هل يمكن تصديق هذا؟!
حتى نعرف أهمية الإنجاز الذي تحقق بإسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر، فإن علينا أن نقرأ كتاب: "خيارات صعبة" لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، الذي فجرت فيه، إذا صحت هذه المعلومات، قنبلة من العيار الثقيل، عندما كشفت النقاب عن تورط أميركا في مؤامرة قذرة لأنها هي من أوجد الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بهدف تقسيم منطقة الشرق الأوسط، والمقصود بالتحديد المنطقة العربية.في هذا الكتاب، إذا صحت هذه المعلومة، تؤكد كلينتون بما قالته أن أميركا، في عهد هذه الإدارة، وربما في عهود الإدارات التي سبقتها، دولة استعمارية لا تتردد من أجل مصالحها في تفتيت الدول وتمزيق الشعوب، وهو ما يخالف كل القيم النبيلة التي قامت على أساسها الولايات المتحدة، بينما كان الاستعمار الأوروبي في ذروة اضطهاده لشعوب العالم والسيطرة على مقدراتها وتقسيم أوطانها.
تقول كلينتون في كتاب "خيارات صعبة": "دخلنا الحرب العراقية والليبية والسورية، وكل شيء كان على ما يرام وجيداً جداً، وفجأة قامت ثورة 30/6-3/7 في مصر فتغير كل شيء خلال 72 ساعة. كان قد تم الاتفاق على إعلان الدولة الإسلامية يوم 5/7/2013، وكنا ننتظر الإعلان كي نعترف نحن وأوروبا فوراً بها. كنت قد زرت 112 دولة في العالم، وتم الاتفاق مع بعض الأصدقاء على الاعتراف بهذه الدولة حال إعلانها. وفجأة تحطم كل شيء!". وأضافت: "لقد تكسَّر كل شيء أمام عيوننا دون سابق إنذار. إنه حدث مهول. فكرنا في استخدام القوة، لكن مصر ليست سورية أو ليبيا، فالجيش المصري قوي جداً، وشعب مصر لا يترك جيشه وحده أبداً. عندما تحركنا بعدد من قطع الأسطول الأميركي في اتجاه الإسكندرية تم رصدنا من سرب غواصات حديثة جداً يطلق عليها اسم (ذئاب البحر 21) وهي مجهزة بأحدث الأسلحة والرصد والتتبع، وعندما حاولنا الاقتراب من البحر الأحمر فوجئنا بسرب من طائرات (الميغ 21) الروسية القديمة".وتستطرد وزيرة الخارجية الأميركية السابقة قائلة، حسب موقع "رم" نقلاً عن موقع "الفرات": "إننا للآن لا نعرف كيف نتعامل مع مصر وجيشها. إذا استخدمنا القوة ضد مصر خسرنا، وإذا تركنا مصر خسرنا. مصر هي قلب العالم العربي والإسلامي، وبسيطرتنا عليها من خلال (الإخوان) عن طريق (الدولة الإسلامية) نستطيع التوجه نحو دول الخليج الفارسي! والكويت هي أول دولة مهيأة لهذا عن طريق أعواننا من (الإخوان) وبعد ذلك يأتي دور السعودية والإمارات والبحرين وعُمان. بعدها سيتم تقسيم المنطقة العربية كلها".إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فإن هذا هو سبب تمسك أميركا بـ"الإخوان المسلمين" وبحكومة محمد مرسي وسبب معاداتها للرئيس عبدالفتاح السيسي وثورة الثلاثين من يونيو، وسبب خروجها المبكر من العراق وتركه للتشظي والحرب الأهلية، كما أنه سبب خذلانها للمعارضة السورية والشعب السوري وسبب تركها لليبيين يأكل بعضهم بعضاً، وسبب تغاضيها عن تغلغل إيران في سورية والعراق. والغريب أيضاً أن أوروبا (الغربية) التي اعتقدنا أنها تجاوزت كل ماضيها المخزي والقذر تشارك في مؤامرة لم تستهدف إلا العرب في هذه المنطقة الشرق أوسطية.إن على العرب ألا يتغاضوا عن هذه المؤامرة التي كشفتها هيلاري كلينتون وأن يفهموا دوافع وأسباب هذا "التحالف الإخواني" الذي يشكل، حسب وزيرة خارجية أميركا السابقة، وجه العملة الآخر لـ"داعش"، ثم أليس هذا يعني، إن صحت هذه الحكاية، أننا أصبحنا أمام "سايكس-بيكو" جديدة كتلك التي كشفت روسيا النقاب عنها بعد ثورة أكتوبر "المجيدة" في عام 1917.