شكري أنيس فاخوري: اندماج الدراما العربية طبيعي لأن مشكلاتنا واحدة

نشر في 09-05-2014 | 00:02
آخر تحديث 09-05-2014 | 00:02
سواء كتب قصصاً قصيرة أو مسلسلات طويلة، تنبض أعمال الكاتب الدرامي والقصصي شكري أنيس فاخوري بقضايا اجتماعية ووطنية، طعّمها بحب ورومانسية. فلا شيء في نصه يأتي من عدم، ولا شيء يُعرض من دون هدف.
بعد مسلسل «العائدة» بجزأيه، يحمل فاخوري بين يديه عملين دراميين اجتماعيين، واحد برونق عربي مشترك وآخر لبناني محلّي يحاكي الواقع الطائفي في لبنان، فضلا عن فيلم سينمائي لبناني مصري ينتظر ظروف الإنتاج.
عن «العائدة» وأعماله الجديدة تحدث إلى «الجريدة».
ماذا تحضّر بعد مسلسل «العائدة» بجزأيه (إخراج كارولين ميلان وإنتاج أون لاين برودكشان)؟

أحضّر عملين جديدين، بعدما كتبت 15 حلقة درامية من {مرايا العمر}، وضعته جانباً للتفرغ لمسلسل {غبطته والشيخ}.

هل أنت راضٍ عما حققه مسلسل {العائدة} عبر الشاشة؟

أنا راضٍ عن الجزء الأول أكثر من الثاني الذي لم يُقدّر له تحقيق نسبة مشاهدين مماثلة للأول.

إلامَ تعزو ذلك؟

 إلى توقيت عرضه غير المناسب وإعلانه الترويجي غير الكافي، فحُرق وسُلق.

من المسؤول؟

محطة {الجديد، لأنها عرضت الجزء الاول بعد توقيت Pick time فحقق نسبة مشاهدين مرتفعة، بينما عرضت الجزء الثاني في نفس توقيت مسلسل سيرين عبد النور {لعبة الموت} عبر المؤسسة اللبنانية للارسال التي تحقق أساساً نسبة مشاهدين مرتفعة عند الثامنة والنصف مساء، فكانت منافسة غير متكافئة. مع الإشارة إلى أن الجزء الثاني حقق في سورية والأردن نسبة مشاهدين مرتفعة وحلّ في المراتب الأولى.

لماذا تولي أهمية لمسلسل {غبطته والشيخ}؟

أحببت كتابته بهذا الظرف الذي نمرّ فيه، كونه يعبّر عن تاريخنا وواقعنا وصراعنا الطائفي، وحربنا اللبنانية البغيضة، لذا فضّلت عرضه قبل {مرايا العمر} لأنه مسلسل درامي اجتماعي يصلح لأي زمن.

هل سيجسّد صراعاً ما بين البطريرك والمفتي؟

أبداً سنشهد توافقاً تاماً بينهما وليس تباعداً، لأنهما صديقان منذ الطفولة. عكست الصورة التي نتمناها، وسأشير، قبل عرض كل حلقة، إلى أن الشخصيات وهمية، من ضمن تواريخ وأحداث حقيقية حصلت فعلا.

هل اتفقت مع شركة منتجة وما تفاصيل فريق العمل؟

ستتولى شركة {أون لاين برودكشان} إنتاج المسلسل، إنما لم تُحدد هوية المخرج بعد ولا الابطال، وبما أنني لا أعرف من سيكون متفرغاً للمشاركة فيه، لمَ أتخيّل ممثلا معيناً للدور ومن ثم يكون منشغلا بمشروع آخر عندما نقرر بدء التنفيذ؟ برأيي سيسعى ممثلون كثر إلى المشاركة فيه.

ألا تخشى طرح قضية الطائفية ونحن في أوج الصراع الطائفي في لبنان والمنطقة؟

فليشاهدوا بداية عملي قبل أن يحكموا على أفكاري وكيفية معالجتي للموضوع، برأيي عندما سيُعرض، لن يبقى مجال للتأويل والتحليل.

هل يتأثر الكاتب بشخصية الممثل حين يكتب دوراً تحديداً له؟

عندما تُكتب الشخصيات بطريقة صحيحة، تجذب الممثل النجم إليها بدلا من التفتيش عنه لرفع شأن القصة.

 

ما تفاصيل {مرايا العمر}؟

دراما اجتماعية تجسّد قصصاً واقعية من المجتمعات اللبنانية والأرمنية والمصرية والسورية.

