، مسلطاً الضوء على قضايا مهمة تعتبر مادة ثرية للأعمال الدرامية. في الجزء الأول «صبيحة يغشوها الاصفرار»، يكثف الكاتب فلاح رحيل من جرعة السوداوية التي تطبق على أفكاره، لا سيما أنه يهدف إلى إشراك القارئ ضمن الهم المتناول في السرد، مفضلاً المزيد من التوغل في الحالة النفسية التي يعيشها المريض القابع على السرير الأبيض، ويقول ضمن هذا السياق: «يا لصبيحة يناير هذا... هذا المطر أراه غباراً أسود والبرد أحسه قيضاً حارقاً، ووجوه الأصدقاء ء أشبه بضجيج المدن نهاراً وقرع الطبول ليلا». تهطل أحداث الرواية ألماً وقلقاً منذ الوهلة الأولى، نزيف التعب يتدفق مع إشراق الصباح، فنور بداية اليوم ينبئ بحسب الحكاية بغبار أسود وسخونة في الأحداث وضجيج وقرع طبول، وتحديد الزمن في شهر يناير، وهو انطلاقة العام، لم يبعث في نفس الكاتب تفاؤلاً بل جاء مصحوباً بالألم والحسرة تأكيداً على ديمومة حزنه وكأنه يعد أعوام حزنه المتواصلة.العتمةاستمراراً للعتمة المسيطرة على الحكاية، يسرد الكاتب تفاصيل ليال عالقة في ذاكرته التي عاشها، ورغم تواضع الإمكانات وشظف العيش، فإنه يتندر إلى تلك الأعوام الفائتة، مسترجعاً جانباً من تفاصيل الليالي التي لم يكن يزينها نور المصباح بل اجتماع الأحبة حيث الأحاديث العفوية بعيداً عن تعقيدات المناسبات راهناً وبهرجة المدنية الحديثة.المكانيسعى الكاتب إلى رصد المفارقات بين إشراق الصباح الباعث للألم وعتمة الليل المحملة بالفرح المتقد في الذاكرة، ويتتبع العمل حكاية فتاة (سهى) يرفض والدها تزويجها ممن تحب، فتقرر الهرب إلى مكان آخر تعيش فيه بكنف حبيبها سعد، وبعد نجاح ما خططت إليه، وفي الطائرة وضعت رأسها على كتف حبيبها، مسترجعة ذكرياتها مع الحصار المفروض عليها من والدها فلم تكن تدرك الفتاة أنه حتى في لحظات الفرح سيبدد والدها سعادتها، فتذرف الدموع، ويحاول الحبيب إخراجها من أجواء الذكريات المؤلمة بكثير من الوعود الوهمية والحب والغرام. كانت سهى تقارن ما يحدث لها واقعياً بالوعود الوردية فلا تجد غير الكذب والزيف وعدم الاهتمام، وانشغل سعد عنها باستكمال تحصيله العلمي، وعاشت سهى فترة صعبة جداً فلم يكن لديها أي حل آخر سوى الصبر.فكرةعقب إتمام سعد دراسته عاد بمعية سهى إلى الكويت، فظنت الأخيرة أن عذاباتها ستلفظ نهايتها، لكن أحلامها ذهبت أدراج الرياح، فكانت الصدمة الأولى لها رفض والدها استقبالها معلناً براءته منها، وجاءت الصدمة الثانية من زوجها وحبيبها الذي استأجر شقة صغيرة لم تكن ضمن سيناريوهات أحلامها في مملكتها الخاصة. أكثر من ذلك، لم تقتصر الصدمة على المساحة والمكان بل كانت منوعة، إذ إن سعد لم يعد الحبيب الرومانسي فعمله صار كل شيء في الصباح والمساء وإن وجد بقية من الوقت يفضل أن يمضيها في بيت والده. رغم ذلك، لم تعلن سهى اعتراضها وتذمرها فحب سعد يسيطر عليها. قررت أن تبحث عن عمل وفعلاً وجدت وظيفة في أحدى الشركات الخاصة، وحينما أبلغت حبيبها بالوظيفة الجديدة رفض الفكرة من الأساس، وأمام تمسكها برأيها وجدت نفسها خارج الشقة وتطرق الباب فلا تجد إجابة.انتهت العلاقة الزوجية بالطلاق، وبحثت سهى عن مأوى فوجدته في شقة لصاحب الشركة التي تعمل فيها، لكن هذه الإقامة كان ثمنها كبيراً جداً.يتضمن الكتاب تفاصيل منوعة مستقاة من واقع أبطال العمل، تشهد صعوداً وهبوطاً في الحدث.
توابل
فلاح رحيل يرصد حكاية رجل وثلاث نساء
27-10-2013