الشباب ورنين اليأس

نشر في 14-02-2014
آخر تحديث 14-02-2014 | 00:01
 د. محمد لطفـي لأول مرة -ولظروف اجتماعية خاصة- أتغيب عن مصر أكثر من 4 أشهر منذ قدومي إلى الكويت في 1999، ورغم قصر الـ4 أشهر في نظر البعض فإنني اعتبرها فترة طويلة، لذلك كانت فرحتي كبيرة بإجازتي القصيرة التي قضيتها في مصر، ومن الطبيعي أن أسعى لمعرفة الرأي الشعبي المصري عن قرب، من خلال التفاعل المباشر مع المواطنين، وبعيدا عن الإعلام الأحادي الذي أتابعه في الكويت، سواء الإعلام الانقلابي أو الرافض للانقلاب.

فللأسف تغيب المهنية تماماً في التعامل الإعلامي مع ما يحدث في مصر، وأصبح الإعلام ترويجياً ودعائياً لفكر ضد آخر دون النظر إلى صواب هذا الفكر أو خطئه، ودون أي محاولة مهنية صادقة لعرض وجهة النظر الأخرى.

وانتقل النمط نفسه إلى صفحات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت ميداناً للصراع لا للحوار، وللخلاف لا للنقاش، فكل شخص يعتقد بصواب وجهة نظره، وخطأ الآخر ولا فرصة لإقناعه بوجهة النظر الأخرى ولا بمناقشته على الأقل فيها.

لذلك كان من الضروري الاستماع المباشر إلى رأي نماذج مختلفة من المواطنين البسطاء والشباب، خصوصاً مع غياب أي قياس علمي للرأي العام.

وفي محاولة سريعة لرصد بعض الظواهر الحالية في مصر نجد:

أولاً: يأس الشباب: وضح تماماً ورغم بعض المسيرات التي ينظمها الشباب هنا وهناك والمناوشات والمضايقات التي يتعرضون لها، وضح تماماً أن نغمة اليأس لديهم بدأ رنينها يعلو عما كانت عليه، وبدأ الشباب يشعرون فعلا بضياع "ثورة يناير" وآمالها.

ثانياً: عودة الفساد: أصبح الفساد يتناسب طردياً مع يأس الشباب فكلما ازدادت صور الفساد ومظاهره زاد الشعور باليأس عند الشباب، ومن أكبر مظاهر عودة الفساد عودة الرشوة والمحسوبية، وكذلك عودة الشرطة إلى سابق عهدها من بطش وظلم واعتداء على المواطن البسيط "اللي مالوش ظهر". ورغم العودة الظاهرة للشرطة في الشارع فإن المواطن لا يشعر بالأمان، فقد عاد فقط الوجه القبيح للشرطة ولم يظهر أي جانب إيجابي، وعادت "الداخلية" للاهتمام بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي والاجتماعي.

ثالثا: السيسي... "بجنيه": من المظاهر غير المقبولة ولا المعقولة التي شاهدتها في إجازتي القصيرة مشهد استغلال البعض لحال الهياج الإعلامي المؤيد لقائد الانقلاب في محاولة لتحويله إلى أسطورة أو إله من خلال الربط بين اسمه وأي سلعة يمكن بيعها والاستفادة من ورائها، فهناك ذهب السيسي وشوكولاتة السيسي وتمثال السيسي... إلخ. وكذلك تباع الآن على الأرصفة وفي وسائل المواصلات بطاقة السيسي وبياناتها كالآتي:

الاسم: عبدالفتاح سعيد حسين السيسي.

العنوان: قصر الاتحادية - مصر الجديدة.

المهنة: منقذ مصر.

الرقم: 25411192013630

والباعة ينادون: "بطاقة السيسي بجنيه"، "تعديك من الكمين... بجنيه"، "تحميك من الإرهابيين... بجنيه"، ومع تكرار النداء وحماس البائع يتحول النداء  "السيسي بجنيه... السيسي بجنيه"... فهل ما يحدث هو حب لشخص الرجل؟ أم سخرية منه؟ وهل هو حب موجه أم بالأمر؟ أم هي سخرية متعمدة؟ ولماذا يتم السماح بها؟... هذا ما ستكشفه الأيام!

back to top