الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية سابقاً أحمد جويلي لـ الجريدة.: العرب يحتاجون إلى صحوة اقتصادية على غرار الصحوة الدينية
بناء نموذج اقتصادي إسلامي ناجح يساهم في وقف الإساءة للمسلمين
يؤكد الأمين العام السابق لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية وخبير الاقتصاد الإسلامي، الدكتور أحمد جويلي أن الإسلام أوجد تشريعات اقتصادية قادرة في حال تطبيقها على مواجهة كل الأزمات المالية على مستوى الفرد والأمة كلها، وعلى المسلمين العمل على الاستفادة من آليات الاقتصاد الإسلامي. وأضاف جويلي في حواره مع "الجريدة" أن الأمة الإسلامية تحتاج الى صحوة اقتصادية مماثلة للصحوة الدينية التي يعيشها الكثير من المجتمعات اليوم، وإذا تمت هذه الصحوة فسوف نتخلص من آفات اجتماعية واقتصادية خطيرة، تفاصيل الحوار في السطور التالية.
• برأيك لماذا تخلف المسلمون على الرغم من إمكاناتهم الهائلة وكذا مظاهر الصحوة الدينية الواضحة في شتى أنحاء العالم الإسلامي؟- تخلف المسلمون لأن الصحوة الدينية لم تتجه نحو الإصلاح المجتمعي الشامل، بل تركز في المظاهر فحسب، ويكمن السبب في غياب دور الإعلام الاقتصادي المتخصص، فللأسف الشديد دأَبَ الناس على أن يتخذوا من مظاهر الإقبال على المساجد مصلين راكعين ساجدين ومن مظاهر تزايد الحجيج المتجه إلى بيت الحرام دليلاً على أن المسلمين مازالوا بخير وأنهم ملتزمون بأوامر الله عز وجل مبتعدون عن نواهيه ولكن البيان الإلهي يضعنا أمام مقياس آخر يا عباد الله فتعالوا نتأمل في هذا المقياس الذي نقرؤه في كتاب الله عز وجل يقول الله سبحانه وتعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ" (البقرة: 204) ولهذا فإذا كنا نرغب في التقدم والنمو فعلينا أن نتذكر حديث النبي (ص) عندما قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً " فنحن في حاجة إلى إصلاح المجتمع وتخليصه من الفساد والإفساد ومواجهة الرشوة تلك الجريمة التي تسري ما بين الراشي والمرتشي والتي تشل فاعلية القوانين والشرائع كما على التجار والبائعين أن يبتعدوا عن الغش وأنواعه فما أكثر أنواع الغش سواء في السلعة ونوعها أو في الثمن والأكاذيب التي تحاك من حولها كما تأخر المسلمون بسبب التخلف العلمي والجهل المتفشي في كل مجالات الحياة وبشكل واسع هذا على الرغم من أن الإسلام يحث بقوة على طلب العلم ويجعله في مقام الفريضة على كل مسلم ومسلمة.• يقول البعض إن تراجع الأثرياء عن دفع أموال الزكاة أحد أهم أسباب تزايد الفقر في مجتمعاتنا... كخبير في الاقتصاد الإسلامي كيف نفعل دور الزكاة؟- لست معك في أن الأثرياء المسلمين لا يدفعون زكاة أموالهم فأنا أعرف الكثير من الأثرياء الحريصين على توجيه زكاة أموالهم في أوجهها الشرعية الصحيحة والواقع يؤكد أن كثيرا من أثرياء المسلمين يؤدون فعلا ما عليهم من زكاة ولكن المشكلة أن كل واحد منهم يصرفها منفردا ولهذا لا تحقق الهدف الذي شرعت من أجله فالأمر يحتاج فعلا إلى التكامل بين مختلف الدول العربية والإسلامية في هذا المجال الحيوي ويجب أن يعمل علماء الدين على الاجتهاد قدر الإمكان لتبصير المسلمين بأهمية الزكاة الشرعية والاقتصادية ولا مانع من وجود تشريعات تلزم الأثرياء بدفع زكاة أموالهم لهيئات معينة وتستطيع تلك الهيئة أن تصرف تلك الأموال في مصارفها الشرعية. • وماذا عن الأوقاف الإسلامية؟