لا «جنيف2» ولا ألف جنيف

نشر في 03-02-2014
آخر تحديث 03-02-2014 | 00:01
 صالح القلاب لا "جنيف1" ولا "جنيف2" ولا حتى جنيف ألف سينهي هذه الأزمة السورية، التي حولها بشار الأسد إلى أزمة إقليمية ودولية، ما لم يغير الروس والإيرانيون مواقفهم ويدركوا أنَّ ألْسنة النيران المندلعة في سورية ستصل إلى ثيابهم، والحقيقة أنَّ هذا العنف الذي حوَّله النظام السوري والإيرانيون ومعهم الروس إلى عنف طائفي وصلت بداياته إلى إيران وروسيا الاتحادية، وأن القادم سيكون أعظم ما لم تدرك موسكو وطهران أنَّ من يلعب بحرائق هذه المنطقة سوف يكتوي بجمرها، وسوف يدفع الثمن غالياً في النهاية.

ما كان من الممكن أن يركب بشار الأسد رأسه ويواصل حربه المدمرة ضد شعب لم يعد شعبه، وضد بلد لم يعد بلده، وكان من الممكن أنْ يختار "الهريبة" قبل أنْ تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، لو لم تصبح إيران طرفاً رئيساً في هذه الحرب، ولو لم تصبح هذه الحرب حرب روسيا الاتحادية لاستعادة مكانة كانت فقدتها في المعادلة الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بدايات تسعينيات القرن الماضي، فأصبحت دولة هامشية وثانوية مثلها مثل كل دول أوروبا الشرقية، التي كانت جزءاً مما يسمى المنظومة الاشتراكية.

وكما قد بات معروفاً وغير جديد فإن إيران، وهذا معلن وقاله الولي الفقيه مرشد الثورة علي خامنئي بعظمة لسانه أكثر من مرة، فإنَّ طهران أو بالأحرى حوزة "قُم" قد شعرت، وهذا صحيح ولا نقاش ولا جدال فيه، بأنها إن سقط نظام بشار الأسد وإنْ هي خسرت هذا النظام فإنها ستخسر الزاوية الرئيسة في مشروعها التوسعي في هذه المنطقة الذي يشكل حزب الله (اللبناني) زاويته الثانية، في حين يشكل حُكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زاويته الثالثة، هذا بالإضافة إلى حوثيي اليمن وحركة "حماس" ونظام حكمها البائس في غزة.

ويقيناً، وهذا ما لا يمكن نكرانه، أنه لولا الروس أولاً وإيران ثانياً ولولا الإسناد الطائفي من العراق ثالثاً ولولا حزب الله رابعاً فإنه ما كان من الممكن أن يصمد بشار الأسد حتى الآن، وأنه ما كان من الممكن أنْ تدمَّر المدن والبلدات والقرى السورية كل هذا الدمار، وأيضاً فإنه ما كان من الممكن أنْ تكون هناك كل هذه الأعداد الفلكية من القتلى والجرحى والمشردين، سواء داخل وطنهم أو خارجه، وبهذا فإنَّ المجرم الفعلي هو روسيا الاتحادية وهو جمهورية الولي الفقيه الإيرانية، وهو كل هذه الشراذم الطائفية المُرسلة من العراق، وهو حزب الله وميليشياته التي لولاها لسقط نظام بشار الأسد خلال ثلاث ساعات كما قال أحد كبار قادة هذا الحزب.

ولهذا فإنه لا حلَّ ولا خروج من هذا المأزق ما لم يُجبَر الروس على وقف تدخلهم في هذا البلد العربي، أو يُقنَعوا بأنهم يحاربون حرباً خاسرة، وأنَّ هذا العنف الذي يضرب سورية سوف يصل إليهم في النهاية، وما لم تتلقَّ إيران ضربة راعفةً على أنفها وتدرك أنَّ مَن بيته من زجاج يجب ألاَّ يضرب الآخرين بالحجارة، وأيضاً ما لم يفهم نوري المالكي أنه سيدفع ثمناً غالياً إن هو استمر في الانخراط في هذه اللعبة المكلفة، وأنه يضع نفسه وبكل وضوح إلى جانب بشار الأسد عندما يقول قاصداً الأميركيين: "إننا نحارب الإرهاب بينما هُمْ يزودونه بالأسلحة".

وإن الولايات المتحدة بترددها وتراجع مواقفها مقارنة بالبدايات هي المسؤولة عن كل هذا الدمار والخراب، وكل هذه الجرائم التي ارتُكبت في سورية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وأنها المسؤولة عن تمادي الروس والإيرانيين في المشاركة العسكرية المباشرة في ذبح الشعب السوري؛ ولذلك ومرة أُخرى فإن المراهنة على هذه الـ"جنيف" وعلى ألف جولة مقبلة لها كالجولة السابقة لا يمكن أن تحقق أي تقدم ما لم يبادر الأميركيون والأوروبيون والعرب المعنيون إلى إحداث خلل لمصلحة المعارضة السورية في المعادلة العسكرية الحالية.

back to top