وثيقة لها تاريخ : «الفيحاني» شيخ وطواش وسياسي ولد بـ «المحرق» وسكن «الغارية» واستقر بـ «دارين» وتوفي في الهند
ورد اسم محمد بن عبدالوهاب في عدد من الوثائق القديمة التي عثرتُ على بعضها، منها وثيقة بتاريخ 19 صفر 1315هـ الموافق 20 يوليو 1897م وهي مرسلة من الوكيل الإخباري لبريطانيا في الكويت محمد رحيم عبدالنبي صفر إلى المعتمد البريطاني في الخليج الميجر ميد، يقول فيها إن "يوسف بن ابراهيم" وصل الى البحرين في بوم ومعه احد رجاله المقربين وهو "منصور الخشتي"، وبعد يوم غادر البوم بعد ان تزود بالمؤونة الغذائية، إلا أن "منصور" بقي في البحرين بعد مغادرة السفينة. كما تشير الوثيقة إلى أن "محمد بن عبدالوهاب الفيحاني" وصل من البدع، وهي منطقة في البحرين، والتقى بيوسف الإبراهيم في البحر مقابل راس لَفّان وأخذ منه كتاباً موجهاً الى أمير البحرين الشيخ عيسى بن خليفة.وهنا يتضح ان محمد بن عبدالوهاب كان يلعب دوراً حيوياً في الصراع الذي كان دائراً بين الشيخ مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم... فما هو هذا الدور؟ وما هي تفاصيله؟ دعونا في البداية نتحدث عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتفاصيل حياته الغامضة، التي لم يكتب عنها الكثير.
انه الشيخ محمد بن عبدالوهاب الفيحاني السبيعي المولود في المحرق بالبحرين في عام 1842 حسب بعض الروايات، وقد درس العلوم الشرعية في مكة المكرمة وفي الاحساء، سكن منطقة "الغارية" في شمال قطر بعد أن استأذن من الشيخ قاسم آل ثاني الذي يرتبط به بعلاقة مصاهرة، وتجمع حوله العديد من القبائل والناس لكرمه وحسن معشره وأخلاقه الطيبة، وبنى قصراً كبيراً سكنه وأسرته، وبعد سنوات طويلة قرر الرحيل، لأسباب غير واضحة، مع أسرته ومجموعة من أتباعه وأقاربه من قطر للاستقرار في ميناء دارين بجزيرة تاروت. وتم النزوح من قطر بالتنسيق مع الأتراك، الذين كانوا يسيطرون على نواحي الأحساء والقطيف، وذلك بعد وقعة الغارية في عام 1303هـ الموافق عام 1885م. كان الفيحاني تاجراً كبيراً تخصص في تجارة اللؤلؤ فبلغ شأناً كبيراً في ذلك وأصبح من أبرز التجار في الخليج، كما كان له طموح سياسي، وكأنه كان يريد أن تكون له مشيخته ودويلته المستقلة، وفعلاً كان له ذلك لفترة ما ثم اندثرت. توفي في عام 1906 أو 1907 وله من الأولاد جاسم، وراشد، وأصبح جاسم أميراً على دارين بعد والده حتى وفاته عام 1937م في حادث مأساوي في الهند. ولجاسم وراشد العديد من الأولاد والبنات الذين تفرقوا بين قطر والبحرين والدمام والخبر، وأبناؤهم يعيشون في هذه الدول والمناطق حالياً، أما ما يتعلق بالوثيقة التي نحن بصددها اليوم، فهي وثيقة كتبها الوكيل الإخباري لبريطانيا في البحرين محمد رحيم عبدالنبي صفر بتاريخ 19/10/1897م وأشار فيها إلى تحركات محمد بن عبدالوهاب مع احد رجال عبدالعزيز بن رشيد عندما قدم الى البحرين، وتشير أيضا إلى شخص آخر من الوجهاء في البحرين وهو التاجر "مقبل بن عبدالرحمن الذكير" الذي سنتحدث عنه بشيء من التفصيل في مقال قادم ان شاء الله.تقول الوثيقة: "من البحرين ربورت في 19 أكتوبر 1897حضرة جناب العالي الجاه ذوي الشوكة والاجلال الاحشم الاكرم الصاحب الميجر ميد باليوز وقونسل جنرال الدولة البهية القيصرية في خليج فارس المفخم دام مجده آمين بعد السلام والسئوال عن صحة ذاتكم العلية لازلتم في خير وعافية ولا يخفى على سعادتكم في 19 جمادى الاول سنة 1315 مطابق 17 اكتوبر 1897 وصل في الميل اسيريا من البصرة رشيد بن ناصر رجّال بن رشيد والمقرب عنده ومعه نفرين ونزل في بيت مقبل بن عبدالرحمن الذكير ثم بتاريخه سافر مع محمد بن عبدالوهاب في ماشوته الى قطر طرف الشيخ جاسم بن ثاني فلأجل اطلاعيتكم عرضنا في خدمتكم لتحيطون به علما ودمتم سالمين ومحروسين والسلام حرره في 21 جمادى الاول سنة 1315 مطابق في 19 اكتوبر سنة 1897 صحيح محمد رحيم عبدالنبي صفر".