كان المفكر والدبلوماسي الألماني الشهير فيلفريد هوفمان يضع في ذهنه دوماً عبارة قالها له أحد الأطباء المشاهير في ألمانيا عندما تعرض لحادث سير كاد يودي بحياته، وظل بسببه في غيبوبة دامت أسبوعين كاملين، فقد أهله خلالها الأمل في عودته إلى الحياة، ولهذا فعندما دبت في جسده الحياة من جديد قال له طبيبه المعالج: "إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع أحد، وان الله يدخر لك يا عزيزي شيئاً خاصاً جداً".

Ad

يضيف هوفمان: ظللت طوال الوقت أبحث عن هذا الشيء الذي يخبئه لي الله تعالى، وحدث أن تعينت عقب تخرجي في الجامعة في الخارجية الألمانية، حيث انتقلت للعمل في السفارة الألمانية بدولة الجزائر، وهناك شهدت بنفسي كيف يضحي المواطن المسلم بحياته سعيداً مسروراً من أجل استقلال بلاده، واندهشت أكثر وأنا أرى الجزائري المسلم كيف يحارب الاستعمار الفرنسي وفي نفس الوقت يحافظ على أخلاقيات دينه في عدم التعرض للمرأة ولا الكهل ولا الطفل، هنا قررت أن أقرأ عن الإسلام، وظللت أقرأ حتى بعد عودتي إلى ألمانيا لأصل إلى نتيجة مفادها أنني لابد أن أعتنق هذا الدين، وبالفعل أعلنت إسلامي في عام 1980 لأغير اسمي إلى "مراد هوفمان".

يتابع: "عندما تعرضت لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الإعلام الغربي بسبب إسلامي، لم يستطع بعض أصدقائي أن يفهموا سبب عدم اكتراثي بهذه الحملة، وكان يمكن لهم العثور على التفسير في هذه الآية "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، وبعدما أشهرت إسلامي بدأت مسيرة التأليف، فقدمت كتباً مثل "يوميات مسلم ألماني"، و"الإسلام عام ألفين"، و"الطريق إلى مكة"، و"الإسلام كبديل" الذي أحدث ضجة كبيرة في ألمانيا.

ويتحدث هوفمان عن التوازن الكامل والدقيق بين المادة والروح في الإسلام فيقول: "ما الآخرة إلا جزاء العمل في الدنيا، ومن هنا جاء الاهتمام في الدنيا، فالقرآن يلهم المسلم الدعاء للدنيا، وليس الآخرة فقط "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً"، وحتى آداب الطعام والزيارة تجد لها نصيباً في الشرع الإسلامي.

ويتعجب هوفمان من إنسانية الغربيين المنافقة فيكتب: "في عيد الأضحى ينظر العالم الغربي إلى تضحية المسلمين بحيوان على أنه عمل وحشي، وذلك على الرغم من أن الغربي مازال حتى الآن يسمي صلاته "قرباناً"، ومازال يتألم في يوم الجمعة الحزينة لأن الرب "ضَحَّى" بابنه من أجلنا!