أكدت «الاستئناف» أن القانون لم يجرم نسب أي فعل لسمو الأمير، إنما المجرّم هو نسب قول له من دون إذن الديوان الأميري، مبينة أن الأفعال المجرّم على الصحف نشرها مثلاً، على لسان سموه، أنه سيستضيف مؤتمراً دولياً أو سيحل مجلس الأمة أو سيصدر عفواً بمناسبة الأعياد الوطنية.

Ad

في حكم قضائي بارز قضت محكمة الاستئناف، برئاسة المستشار عبدالرحمن الدارمي، ببراءة الزميل رئيس تحرير جريدة «الجريدة» خالد هلال المطيري من القضية المرفوعة ضده من النيابة العامة، على خلفية نشر «الجريدة» تصريحا للنائب السابق مبارك الدويلة، عقب لقائه سمو الأمير ضمن وفد الحركة الدستورية الإسلامية، وألغت المحكمة حكم محكمة أول درجة بتغريم «الجريدة» 5 آلاف دينار، ورفضت الاستئناف المقام من النيابة وطلبها تشديد العقوبة.

وقالت «الاستئناف»، في حيثيات حكمها المهم في قضايا الصحافة والمرئي والمسموع لأنه يتضمن ذات النص الموجود في قانون الصحافة بعد أن أصبح نهائيا وباتا إثر عدم قيام النيابة بالطعن عليه أمام محكمة التمييز، إن البين من مواد الدستور وفق المادتين 36 و37 والمواد 1 و21 من القانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر أن الأصل الدستوري هو حرية الفكر وإبداء الرأي بما في ذلك حق النقد، مبينة أن الاستثناء هو القيد، وأنه لا يجوز أن يمحو الاستثناء الأصل أو يجور عليه أو يعطله، فيقتصر أثره على الحدود التي وردت به.

 وأضافت المحكمة أن النشر والنقد المباح هو الذي لا يتضمن ما حظره القانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر أو ما يعد من القذف أو السب المعاقب عليه بنص المادتين 209 و210 من قانون الجزاء، فإذا لم يتجاوز النشر أو النقد هذه الحدود فإنه لا محل لمؤاخذة المسؤول عنه باعتباره مرتكبا لأحد الافعال التي جرمها القانون رقم 3 لسنة 2006 المشار اليه او قانون الجزاء .

وبينت أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجزائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارات القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيرا صادقا عن إرادة الشارع، ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل، أيا كان الباعث على ذلك، إذ لا محل للاجتهاد إزاء النص الواجب تطبيقه، مضيفة «لا مراء في أن مبدأ الشرعية الجزائية يعني أنه لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون أو بناء على قانون، وأن القياس محظور في مجال التأثيم الجنائي».

نسب الأقوال

وأوضحت المحكمة أن الثابت لها من استقراء نص المادة 20 من القانون رقم 3 لسنة 2006 بشان المطبوعات والنشر المار بيانها أن المشرع جرم نسبة قول لأمير البلاد دون الحصول على إذن خاص مكتوب من الديوان الأميري، ذلك أن الأمير هو رمز الدولة والمعبر عنها في المجالين الداخلي والخارجي، ويجب التحقق من صحة الأقوال إليه، لما لها من أهمية وتأثير واحترام وتقدير على كافة الصعد، إلا أن هذا التجريم اقتصر على نسبة الاقوال اليه، وليس أي شيء آخر، بدليل أن النص أورد عبارة « لا يجوز أن ينسب له قول»، وليس عبارة «لا يجوز أن ينسب له قول أو فعل».

وتابعت بأن المحظور، بحسب هذا النص القانون، هو أن تنسب الجريدة إلى صاحب السمو أمير البلاد تصريحا من التصريحات التي تأتي جريا على لسانه دون الحصول على إذن خاص مكتوب من الديوان الأميري، وذلك كأن تنشر الجريدة مثلا أن الأمير قال بأن دولة الكويت ستستضيف أحد المؤتمرات الدولية أو أنه سيحل مجلس الأمة أو أنه سيصدر عفوا بمناسبة الأعياد الوطنية... إلخ، مبينة أن المقالة موضوع الاتهام لا تنطوي على شيء من ذلك، فلم ينسب المتهم أي قول إلى الأمير مما يتطلب الحصول على إذن مسبق، وإنما ذكر فقط ان النائب السابق وعضو الحركة الدستورية الاسلامية مبارك الدويلة صرح بأن وفدا يمثل الحركة تشرف بلقاء سمو الأمير، وأن سموه قد أبلغهم ثقته بالحركة، وذلك لا يعدو أن يكون من قبيل نشر الأخبار التي تهم المجتمع، الأمر الذي لا تساير معه المحكمة النيابة العامة فيما أسندته إلى المتهم، وترى بأن الجريمة غير متوافرة الأركان في حقه.

وختمت المحكمة، حيثيات حكمها بأن «التهمة المسندة إلى المتهم لا تقوم على أساس سليم أو دليل يعول عليه تطمئن إليه المحكمة، مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما اسند اليه عملا بالمادة 209 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، ولهذه الاسباب حكمت المحكمة أولا بقبول استئناف النيابة العامة والمتهم شكلا، وثانيا في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المتهم وبراءته مما أسند إليه، ورفض استئناف النيابة العامة».