- لا ننسى في هذا الإطار أيضاً الوقف فلو نجحنا في توعية الأثرياء المسلمين بدور الوقف فإننا سنتخلص سريعا من الفقر والجوع نهائيا ومن الممكن أن نطرح حينذاك فكرة أن يقوم رجال الأعمال العرب والمسلمين بتأسيس بنك شعبي لاستثمار أموال الزكاة لصالح الفقراء وقد يكون هذا البنك الشعبي نواة لصندوق النقد الإسلامي ولو نجحنا في تحقيق ذلك التكامل فسوف ننجح فيما بعد في تبني صيغ أكثر شمولية مثل السوق العربي المشترك وتوحيد العملة ونحن نمتلك كل تلك المقومات التي نستطيع من خلالها تنفيذ هذه الإصلاحات التي نحتاجها لتقويم مبادئ اقتصادنا.• تراجعت مستويات التنمية في العالم العربي بشكل كبير كيف يساهم الاقتصاد الإسلامي في دفع معدلات التنمية إلى أعلى؟- وفق المفهوم الإسلامي فإن التغير الهيكلي في المناخ الاقتصادي والاجتماعي هو أصل التنمية وبهذا يؤكد على أن التغير الهيكلي في النشاط الإنتاجي يعتبر أثراً أو نتيجة من نتائج التنمية ولكن ليس سببا لها والتغير الهيكلي أو الجذري في المناخ الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية وهي الشريعة التي وضعها الله سبحانه وتعالى لخير أمة أخرجت للناس لذلك فإن تطبيق الشريعة شرط ضروري للتغير في المناخ الاقتصادي الاجتماعي وعلى سبيل المثال فإن تطبيق الشريعة سوف يسقط النظام الربوي ويسقط النظام الضريبي الوضعي ليحل محله نظام الزكاة وسوف يُحَمّل السلطة الحاكمة مسؤولية محاربة الاحتكار بكل أنواعه وأشكاله الضارة وتنقية السوق من كل المعاملات غير الشرعية أو التي تفسد المنافسة الخالصة القائمة على الأخوة الإسلامية والرفق في المعاملات.• وكيف يروج المسلمون لمبادئ الاقتصاد الإسلامي من وجهة نظرك؟الأمر بسيط للغاية فقط على المسلمين بناء نموذج يوضح للعالم مبادئ الاقتصاد الإسلامي وهذا النموذج لابد أن يكون مجسدا في الواقع الذي يبين عظمة التشريع الإسلامي كما حدث في زمن الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز هذا من جانب ومن جانب آخر على المسلمين الذين لم يطبقوا أيا من مبادئ الاقتصاد الإسلامي أن يبذلوا جهودا لاستيعاب وفهم ما كتبه علماء الأمة حول الموضوع حتى لا ينساقوا وراء من ينعق بعدم قدرة الاقتصاد الإسلامي على الصمود أمام الأزمات الاقتصادية الراهنة فمثلا في أزمة التمويل العقاري التي ضربت العالم قبل عدة سنوات كان من الممكن تطبيق نظام التمويل الإسلامي وسينجح هذا النظام في بناء منظومة استثمارية ناجحة في المجال العقاري لأن المشكلة أو الأزمة جاءت من إباحة الفائدة الربوية وجاءت من إباحة بيع الديون وبيع الديون يقوم على الفائدة الربوية وجاءت لأن المضاربة لم تعد على سلعة وإنما تحولت إلى مضاربة على أموال بدلا من أن تكون عقود تداول حقيقي وكل هذا مرفوض في الشريعة الإسلامية أما نظام التمويل الإسلامي فنظام قائم على تنمية النظام التمويلي الإسلامي ويقدم بديلا آمنا وناجحا بل إن تجربته في البنوك الإسلامية والمؤسسات التمويلية الإسلامية أكدت هذا النجاح.