«مراتي مدير عام»... «الحكومة الإلكترونية» تبدّل مسار الفيلم

نشر في 17-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 17-07-2014 | 00:01
No Image Caption
المؤكد أنه لو توافرت النوافذ الإلكترونية الحديثة في عصر فطين عبدالوهاب لتبدّل مسار فيلم «مراتي مدير عام» تماماً. كيف؟ هنا صيغة معاصرة لهذا الفيلم.
عقب وصول عصمت (شادية) المديرة الجديدة لتولي مهام منصبها الجديد، يحاول أحد الموظفين ويُدعى «أبو المجد» الوصول إلى حسابها الشخصي على «فيسبوك» ليدرس شخصيتها ويفهم طبيعتها، ومن ثم يقرر هل يتقدم لها بطلب الحصول على عطلة كي يتزوج.

فجأة يصرخ وسط زملائه «وجدت الحساب»، ومكتوب فيه «مطلقة» الأمر الذي يلفت انتباه صلاح ذو الفقار (حسين). ثم يدخل أبو الخير (توفيق الدقن) على زملائه وكعادته يخبرهم بأنه تمكن من تجميع المعلومات كافة عن المديرة الجديدة وفي مقدمها أنها عزباء، الأمر الذي يصيب الجميع بالدهشة فيخفقون في الوقوف على حقيقة حالة المديرة الاجتماعية، وأسباب نقلها للعمل في إدارتهم.

بعد أيام من تولي «عصمت» مهام عملها، وبينما ينشغل حسين في مراجعة أوراق خارج مكتبه، يرن هاتفه بإشعار لتطبيق «واتس آب» تظهر فيه صورة المديرة مزيلة باسم «حبيبتي»، فتساور الجميع الشكوك، ويبدأون في التغامس والنميمة حول المدير و{حبيبته».

توافر النوافذ الإلكترونية الحديثة في عصر فطين عبدالوهاب كان ليبدل مسار فيلم «مراتي مدير عام» تماماً، فعبر «البوابة الإلكترونية الحكومية» على الإنترنت حيث يتم تناقل أخبار الترقيات وتولي المناصب، سيعرف الجميع المعلومات كافة التي تخص المديرة الجديدة، عبر ملفها الشخصي والذي يكشف أهم نقطة وهي أنها زوجة زميلهم حسين، الأمر الذي لن يضطر معه الزوج إلى مصارحة زملائه في النهاية بأن «المدير العام» هي زوجته.

حاز «مراتي مدير عام» جائزة المركز الكاثوليكي لأحسن فيلم في عام 1966، وهو من إخراج فطين عبد الوهاب وبطولة شادية وصلاح ذو الفقار. يتعرض  الفيلم لقضية حقوق المرأة في ظل التغيرات الاجتماعية التي تمر بها البلاد ورؤية المجتمع وإيمانه بضرورة عمل المرأة، وذلك من خلال زوج مهندس في إحدى شركات المقاولات، تُنقل زوجته لتولي الإدارة حيث يعمل، ما يترتب عليه مفارقات مضحكة كثيرة.

المؤكد أن كوميديا «مراتي مدير عام» لم تصنع للضحك، بل هدفت إلى تصحيح مفاهيم وانتقاد مجتمع تسيطر عليه معتقدات بالية. كتب القصة الكاتب الكبير عبد الحميد جودة السحار، أما الحوار السينمائي فكان لسعد الدين وهبة، وكان المنتج المنفذ الفنان صلاح ذو الفقار.

وشاركت شادية وصلاح ذو الفقار في الفيلم نخبة متميزة من النجوم. تبدأ الأحداث بالزوجين السعيدين عصمت (شادية) وحسين (صلاح ذو الفقار)، وبتشجيع الزوج زوجته على العمل وفرحه لنجاحها، إلى أن تصل إلى أعلى المناصب، فتتغير رؤيته بشكل كلي بمجرد أن تصبح مديرة للمصلحة حيث يعمل.

يعود الزوج المحب المتفتح إلى المفاهيم الخاطئة التي تسود مجتمعاتنا الشرقية، وأبرزها رفض أن تكون المرأة رئيسة الرجال في العمل، لا سيما زوجها، فما كان منه إلا أن تجنّب مصارحة زملائه بحقيقة كون المديرة هي زوجته.

وجسدت شادية باقتدار دور المديرة بشخصيتها القوية فرأست نماذج مختلفة من البشر واستطاعت التعامل معها لإنجاح المؤسسة، وذلك في إطار كوميدي وخفة دم. ورغم كونها مديرة لم تنس أنها زوجة فنجدها تسارع إلى إعداد الطعام لزوجها، وتحاول إرضاءه رغم أنه يمارس عليها سلطته داخل المنزل ليشبع رجولته التي يشعر أنه فقدها لأنها أصبحت مديرته.

تعليقات

تتصاعد الأحداث في إطارها الكوميدي ولا يجد الزوج مفراً من أن يعلن للجميع أن المديرة زوجته، ويجد أن زملاءه يتقربون منه ويطلبون الوساطة لديها لتنفيذ مطالبهم فيثور، ويصل الأمر به إلى أن يجرح زوجته أمامهم قائلاً: «انت وظيفتك الكنس والمسح والغسيل يعني شغالة»، وهو موقف يصلح تماماً لمشادة إلكترونية على «فيسبوك» أو «تويتر» عبر سلسلة تعليقات غاضبة على «الغروب المغلق» أو «التشات الجماعي»، تنتهي عادة في عالمنا بـ «الحذف» أو «البلوك»، لتترك الزوجة المصلحة حرصاً على رغبتها في الحفاظ على زواجها وزوجها. أما الأخير، فيرى مشهداً يؤثر فيه: صياد يصطاد وزوجته تساعده وتجدف بالمركب، فيشعر بالخطأ الذي ارتكبه نحو زوجته وينوي تصحيحه والاعتذار لها، ولكنه يفاجأ بنقلها من المصلحة، فيسرع بكتابة طلب نقل إلى المصلحة الجديدة التي ستعمل فيها زوجته.

 يخاطب الفيلم المشاهدين بضرورة تغيير المعتقدات الخاطئة والتي تنظر إلى المرأة بدونية، ويؤكد على أن المرأة شريكة الرجل في الكفاح وأنها قد تكون مديرة ناجحة وزوجة في آن.

ينتهي تسلسل الأحداث بمشهد تقف فيه شادية وسط العمال في المؤسسة الجديدة، لتفاجأ بعامل يقدم لها باقة ورد ويطلب نقله إلى المؤسسة الجديدة، تنظر إلى وجهه فتجده زوجها. وبرؤية معاصرة لقضية الفيلم ومحاولة إسقاطها على واقعنا، نتخيل أن صاحبة الأزمة يستضيفها برنامج «كلام نواعم» على فضائية mbc  حيث تتحدث عن معاناتها في التوفيق بين دور الزوجة وبين مسؤولية العمل، لتفاجأ في نهاية البرنامج بمداخلة هاتفية من شخص يشكرها على مجهودها ويقدر دورها ويطلب منها العمل تحت إدارتها، ونكتشف أنه زوجها. لتكون نهاية مختلفة للفيلم ولكن بصبغة حداثية.

back to top