ضمن أمسية شعرية لملتقى الثلاثاء الثقافي احتضنتها جمعية الخريجين، قرأ الشاعران أحمد جميل وهدى أشكناني نصوصاً منوعة تبرز معاناة الواقع المؤلم، في إطار البحث عن الحرية، حيث تحدث في مستهلها، مقدم الأمسية الشاعر سعيد المحاميد مقدماً لمحة ذاتية عن الشاعرين، متوقفاً عند أبرز محطاتهما المضيئة.

Ad

وفي مصافحة شعرية أولى، قرأ الشاعر أحمد جميل مجموعة نصوص قصيرة، وبعدئذ قرأ قصيدة «سأرسم شكراً» المفعمة برغبة التغيير معلناً ثورته على وضعه الذي يعيشه، فيحاسب نفسه المقصرة قبل فوات الأوان ليلحق بالركب، ومنها هذا المقطع: «لن أنتظر عفواً/ سأحاسب نفسي على تقصيرٍ قديم/ ارتكبتهُ بشأن الزهور/ أرتدي قميصاً فاتحاً صدرهُ للريح/ وبنطالاً فضفاضاً/ أحلـّق قبل الغروب/ من شرفةٍ لا تطلّ على البحر/ وأقول لنفسي: عفواً/ لن أنتظرَ عفواً بعد أن حصلتُ على حصةٍ كاملة/ سأسد بابَ القيامةِ جيداً/ حيث لا يمكنُ للدراويش النظرَ/ ولو من خلال خيالهم/ سأعيدُ ترتيبَ أضلاعِها/ أرسمُ قمراً منيراً على الجهةِ الصادقة/ أرسمُ رجُلاً على الجهة المقابلة/ أرسمُ فرحاً أخضر/ أرسمُ شكراً».

لغة متمردة

وفي لغة متمردة على الانصياع للآخرين وتمقت انتظار تقدير مصيرها، يأخذ جميل بزمام المبادرة في هذا المقطع: «لن أنتظر عفواً من المدافئ/ ولن أجمع الحطبَ المعطر من الهند/ لن أشيَ بما سوف يحدثُ/ بعد هذا الشتاء/ سأملي عليكِ فقط/ خذي الناي رمزا/ خذي الموج/ القلب/ عيني التي لم ترَ شكراً/ وتقول للآتي: عفوا...».

ثم يصور الشاعر بشاعة الحرب، من خلال نص «موتى الحرب»: «ثمة وجهٌ غير هذا الوجه/ ثمة عيونٌ تتطلع إلى الفراغ/ ثمة جسدٌ داخل في جسد/ تعثر على ظل/ تتعثر به/ تأكله الأرض/ تشربه، الأرض عطشى في الحرب/ يدفنون الصور قبل الجثث».

أما الشاعرة هدى أشكناني فقد قرأت قصائد منوعة، ومن قراءاتها «لفّه جيداً» المثقلة بالألم والحزن، وتقول فيها: «هذا القلب المسيج بالوجع/ ثمة حزانى سيلتقطون لهاث دمعهم من علبة العالم/ تاركين نبض أحلامهم على شرف الموت..».

ثم قرأت الشاعرة نصاً بعنوان «مشهد»، حيث جاء مغايراً عن سابقه، متتبعاً حكاية عشق، ومن أجواء النص: «كالآخرين كان جالساً يحتسي القهوة/ يحمل معه كتاباً عن الشعر والحب/ نصف عينيه مختبئ والنصف الآخر في الفنجان../ كلما أشحت عيني عنه/ انسلت من قلبي رغبة للمواصلة الآن، بينما يمضي من المقهى/ ابتسامة تتألق كالضوء.../ أهذا ما يسمونه/ الحب من النظرة الأولى؟!».

وعقب ذلك، قرأت أشكناني نصاً بعنوان «رسالة» ومما جاء فيه: « يالله اقتلهم جميعاً/ أعرف أصدقائي وأريدهم موتى/ يقول صديقي/ الشاعر الذي ظلّ يطرق تسعة وعشرين عاماً باب العالم/ ولم يفتح/ أطل بنصف عمره إجابة لطرقات معلقة/ يده اليمنى تمسك بالمقبض/ بينما اليسرى لا تكف عن النقر».

وتفاعلاً مع الثورة المصرية، قرأت من نص «أينما ذهب»: «ما هو هذا/ في القاهرة/ يغرز عقب الصدقة ويمضي/ خلف شارع التحرير الذي يغرق في الجمال/ شيء يعلو ويهبط/ أطل بين حين وآخر/ لا أحد هناك/ سوى قلبي.../ عند هذا الحد/ العالم بين يدي يستسلم».