عندما يصل الفساد إلى مصدر الحياة للإنسان وخلق، فهذا أمر يجب ألا يمر مرور الكرام، ويجب أن تقف عنده كل السبل لمحاربته وإبادته واستئصاله من جذوره.

Ad

وعندما ترتفع أهمية الربح الفاحش على أهمية حياة الإنسان، هنا نكون قد وصلنا إلى انعدام الدين والإنسانية.

إن الله جلّ في علاه قال وهو أصدق القائلين "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، والفاسدون والراغبون في الربح الفاحش عكسوا هذه الآية الكريمة، فالماء بدلاً من أن يكون مصدراً للحياة أصبح مصدراً للقتل ومصدراً للأمراض. فقبل فترة طالعتنا الصحف بنتيجة فحص لأحد أنواع المياه المعدنية في الكويت، حيث تبين أنه يتسبب بمرض السرطان (عافانا الله وإياكم منه)، مما أسفر عن حالة من الذعر بين المواطنين والمقيمين.

فإذا كان الخبر صحيحاً، فما الإجراء الذي اتخذته الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والهيئة العامة للصناعة تجاه هذا الخبر.

الأمر ليس بالهين أو البسيط أو العابر، فهذه أرواح بشر، تنطبق عليه الآية الكريمة  "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" [المائدة: 32].

وحتى لا يكون هناك ظلم لأحد، وجب أن نتعرف على الأسباب التي لوثت تلك المياه، وما الإجراء الذي تم إجراؤه لمعالجة ذلك التلوث؟ وهل كان المصنع على دراية بذلك التلوث لحظة تزويد السوق بذلك الماء؟ وأسئلة كثيرة لا مجال لذكرها.

على الجهات الحكومية المعنية بالأمر، متابعته والتحقيق فيه ومحاسبة كل من له علاقة بتلوث ذلك الماء، وإن استدعى الأمر إغلاق المصنع وسحب الرخص، فأرواح الناس أهم من كل شيء. إن الذي استفحل في أروقة الوزارات والمؤسسات، طغى وانتشر ليصيب أساسيات الحياة، في الأمس الهواء، واليوم الماء، ولا نعلم ماذا سيصيبه الفساد في أيامنا القادمة.

لقد تعدى الأمر أن نعترف بوجود الفساد، فهذا الأمر منتهٍ، وعلينا منذ سنوات محاربته مذ أن كان صغيراً.

فيا أصحاب القرار ارحموا ترحموا، واتقوا الله يجعل لكم مخرجاً من حيث لا تحتسبون.

وما أنا لكم إلا ناصح أمين.