هل أصبح الخليط العربي ضرورة درامية؟

عندما تأسست الجامعة العربية دعت إلى تفاهم وتعاون بين العرب، فهل يتوقف التعاون عند عتبة الدراما؟ تطرح الدراما الكويتية مشكلات اجتماعية عصرية شبيهة بمشكلاتنا، كذلك المصرية والسورية، لذا من الطبيعي أن يحصل اندماج بين الدراما العربية طالما أن مشكلاتنا واحدة.

اشترت قناة {الحياة} المصرية مسلسل {العائدة} رغم أنه محلي، فهل أصبحت الفضائيات العربية أكثر انفتاحاً على الاعمال اللبنانية؟

طبعاً، ليست الأعمال اللبنانية وحدها المقبولة في العالم العربي، بل الممثلون اللبنانيون أيضاً، بعدما انتهى عائق اللغة وترك المسلسل اللبناني بصمة. برأيي عندما نقدّم عملا بإنتاج جيّد ومقنع، ونص غير سخيف، وتمثيل جيّد، لا بد من أن يشقّ طريقه ويثبت حضوره في أي مكان.

بم يتميّز العمل المصري أو السوري عن اللبناني؟

بحرفية أكثر منّا، صحيح أن الدراما اللبنانية انطلقت قبل الدراما السورية التي صوّرت أعمالها الكوميدية الأولى في استوديو تلفزيون لبنان، لكننا، راهناً، نصعد السلم تدريجياً ونثبت أنفسنا لنعود إلى موقعنا الطبيعي.

كيف نحافظ على خصوصية العمل اللبناني؟

يتباهى السوري والمصري راهناً بطرح قضايا طرحتها الدراما اللبنانية منذ عشرين عاماً، لكن انتاجنا كان ضعيفاً آنذاك على صعيد الصورة والديكور غير المكتمل وليس على صعيد المواضيع المعالجة. طرحنا في مسلسل {العاصفة تهب مرتين} و{نساء في العاصفة} وطيلة 133 حلقة درامية، قضايا الطائفية والخيانة والحب والسياسة والفساد والعلاقات الشاذة والمخدرات والقيم والمبادئ. لذا عندما نؤمّن للممثل ديكوراً وأكسسواراً غنيّاً، تكتمل عناصر الصورة لأنها تجعل المشاهد يصّدق القصة.

هل تحمّل الإنتاج والإخراج مسؤولية سقوط العمل الدرامي؟

طبعاً، ثمة نصوص جيدة يضعفها الإنتاج والإخراج، خصوصاً عندما يفتقر العمل إلى كماليات الصورة التي تؤثر في المشاهد وتدفعه إلى تصديق ما يراه، من هنا ضرورة أن يكون استوديو التصوير حقيقياً. فضلا عن أن المنتج العربي الذي يستأجر منازل لبنانية للتصوير فيها بأسعار مرتفعة، رفع الكلفة على المنتج اللبناني. من جهة أخرى إذا كان المخرج يملك معرفة يمكنه ابتكار صورة جميلة من لا شيء خصوصاً، إذا كانت الشخصيات حقيقية وأداء الممثلين صحيحاً.

ثمة كتّاب ومخرجون وممثلون يعملون مع منتج واحد، بينما نوّعت مع مخرجين ومنتجين عدّة، ما السبب؟

كمّ الحلقات الدرامية التي كتبتها خلال مسيرتي المهنية، استدعى اكتشاف ممثلين لم يكونوا قد اشتهروا بعد مثل سيرين عبد النور، وعندما قدمّت 59 حلقة درامية من ضمن سلسلة {حكايات} عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال، توّلى مخرج مختلف تصوير كل حلقة، وكان لكل قصة أبطالها أيضاً، فتعاونت مع المخرجين: جنان منضور، كابي أبي سعد، سمير حبشي، كارولين ميلان، باسم نصر وميلاد الهاشم وغيرهم.

ثمة أشخاص يعترفون بفضلك على نجوميتهم.

لا يهمّ، طالما أن النجوم محاطون بالسماء التي تغطيهم وتحضنهم، فأنا بالنسبة اليهم تلك السماء، وما يهمني فعلا أن يشعوا على الناس. برأيي لا شيء يبقى مخفياً، ويعلم الجميع في قرارة أنفسهم، سواء اعترفوا أم لم يعترفوا، أنني منحتهم الفرصة الاولى.

