وسط مشاركة إيران في الحرب السورية، والتورط العسكري لـ«حزب الله» في الأزمة، وبعد أن كان متوقعاً حدوث تفجيرات خلال مناسبة عاشوراء، التي يحتفل فيها الشيعة، استفاق لبنان أمس على تفجيرين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت، وأسفرا عن مقتل 24 شخصاً بينهم دبلوماسي إيراني.

Ad

قتل 24 شخصا وجرح أكثر من 145 في تفجيرين انتحاريين استهدفا مقر السفارة الايرانية في منطقة الجناح- بئر حسن في بيروت أمس، وأفادت مصادر أمنية بأن «الانفجار الاول نفذه انتحاري على دراجة نارية على مقربة من باب السفارة»، مضيفة أنه «بعد دقيقتين من الانفجار الأول حاولت سيارة رباعية الدفع اختراق الحاجز ودخول حرم السفارة، ما أدى إلى اطلاق النار عليها من قبل حراس السفارة قبل أن يفجر السائق نفسه».

وتسبب الانفجار في احتراق عدد كبير من السيارات، وتضرر عدد كبير من المنازل المجاورة، وتأكد مقتل المستشار الثقافي في السفارة الشيخ إبراهيم الأنصاري في الهجوم، وفور دوي الانفجارين طبق «حزب الله» فورا اجراءات أمنية مشددة على مداخل الضاحية، ونفذ انتشارا ميدانيا واسعا.

 

«القاعدة»

 

وبعد ثلاث ساعات ونصف من وقوع الانفجارين أعلنت «كتائب عبدالله عزام»، المرتبطة بتنظيم القاعدة، مسؤوليتها عن الهجومين. وقال سراج الدين زريقات، أحد الاعضاء البارزين في الجماعة، في حسابه على «تويتر»، إن «كتائب عبدالله عزام سرايا الحسين بن علي تقف خلف غزوة السفارة الايرانية في بيروت»، موضحا أنها «عملية استشهادية مزدوجة لبطلين من ابطال أهل السنة في لبنان».

 

طهران ودمشق وحزب الله 

 

ورأت الناطقة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية افخم ان «التفجيرين يخدمان المصالح الصهيونية، ونفذا بأدواتها في بيروت»، كما اتهم السفير الايراني لدى لبنان غضنفر ركن آبادي «إسرائيل بالوقوف وراء هذه العملية الإرهابية»، مؤكدا أن «مثل هذه الأعمال لا تؤثر على النهج الذي تتبعه طهران».

اما النظام السوري فقد قال، على لسان وزير إعلامه عمران الزعبي، إن «التفجير أمام السفارة الايرانية في بيروت تفوح منه رائحة البترو دولار»، معتبرا أن «الاستخبارات السعودية والاسرائيلية تقفان خلف الاعتداء».

واعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) النائب محمد رعد أنه «عمل إرهابي واضح الهوية على مستوى التخطيط والتنفيذ، يتماهى بنمطه العدواني الحاقد مع النمط العنصري للعدو الصهيوني، ويتعمد بوحشية ايقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا الشهداء والجرحى، وتدمير البيوت والمحال والسيارات للمدنيين الآمنين».

سليمان 

 

وأعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيقطع زيارته للكويت، ويعود مساء اليوم (أمس) الى لبنان بعد القاء كلمة لبنان في القمة بالكويت». وعلق رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على تفجيري الجناح معتبرا ان «مثل هذه الرسائل الاجرامية لا تغيّر في ثوابت واقتناعات، بل تحصد القتلى الابرياء»، مشددا على ان «يد الارهاب لن تستطيع اعادة عقارب الساعة الى الوراء، واعادة فتح صفحة سوداء من تاريخ لبنان». ودعا اللبنانيين الى الوعي والتماسك وتمتين وحدتهم الوطنية، والمسؤولين الامنيين الى تكثيف جهودهم واجراءاتهم لاكتشاف المجرمين والارهابيين واعتقالهم واحالتهم الى العدالة.

جاء ذلك خلال اتصاله بالرئيس الايراني حسن روحاني، والسفير الايراني لدى لبنان آبادي، مستنكرا التفجير الذي طال السفارة الايرانية ومحيطها، وسقط نتيجته مواطنون ابرياء.

 

إدانات 

 

على الصعيد الداخلي، دان رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس بشدة الهجوم، معتبراً أن «هذه الجريمة إنما تستهدف ليس السفارة فحسب، بل لبنان واللبنانيين جميعاً، لما تبذله الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهود لتوحيد الصف في لبنان لدى الأطراف اللبنانية كافة وسعيها الدائم لدعم استقراره ووحدته وحريته».  ووصف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس التفجيرين بـ»العمل الإرهابي الجبان»، ووضعهما في «خانة توتير الأوضاع في لبنان، واستخدام الساحة اللبنانية لتوجيه رسائل سياسية». كما اعتبر رئيس الحكومة المكلف تمام سلام أن «تفجيري بئر حسن جريمة ارهابية تأتي في سياق مسلسل الجرائم وعمليات التخريب التي تهدف الى ضرب الاستقرار والوحدة الوطنية»، داعياً الى «سدّ كل الثغرات في جدار الوحدة الوطنية».

ودان رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أمس بشدة التفجيرين الارهابيين، قائلاً: «تلافياً للدخول في حلقة الارهاب الاعمى وللحيلولة دون أن تصبح الساحة الداخلية اللبنانية أكثر انكشافاً على المستويين السياسي والامني يوماً بعد يوم، لاسيما ان هذا الانكشاف يكرسه واقع الانقسام العميق والقطيعة التامة بين اللبنانيين في لحظة سياسية شديدة التوتر، فإن المطلوب أكثر من أي وقت مضى، أعلى درجات التضامن الوطني والعقلانية، والعودة الفورية الى الحوار بين اللبنانيين، أقله في السعي الى تنظيم الخلاف ما لم يكن ممكناً معالجة كل أسبابه وعناصره من جذورها».

وأكد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أمس أن «الانفجار الارهابي مدان بكل المعايير السياسية والأخلاقية والإنسانية ويجب ان يشكل دافعا جديدا لإبعاد لبنان عن الحرائق المحيطة، وتجنيب اللبنانيين بكل فئاتهم ومناطقهم مخاطر التورط العسكري في المأساة السورية». ولفت رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون أمس الى أنه «لا بُدّ من ارادة صلبة للمواجهة، فلا يجوز أن يستبيح هؤلاء أرضنا وشعبنا»، مضيفاً ان «هذه الدرجة من الوحشية تدل على ما ينتظرنا في المستقبل اذا وصل هؤلاء الى السلطة».

ووصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس حادث التفجير بالإجرامي، مضيفاً: «أنه ككل الحوادث التي سبقته في مناطق لبنانية أخرى، تدعونا أكثر من أي يومٍ مضى الى المطالبة بتحييد لبنان فعلياً وعملياً عن كل ما يجري حولنا، وذلك بضبط الحدود اللبنانية- السورية بانتشار فعلي للجيش اللبناني عليها، مدعوماً من قوات من دول صديقة إذا اقتضى الأمر ذلك، كما هو وارد أصلاً في قرار مجلس الأمن رقم 1701».