عناصر من الجيش المصري انضمت إليها وتقود جناحها العسكري... وأنشأت مدرسة «أحمدوف» للتدريب

Ad

بلغة تهديد ووعيد مغلفة بآيات قرآنية وأحاديث نبوية مزجت جماعة «أنصار بيت المقدس» بين الدين والإرهاب، ومن شبه جزيرة سيناء أطلقت يدها لتعيث في الأرض فساداً، بينما لم يكن لاسمها أي علاقة بـ«تحرير القدس» بل تركّز نشاطها في بداية ظهورها مع وصول الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي إلى السلطة في تفجير خطوط الغاز التي تمر من سيناء وبعد عزل مرسي في 3 يونيو 2013، تحوّلت إلى تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الشرطة والجيش والمدنيين، لعل أبرزها عملية تفجير مديرية أمن الدقهلية شمال القاهرة 24 ديسمبر الماضي.

«الجريدة» تحاول من خلال السطور التالية رصد هذه الجماعة ونشأتها وأبرز عملياتها الإرهابية، ومدى قوتها على الأرض.

تُعرِّف جماعة «أنصار بيت المقدس» نفسها بأنها‮ «‬مجموعة من المصريين قاموا لمواجهة الذل وهبوا للدفاع عن أمتهم ونصرة دينهم‮ ‬واسترجاع ثروات الأمة وصيانة أعراضها،‮ ‬وذلك دون الانزلاق في ألاعيب السياسة وفخاخها» و››أنصار بيت المقدس›› من الجماعات المسلحة التي استوطنت سيناء وأعلنت أنها تحارب إسرائيل، ولكن بعد سقوط نظام الإخوان أعلنت أنها تحارب الجيش المصري وقوات الأمن.

وتنتشر فروع الجماعة التكفيرية في عدة دول عربية وإسلامية مثل تنظيم «أنصار بيت المقدس» في أرض الشام والعراق وبلاد المغرب العربي وليبيا وقطاع‮ ‬غزة وأرض الكنانة، وتدعو في مجملها إلى «فتح الحدود بين البلدان التي يسكن معظمها المسلمون أي الدول العربية،‮ ‬والقول بأن الحدود تراب والاشتباك في مناطق النصرة للمسلمين»‮.

وتكشف مصادر سيادية رفيعة المستوى لـ«الجريدة» أن «أنصار بيت المقدس»، هي أحد فروع تنظيم «القاعدة» الإرهابي، وقائدها موجود داخل قطاع غزة ويتم إدارتها من زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، كما أن لهم اتصالات مع محمد عبدالسلام مبروك وهو زعيم تنظيم القاعدة في مصر، الذي تبحث عنه الأجهزة الأمنية في سيناء.

وقالت المصادر: إن «أنصار بيت المقدس» هي أحد الأطراف المتورطة في مذبحة رفح الأولى أغسطس 2012، وكانت لها علاقات بنائب المرشد العام لجماعة «الإخوان» خيرت الشاطر، والقيادي الإخواني محمود عزت، وكانت تعقد مقابلات في مقابر أبيس بجوار الطريق الزراعي السريع بين مصر والإسكندرية، واجتمعوا قبل مذبحة رفح بـ24 ساعة مع عناصر تابعة لتنظيم «الإخوان».

وأوضحت المصادر أيضاً أن «الجماعة تضم عناصر فلسطينية وسورية وأفغانية ومصرية ومنها مجموعات تعمل في الجهاد في سورية وليبيا»، كما أن لها معسكرات تدريب قرب الحدود الغربية المصرية مع ليبيا، تضم جنسيات مختلفة منها الألمانية والباكستانية والليبية والسورية والفلسطينية، وهي معسكرات تسمى «الجهاديين الألمان»، وهناك معسكرات تابعة لأنصار بيت المقدس موجودة في ليبيا.

أبرز عناصرها

المفاجأة هي انضمام عناصر تم فصلها من الخدمة في القوات المسلحة المصرية في عام 2002، نتيجة محاولتهم نشر أفكار متطرفة داخل الجيش، ومنهم الرائد المفصول عام 7002 وليد بدر الذي أعلن مسؤوليته عن عملية «أنصار بيت المقدس» في استهداف وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم وهناك ضابطان آخران تم تدريبهم جميعاً في معسكرات داخل أفغانستان عقب فصلهم وعادوا مجدداً عقب تولي مرسي الحكم لينضموا إلى معسكرات التدريب في سيناء ويقودون الجناح العسكري للجماعة.