تقدّم الحب والرومانسية في قالب اجتماعي، فهل هذه ميزة نصك؟

لا شيء يأتي من العدم، وهذه أصول الكتابة. يرتبط كل موضوع بقضية معيّنة، باعتبار أن الكتابة تحاكي الحياة الاجتماعية بالحب والكراهية والانتقام... وليس ثمة حب للحبّ أو فن للفن، بل ثمة هدف دائم. شخصياً، أفضّل أن يُعرّف عنّي ككاتب قصصي ودرامي، وليس كسيناريست لأنني أصدرت كتباً وقصصاً، ولديّ مفاهيم اجتماعية وسياسية أعبّر عنها في المحاضرات كوني عميد كلية واستاذاً جامعياً، لذا أحمل قضية أعبّر عنها في كتاباتي. هكذا معظم الكتّاب الذين نتابع أعمالهم يحملون قضايا معينة، لأن الانسان بحد ذاته قضية ولا يمكن أن نعمل خارج إطار المجتمع.

ما أهمية الحلقة الدرامية الأولى في المسلسل؟

عندما بدأت كتابة {مرايا العمر} أعدت كتابة الحلقة الأولى أكثر من أربع مرّات قبل أن ارضى عنها، لأن الحلقة الأولى هي الأساس، كونها تعرّف الجمهور إلى الموضوع والشخصيات الأساسية وتشكّل الصنّارة التي تصطاد المشاهد وتجذبه لمتابعة العمل.

تستغرق وقتاً طويلاً بين عمل وآخر، هل هو تأنٍ أم انشغال بأمور أخرى؟

في الفترة الأخيرة، أستغرق وقتاً أطول في الكتابة، بسبب انشغالاتي، ولأنني أتأنى في القراءة وأعدّل في النص، فيما كنت غزيراً في الماضي. أمور كثيرة تستحق الإضاءة عليها لكنني لا أجد السبيل دائماً لقولها، خصوصاً بعدما عالجت مواضيع شيقة، لذا لا أريد الوقوع في التكرار، على صعيدي الفكرة أو الموضوع، وأفكر بمواضيع جديدة أو مقاربة جديدة للقضايا الاجتماعية.

هل من مشروع لمسلسل طويل؟

من المفترض أن يتكون {مرايا العمر} من تسعين حلقة درامية، وطالما أجد أموراً جديدة وجميلة مبهرة لي شخصياً وتحمّسني سأستكمل كتابة الحلقات.

ما إيجابيات الحلقات الطويلة؟

تستقطب الجمهور بشكل يومي وتسلّيه.

ما رأيك بالأعمال السينمائية الراهنة؟

جيّدة، أشجع دائماً على كتابة أعمال درامية وسينمائية وتقديم عمل جميل  ضمن الممكن والمقبول ومن دون استغباء الجمهور، وكلما كانت الأفكار جميلة وبسيطة زادت نسبة النوعية، ثمة نوعية ضمن الكمية المعروضة في السينما اللبنانية.

هل من مشروع سينمائي؟

كتبت {الجمعة 7:30} وهو فيلم حركة وتشويق، كان يُفترض أن تتولى {روتانا سينما} انتاجه ولكن بعد حرب تموز وتوقف هذه الشركة، اشترته شركة {أون لاين برودكشان}. يعالج الفيلم خطف أطفال بين لبنان ومصر وبيعهم، لذا يحتاج إلى إنتاج ضخم. وستكون الحبكة طاغية على عدد الممثلين الذين سيتنوعون بين مصريين ولبنانيين.

ما رأيك بوقف فيلم {حلاوة روح} في مصر، والرقابة المستجدة على الفن هناك؟

هذه موجة عابرة، يجب أن يتضمن كل عمل فنّي قضية، بنظري صوّر الفيلم المجتمع بواقعيته فذكّرني بفيلم {بياع الخواتم} ليوسف شاهين. يحمل {حلاوة روح} رموزاً اجتماعية معينة، لذا احببته، كما أعجبني أداء هيفاء وهبي التمثيلي، كونها عرفت كيف تردح حيث يجب، وتتأنثّ وقت الانوثة، وتحزن حيث يجب أن تحزن وتتألم، ومن الطبيعي توافر مخرج جيّد وراء أدائها فضلا عن موهبتها التمثيلية الجيدة.

back to top