في مشهد أشبه بالمسرحية، يستعد النظام السوري لتنظيم انتخابات رئاسية في مناطق نفوذه تبقي الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم، رغم أن الانتفاضة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 160 ألف شخص وتشريد أكثر من 6 ملايين في الداخل والخارج ودمار البنى التحتية، كانت تطالب برحيله.    

Ad

يمضي النظام السوري اليوم في انتخابات رئاسية توصف تارة بأنها مهزلة ديمقراطية وطورا بانها استفتاء رئاسي، الا أن الثابت أن الرئيس السوري بشار الأسد الذي قتل بسبب تمسكه بالسلطة ما لا يقل عن 160 الف شخص سيبقى في موقعه.  

فبينما يعترف العالم كله بأن الاوضاع في سورية اصبحت معقدة جدا مع دخول الإرهاب بقوة الى ساحة الميدان ومشاركة مقاتلين اجانب في الصراع الى جانب التغييرات الإقليمية التي شهدتها المنطقة وفشل بعض تجارب «الربيع العربي»، الا أن السوريين أو جزءاً كبيراً منهم لايزالون يأملون بالعيش في كنف دولة تحترم حقوقهم وكرامتهم وحريتهم ويعتبرون أن هذا لن يتم الا برحيل الأسد وجزء كبير من قادة نظامه الذين تورطوا في جرائم حرب حسب ما تقول الامم المتحدة.

وأعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات الرئاسية في سورية أمس أن الوقت المخصص للاقتراع قد يمدد لمدة لا تتجاوز خمس ساعات «في حال كان الإقبال كثيفاً على صناديق الانتخاب».

ودعي الى الاقتراع، بحسب وزارة الداخلية، 15 مليون ناخب، الا ان العملية الانتخابية ستقتصر على المناطق التي يسيطر عليها النظام والتي يعيش فيها، بحسب خبراء، ستون في المئة من السكان، علما ان هناك ثلاثة ملايين لاجئ خارج سورية أدلت نسبة محدودة جدا منهم باصواتها في السفارات السورية الاسبوع الماضي.

وعلى الرغم من انها ستكون نظريا «الانتخابات التعددية» الاولى في البلاد، فان المعارضين يقولون انها لا تختلف عن «الاستفتاءات» السابقة التي ابقت بشار الاسد ومن قبله والده حافظ الاسد في السلطة مدى عقود.

ونقلت صحيفة «الوطن» القريبة من السلطات عن مصادر امنية ان «خطة متكاملة بدأت في كل المدن السورية لحماية الناخبين والمراكز الانتخابية، وأن قوات الجيش العربي السوري وقوى الأمن والأمن الداخلي في حالة استنفار تامة لتوفير الأمن والأمان للسوريين الراغبين بممارسة حقهم وواجبهم الانتخابي». وشددت المصادر على ان «كافة المراكز الانتخابية آمنة ولا يوجد أي داع للقلق».

واعلنت السلطات أن المراكز الانتخابية المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية بلغت 9601 مركز انتخابي تضم 11776 صندوقا موزعا على كل المحافظات السورية. وكتبت صحيفة «الثورة» الحكومية في عددها الصادر أمس «سيقول السوريون كلمتهم غدا... وسيعلمون الاعداء (...) انهم سادة رأيهم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».

واضافت: «غدا ستحتضن صناديق الاقتراع في جميع المحافظات خيارات الشعب السوري بانتخاب قائد لوطنهم سورية ليعيد الامن والامان اليها ويحفظ سيادتها ويصون ترابها».

الجربا

وفي خطاب وجهه الى السوريين، قال رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا أمس إن «سياسة النظام هي القتل والدمار حتى يصوت له ما تبقى من الناس»، محذراً من «حمام دم سيرتكبه النظام غدا باستهدافه مراكز التصويت» داعيا السوريين الى التزام منازلهم. ورأى الجربا أن «ما سنراه غداً هو تنصيب للأسد من الولي الفقيه في إيران» مضيفاً أن «عصابة الأسد تتغذى من إيران وميليشيا حزب الله».

اشتعال الجبهات

وصعدت قوات المعارضة المسلحة السورية استهداف المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام مع عشية موعد الانتخابات الرئاسية المقرر اجراؤها اليوم. وقتل عشرة اشخاص على الاقل أمس في تفجير سيارة مفخخة في بلدة الحراكي التي تسكنها غالبية علوية شرق مدينة حمص (وسط).

وقتل 50 شخصا على الاقل بينهم تسعة اطفال خلال يومين جراء قصف مقاتلي المعارضة لاحياء يسيطر عليها النظام السوري في مدينة حلب (شمال)، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان أمس، الذي اعتبر مديره رامي عبدالرحمن ان «تصاعد استهداف المقاتلين للاحياء التي يسيطر عليها النظام مرتبط باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية».

واعلن المرصد السوري أن «13 شخصا لقوا مصرعهم بينهم نساء واطفال فيما سقط عدد من الجرحى معظمهم بحالة خطرة جراء انفجار اربعة براميل القيت بالقرب من جامع نور الشهداء في حي الشعار بحلب».

وفي المليحة بريف دمشق دارت اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة المدافعة عن البلدة وقوات النظام ومقاتلي حزب الله اللبناني ومسلحين من جنسيات عربية وقوات الدفاع الوطني الموالية للنظام والتي تحاول منذ اسابيع اقتحام البلدة.

وتمكنت الكتائب المعارضة المناوئة لتنظيم «داعش» من السيطرة على 14 قرية بدير الزور شرق البلاد عقب اشتباكات بين الطرفين، فيما سيطر «داعش» على بلدة البصيرة وجبلها بالريف الشرقي لدير الزور عقب اشتباكات عنيفة مع مقاتلي جبهة «النصرة» وكتائب اسلامية متحالفة معها استمرت عدة ايام استخدمت فيها كافة انواع الاسلحة.

ومنع «داعش» أهالي منطقة الرقة من السفر خارج المدينة وذلك تخوفا من اجبارهم على التصويت في الانتخابات الرئاسية في محافظات اخرى.

وسقطت قذيفة اطلقت من الاراضي السورية فجر أمس على موقع للجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان بدون ان تسفر عن سقوط ضحايا كما اعلن ناطق باسم الجيش.

مراقبون!

واعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية والامن القومي في البرلمان الايراني علاء الدين بروجردي أمس الأول أن وفودا من تسعة بلدان حليفة لدمشق ستشرف على مجريات الانتخابات الرئاسية في سورية والتي تعتبرها المعارضة «مهزلة ديمقراطية».

وقال بورجردي ، خلال مقابلة تلفزيونية، ان ممثلين عن اوغندا وزيمبابوي وبوليفيا والفلبين وفنزويلا وطاجيكستان سيرافقون وفدا من النواب الايرانيين الى دمشق، واضاف ان نوابا روسا ولبنانيين وصلوا الى سورية.

وادعى ان الولايات المتحدة اقترحت بقاء الأسد في السلطة لمدة عامين وعدم إجراء انتخابات، وقال: «أميركا تخشى من شرعية الأسد مع الانتخابات السورية لذلك اقترحت بقاءه  لمدة عامين وعدم اجراء الانتخابات».                         

وأوضح بروجردي ان «القضية السورية مرتبطة مع قضية المقاومة المقدسة أمام الكيان الصهيوني وهذا الأمر يتمتع بمكانة خاصة في السياسة الخارجية الإيرانية».

(دمشق، بيروت ـ أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)