بادر بعض النواب بتقديم استقالاتهم إثر شطب استجوابهم وتبعهم آخرون، وفي مقالي اليوم فإني أخص بالحديث النواب الثلاثة مقدمي الاستجواب فقط. أولاً، لابد من تحديد موقفي من الشطب. أنا ضد شطب الاستجوابات أو شطب محاور منها نتيجة للكلفة السياسية العالية لمثل هذه الخطوة، فمن الناحية الفنية، لدينا حكم واضح وجلي للمحكمة الدستورية يحدد الحالات التي تجوز فيها مساءلة رئيس الوزراء وهي ضيقة جداً، ولدينا استجوابات تخالف نص المادة ١٠٠ من الدستور وتسائل الرئيس عن أعمال تخص وزراءه.
والخلاف هنا حول التعامل مع هذا الوضع، حيث يرى البعض أن المجلس سيد قراراته ويجوز له شطب الاستجواب المخالف دستورياً، ويرى آخرون أن تلك الخطوة تكبل حق النائب في تقديم ما يراه هو من مساءلة مستحقة لرئيس الوزراء.وفي غياب نص صريح وواضح يجيز أو يمنع شطب الاستجوابات ذات الشبهات الدستورية، ندخل نحن في متاهات تفسير مصطلح أن "المجلس سيد قراراته". فنياً قد نجد مبرراً للشطب، إلا أن الشطب سياسياً ذو كلفة عالية، على الرغم من وجود موجة من الاستجوابات التي تصاغ خارج البرلمان والتي بات من الضروري التصدي لها.لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل الاستقالات مستحقة؟ وهل هو موقف بطولي؟ يبرر النواب المستقيلون قرارهم بأنهم لم يعودوا قادرين على ممارسة دورهم، فهل دورهم ينحصر في صعود المنصة لمواجهة رئيس الوزراء فقط؟ وإذا كان قرارهم انتصاراً للدستور فلماذا لم يراعوا حكم المحكمة الدستورية الخاص بتفسير المادة ١٠٠ من الدستور؟ ولنفترض أن الاستجواب لم يشطب وصعد رئيس الوزراء المنصة وهو يمتلك أغلبية مريحة، ما هو الإنجاز في ذلك؟ ما الذي يمكن للمستجوبين طرحه على رئيس الوزراء وهو مُعتلٍ المنصة ولا يمكنهم طرحه عليه وهو جالس في القاعة أو من خلال القنوات الإعلامية أو قنوات التواصل الاجتماعي؟ والنائب العدساني سبق أن استجوب رئيس الوزراء في جلسة علنية، ماذا جنينا منها؟ إذا انحصر دور النائب في هذا الإطار فقط، إذاً فإن شخصية مثل الدكتور أحمد الخطيب لم يقدم شيئاً للكويت طوال فترة وجوده في البرلمان لأنه لم يقدم استجواباً واحداً.في ظل عصر الانفتاح الإعلامي الذي نعيشه، وعندما لا يمتلك النائب أغلبية برلمانية تؤيد استجوابه، يصبح الاستجواب تحصيل حاصل، وتصبح أدوات الرقابة الأخرى أكثر أهمية، وهذا ما توصل إليه الدكتور أحمد الخطيب أثناء مسيرته البرلمانية. ولكن عندما يحصر النائب دوره في تكرار اعتلاء رئيس الوزراء المنصة سواء في استجواب دستوري أو غير دستوري فلكم كل الحق في الاستقالة وهي فعلاً مستحقة. لكن هل هي موقف بطولي؟ لو كانت كذلك لاستقال أحمد السعدون عندما شطب استجوابه إثر حكم المحكمة. فالبطولة تتحقق في الاستمرار في المواجهة بالأدوات الممكنة. فمن قرر خوض الانتخابات في الظروف الراهنة يعرف تماماً إفرازاتها، فإما أن يواجه، أو يخرج بصمت.
أخر كلام
استقالات مستحقة
07-05-2014