مصطلح "طاح الحطب" من موروثات الثقافة الكويتية الجميلة كدلالة على التسامح بين الكويتيين في حال نشوب الخلافات وحسمها باتفاق الطرفين المتخاصمين، وعادة ما يطيح الحطب إما عن طريق مسامحة الطرف الأقوى أو صاحب الحق وعفوه عن المخطئ عبر وساطة حميدة، وإما عن طريق إرضائه مادياً أو معنوياً، وقد "يطيح الحطب" من خلال تنازلات متقابلة أو صفقة ترضي الطرفين عبر وساطة حميدة أيضاً.

Ad

الوساطة إذن، عنصر مهم في مفهوم "طاح الحطب" وآلية تنفيذه على الطريقة الكويتية، وتتنوع أشكال "طيحة الحطب" لتشمل الخلافات الزوجية، ومشاجرة الجيران، و"هوشات" الملاعب، ومعارك التجار إلى آخر صور العلاقات الاجتماعية.

وكان لافتاً عناوين الصحف المحلية وبالبنط العريض عندما أبرزت عبارة "طاح الحطب" بعد لقاء أعضاء السلطتين في ضيافة رئيس مجلس الأمة قبيل بدء أعمال البرلمان الجديد، ويبدو أن هذا الحطب الذي "طاح" يخص سلسلة التهديد بمنصة الاستجواب من قبل بعض النواب طوال العطلة البرلمانية، ويتوقع أنه تم نزع فتيلها خصوصاً بعد التصريحات اللينة التي أطلقها المهددون للحكومة، فيفهم منها تراجعهم عن نية المحاسبة والمساءلة.

كتبنا في هذه الزاوية قبل فترة وجيزة بأن التهديدات النيابية إياها لا تتعدى زوبعة في فنجان، إما لهشاشة المادة الموضوعية للاستجوابات المزعومة، وإما لتاريخ بعض النواب و«ذبتّهم» السياسية التي لا يمكن أن تؤهلهم إلى مستوى الاستجواب، وإما لمعرفة الجميع ضمناً بأن المجلس الحالي دخل جيب الحكومة مبكراً، فلا يمكن أن يهش أو ينش، وبالتالي فإن مصير الاستجوابات يكون والعدم سواء.

لذلك، وعلى الطريقة الكويتية أيضاً، يفترض أن يعرف المواطنون خصوصاً المتابعين للشأن السياسي كيف "طاح الحطب" فجأة؟

ومن توسط بين المتخاصمين لكي "يطيح الحطب"؟

وهل كان هناك خلاف أصلاً حتى "يطيح الحطب"؟

وهل كان مجلس الأمة هو الطرف الأقوى أو صاحب الحق حتى يسامح الحكومة ووزراءها وبالتالي يطيح الحطب؟

الموروثات الاجتماعية ولغة التسامح والتعاون مبادئ محمودة ولا بد من مباركتها، والانسجام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مطلوب لإعادة قيادة البلد الذي أصبح متهالكاً من الداخل وفق كل المؤشرات الواقعية، ولكن يا قوم إننا ندير دولة توزعت مسؤولياتها على مؤسسات دستورية يفترض أن تكون بينها الندية والتمييز في الأداء والمنافسة في تقديم ما هو أفضل للناس.

أما "طيحة الحطب" لمجرد اللقاء على مأدبة عشاء إذا لم تكن نابعة من تفاهمات عملية واضحة ورؤية ذات شفافية ومصداقية وبرنامج خاضع للقياس والمحاسبة، فالله يستر منها، وعساها ألا تكون تكراراً لمحطات "طاح الحطب" السابقة، وأهمها على الإطلاق تجربة مجلس 2009، حيث إن "حطب ذلك" المجلس كان ثميناً جداً جداً!