مدرسة المتفجرات

أنشأت «أنصار بيت المقدس» مدرسة «أحمدوف الداغستاني» المتخصص في تصنيع المتفجرات والذي درس في الأزهر ثم هرب وانضم إلى مجموعات تكفيرية شديدة التطرف في أفغانستان ثم عاد إلى القاهرة قبل أن يهرب إلى غزة وانضم إلى معسكرات التدريب المختلفة شباب من سن 81 إلى 52 عاماً يتم تدريبهم على صناعة المتفجرات وطرق تفجيرها عن بُعد وتتم صناعتها في معسكرات مخصصة لصناعة القنابل، حيث يتم استيراد المادة المخصصة لصناعة القنابل من إسرائيل وتمر عبر غزة بعد تصنيعها.

سادت حالة من الجدل بين الخبراء المختصين حول وجود جماعة «أنصار بيت المقدس» من عدمه، حيث شكك مفتي الجماعة الإسلامية أسامة حافظ، في وجود الجماعة من الأصل، موضحاً أن «الجماعة ليس لها تاريخ جهادي يذكر، اللهم إلا بيانات تتبنى خلالها عمليات تقوم بها مثل تبني محاولة اغتيال وزير الداخلية في الخامس من سبتمبر 3102 وتفجير مديرية أمن الدقهلية 42 ديسمبر الماضي».

مفتي الجماعة الإسلامية أشار إلى أن «الجماعات المسلحة في سيناء انتشرت بعد ثورة 52 يناير 1102، عقب الانهيار الأمني الذي أعقب الثورة، من اقتحام للسجون وتهريب السجناء، وأن تلك الجماعات تتخذ أسماء حركية لتضليل الأمن، ومن الممكن أن يكون أنصار بيت المقدس مجرد مسمى حركي».

بينما رفض الخبير في الحركات الإسلامية علي عبدالعال ما طرحه مفتي الجماعة الإسلامية، قائلاً لـ»الجريدة»: «لا يهم إن كان الاسم حركياً أم لا، المهم أن هناك عمليات تتبناها تلك الجماعة وتطلق على نفسها هذا الاسم»، مشيراً إلى أن «تلك الجماعة حينما تتبنى عملية تبث فيديو لمنفذها ولحظة القيام بها، وهذا يعكس مدى رغبتها في التأكيد على تبنيها العملية».

وأكد الخبير في الحركات الإسلامية كمال حبيب، أن «الأصل هو وجود جماعات مسلحة في سيناء تتبنى فكر تنظيم القاعدة، وتطلق على نفسها أكثر من اسم»، موضحاً أن كثرة أسماء الجماعات المسلحة في سيناء ربما يعود إلى أمرين، أحدهما أن الجماعات المسلحة في سيناء واحدة ويطلقون على أنفسهم أكثر من مسمى مثل «أنصار بيت المقدس – جيش الإسلام – الفرقان – جندالله» لتضليل الأمن وهو الأمر المستبعد، أو أنهم جماعات مختلفة ولها تلك المسميات، وتختلف كل جماعة عن الأخرى فيما تعتنقه من أفكار ومدى قدرتها التنظيمية والتسليحية.

التحول المفاجئ في عمليات «أنصار بيت المقدس» عزّز علاقتها بتنظيم «الإخوان المسلمين»، وبخاصة بعد تصريحات للقيادي الإخواني محمد البلتاجي، الذي قال قبل توقيفه على ذمة قضايا تحريض على القتل وقتل المتظاهرين: «إنه في الوقت الذي يتراجع فيه الجيش عما فعله من عزل الرئيس مرسي ستتوقف في الحال العمليات التي تحدث في سيناء».

الأمر الذي رفضه الخبير في الحركات الإسلامية علي عبدالعال، مؤكداً أن هناك اختلافات أيديولوجية بين «الإخوان» وتلك الجماعات، فتلك الجماعات المسلحة في سيناء تكفر في الأصل جماعة «الإخوان» فكيف يحدث تعاون بينهم، في حين أكد الخبير في الحركات الإسلامية سمير غطاس أن تنظيم «الإخوان» على علاقة جديدة بالجماعات المسلحة في سيناء، وأن الجماعة نسقت معهم «أنه في حال عزل الرئيس مرسي سيتم التحرك لقلقلة الوضع الأمني في سيناء»، موضحاً أن «جهات سيادية تمتلك تسجيلات للرئيس المعزول تفيد بالتنسيق بينه وبين زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري».

مصادر التمويل

تعتمد «أنصار بيت المقدس» في تمويلها على جمعيات خيرية مختلفة على مستوى العالم، كما أن لها اتصالات كبيرة بعناصر فلسطينية في قطاع غزة، والعناصر التابعة لها في لبيبا تعمل على استيراد الأسلحة الثقيلة من ليبيا وسورية وغزة، وقد انضمت إليها عناصر أفرج عنها بعفو رئاسي خلال فترة حكم الرئيس السابق، حيث يتم تمويلها من منظمات إسلامية غير رسمية والتنظيم الدولي للإخوان في الخارج.