ما قل ودل: الجرائم الإرهابية في مصر... من المسؤول عنها؟ (2)

نشر في 11-05-2014
آخر تحديث 11-05-2014 | 00:01
 المستشار شفيق إمام المسيرات السلمية للجماعة!

يقول كاتب الإخوان- مع كل التقدير لشخصه- في فرضية خاطئة أخرى، غير التي تناولناها في مقال الأحد 4/27 "إن مسيرات جماعة الإخوان لا تزال وما زالت سلمية، وهو ما أحرج خصومهم لدرجة أنهم أصبحوا هم الذين يفجرون القنابل في الجامعات، ومراكز الشرطة ثم يتهمون الإخوان قبل إجراء أي تحقيق"!

وأجد رداً على خطأ هذه الفرضية في مسيرة قامت بها جماعة الإخوان يوم 14 أغسطس 2013 إلى مركز مطاي في محافظة المنيا بمصر التي صاحبتها أحداث عنف وقتل، وهي الأحداث التي أصدرت فيها محكمة جنايات المنيا يوم الاثنين الموافق 28 أبريل الماضي، حكماً بإعدام 37 متهماً، وبعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لـ492 آخرين، وهي ليست المسيرة الوحيدة للإخوان التي تصاحبها أعمال عنف، فقد أصبح العنف واستخدام السلاح والتخريب والتدمير منهجاً لهم، وإنما اخترت هذه المسيرة لرغبتي في التعليق على هذا الحكم لما شاب إجراءات المحاكمة من أخطاء، سوف أتناولها في مقال قادم بإذن الله.

قراءة في حكم الإعدام الأخير في مصر

تقول المحكمة في أسباب حكمها إنها فحصت جميع أوراق الدعوى وطالعتها عن بصر وبصيرة، وألمّت بكل جوانبها واطمأنت ووقر في يقينها ارتكاب المتهمين لجميع الجرائم المسندة إليهم في أمر الإحالة.

وإنه قد وقر في ضمير المحكمة وعقيدتها أن المتهمين يوم 14 أغسطس من العام الماضي، تجمعوا في تجمهر من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر في مسيرات تستعرض القوة، وتلوح بالعنف بقصد ترويع المجني عليهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم وفرض السطوة عليهم، متوجهين إلى ديوان مركز شرطة مطاي محل عمل المجنى عليهم، بعضهم يحمل أسلحة نارية وأسلحة بيضاء، والبعض الآخر يحمل أدوات معدة للاعتداء على الأشخاص، وما إن تمكنوا من المجني عليهم حتى باغتوهم بالاعتداء بتلك الأسلحة والأدوات.

طبيب يقتل نائب المأمور

وتستطرد المحكمة إن" تلك الجريمة اقترنت بجناية قتل عمد مع سبق الإصرار، ذلك أن المتهمين بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل من يتصادف وجوده بمحيط المركز، وما إن ظفروا بالعقيد مصطفى العطار، نائب مأمور المركز حتى أطلق المتهم علي حسين إبراهيم عبدالظاهر، طبيب بمستشفى مطاي العام، صوبه عيارا ناريا قاصدا إزهاق روحه في حال وجود باقي المتهمين للشد من أزره، فحدثت إصابته التي أودت بحياته، كما قام المتهمون بالتمثيل بجثته.

كما شرعوا في قتل المجني عليهما الملازم أول كريم هنداوي وعلاء محمد حافظ، أمين شرطة عمداً مع سبق الإصرار والترصد، بأن أطلق بعض المتهمين صوبهما الأعيرة النارية وتعدى البعض منهم بالضرب بعصا عليهما في حال وجود باقي المتهمين للشد من أزرهم، وقد خاب أثر جريمة القتل لأنه لا دخل لهم به، وهو فرار المجني عليهما من مسرح الأحداث ومداركتهما بالعلاج".

فرضية الحقد الذي أكل قلب أصحابه

ويضيف كاتب الإخوان الكبير فرضية خاطئة ثالثة هي:

خروج خصوم التيار الإسلامي عن المألوف عند الحديث عن هذا التيار، وبالذات عن الإخوان المسلمين! ولم أتوقع أن الخلاف يؤدي إلى هذه الدرجة من الخصومة، وأن الخصومة تؤدي إلى هذا الحقد الذي يأكل قلب صاحبه حتى يخرجه عن طوره ويفقده اتزانه!

وأرد عليه قوله، بما أثبتته مسيرة الإخوان السلمية! إلى مركز مطاي من حقد دفين أكل أصحابه، الذين تجردوا من كل معاني الإنسانية وقيمها، ولم يكن للعقل أو العاطفة سلطان على غرائزهم البوهيمية التي تجسدت فيها كل رغبتهم الشريرة وحقدهم الدفين على رجال الشرطة، بل على المواطنين تضامنا مع إخوانهم في اعتصام رابعة العدوية، الذي يبعد مئات الكيلومترات عن مركز مطاي الذي ارتكب فيه هؤلاء الجناة جرائمهم الإرهابية البشعة دون وازع من ضمير أو أخلاق، أو دين يأمرنا بـ"ألا تزر وازرة وزر أخرى".

ولم يكن مركز مطاي وحده محلا لهذه الجرائم البشعة، بل ارتكبت الجماعة جرائم مثلها وأبشع منها في قسم كرداسة في منطقة الهرم، بمحافظة الجيزة، حيث قامت مسيرة إلى قسم كرداسة، في اليوم ذاته، لتحاصره ست ساعات كاملة إلى أن نفدت ذخيرة الشرطة فألقى الجناة بقذيفة صاروخية على بوابة القسم، ثم قاموا بتعليق الضباط والجنود، في السيارات، وجرهم على الأرض، ثم انهالوا عليهم بالضرب بقضبان معدنية وخشبية، وطعنهم، ثم سكب حامض على أجسادهم وأخيرا ذبحهم.

وهي جرائم اعترفت الجماعة بارتكابها، كما قامت بتصوير الأحداث والمجزرة التي ارتكبتها وأعلنت أنها ارتكبتها، على صفحات "يوتيوب" و"توتير"، لاستعراض القوة وترويع رجال الشرطة والمواطنين.

كيف تنصر أخاك ظالماً

لي كلمة أخيرة أقولها لكاتبنا الإخواني، وغيره من جماعته في الكويت، والذين أعلم يقينا أنهم يختلفون اختلافاً جذرياً عن إخوان مصر في أنهم ليسوا دعاة عنف، بل هم أبعد ما يكونون عن العنف، وتربطني ببعضهم علاقات صداقة أعتز بها، وأنهم اتخذوا الحوار والمشاركة في الحياة السياسية بآليات العمل الديمقراطي أسلوباً لهم، وهو ما قلته في برنامج "مع التقدير" على قناة سكوب في لقاء جمعني والصحافي الكبير الأستاذ محمد مرعي عندما سألتني المذيعة القديرة نهاد كمال عن رأيي في جماعة الإخوان في الكويت، أقول لهم بل أناشدهم أن يعلنوا رفضهم للعنف والإرهاب الذي يحدث من الجماعة في مصر، لا الدفاع عنها فيما ترتكبه من جرائم، لأن هذا الدفاع قد يلوث الثوب الأبيض للجماعة في الكويت، الذي أرجو أن يظل أبيض، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال "انصر أخاك ظالما أو مظلوماً"، قيل له، يا رسول الله ننصره مظلوماً، ولكن كيف ننصره وهو ظالم؟ قال ننصحه بأن يكف عن ظلمه.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.

back to top