بينما يصدر المجلس قانون هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وينشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 18 مايو الجاري، متضمنا في مواده، بحسب المادة 70 منه، ملاحقة مستخدمي التواصل الاجتماعي وأية برامج أخرى عن طريق أجهزة الاتصالات المختلفة يصرح وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب بتاريخ 25 مايو لإحدى الصحف اليومية بأن الحكومة ستقدم قانوناً لمساءلة مستخدمي التواصل الاجتماعي، في حين أن القانون صدر ونشر في الجريدة الرسمية دون أن يعلم وزير الإعلام بذلك!

Ad

وفي اليوم الذي يلي تصريح وزير الإعلام، يصرح وكيل وزارة المواصلات للصحافيين، ردا على ما تم نشره في جريدة «الجريدة» الأحد الماضي بشأن ما تم تناوله عن المثالب القانونية والدستورية لقانون هيئة الاتصالات، بأنه هو من شارك في إعداد هذا القانون، وأنه لا يسمح بحجب المواقع والصحف الالكترونية إلا بإذن من النيابة العامة أو المحكمة، في حين أنني قلبت الـ 92 مادة التي وردت بالقانون، رأسا على عقب، بحثا عن كلمات الوكيل فلم أجد لها ذكرا في ما يخص حجب المواقع والصحف الإلكترونية لا من قريب ولا من بعيد، فيما ورد الحجب للمواقع في المادتين 3 و8 من قانون هيئة الاتصالات الجديد، كما أن مسألة قطع الاتصالات لدواع أمنية وردت بالفقرة الثانية من المادة 53 من القانون!

لا ألوم السادة الوزراء أو الوكلاء على التصريحات التي يدلون بها نظرا لانشغالهم المستمر بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، لكني ألوم الأجهزة المعاونة لهم والتي يتعين عليها أن تطلعهم على كافة المستجدات قبل الإعلان أو التصريح بها، فتصريح وزير بضرورة إصدار قانون سبق للمجلس أن أصدره والوزير أحد المصوتين عليه وتصريح الوكيل بعدم وجود محاذير في القانون على المواقع الالكترونية، وهو من يعلن أنه شارك في صياغته فيما ينص القانون على خلاف ما يصرح به الوكيل، هو أمر يدعو إلى الدهشة ويثير القلق تجاه القوانين التي تصدرها السلطتان، خصوصا أن صدورها تم قبل أيام من التصريحات المعلنة منهم!

الحقيقة التي أراها ويتفق معي الكثيرون هي أن قانون هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الجديد يتضمن العديد من المثالب القانونية والدستورية التي يتوجب على السلطة التشريعية، ممثلة بالمجلس الحالي النظر إليها ومحاولة العمل على إصلاح ما يمكن إصلاحه لتجنيب المواطنين والمقيمين المزيد من القيود وإهدار العديد من الضمانات التي يتمتعون بها، بما يخالف نصوص المواد 30 و31 و39 من الدستور.

تملك الحكومة إن كانت صادقة إصلاح جزء كبير من الخلل الذي اعترى قانون هيئة الاتصالات بربط كل الإجراءات التي تسمح للهيئة بانتهاك حريات الاتصالات بالحصول على أذونات من النيابة العامة أو الحصول على أوامر من المحاكم الجزائية، فالصلاحيات الواسعة التي يمنحها القانون للهيئة ولمجلسها ومن دون وضع قيود قضائية عليها كفيلة بحرمان الأفراد والمؤسسات الإعلامية من كل حريات الاتصال وتداول المعلومات عن طريق شبكة الإنترنت تحت ذريعة مخالفة القوانين!