أعرب فقهاء قانون في مصر عن مخاوفهم من تحول الدستور إلى "حبر على ورق"، بعد إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي أخيرا قوانين تخالف روح ونصوص الدستور، الذي أقره المصريون يناير الماضي.

Ad

وكانت مؤسسة الرئاسة، المخوَّلة سلطة التشريع، إلى حين انتخاب مجلس للنواب، أصدرت عددا من القوانين، التي نظر إليها باعتبارها تتعارض ونصوص الدستور، بينها قانون "الحد الأقصى للأجور"، الذي استثنى بعض الفئات بالمخالفة للدستور، و"قانون التظاهر"، وتعديل قانون الجامعات، الذي سمح لرئيس الجمهورية بتعيين العمداء ورؤساء الجامعات، بما يخل بمبدأ استقلال الجامعات، المستقر دستوريا.

البداية كانت عقب صدور "قانون التظاهر" المثير للجدل، في أواخر أيام الرئيس الانتقالي المستشار عدلي منصور، حيث تقدم المحامي الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي بالطعن على المادتين "8"، المتعلقة بإخطار الشرطة بالتظاهرة، و"10" التي تجيز منع التظاهرة بقرار من وزارة الداخلية، لتعارضهما مع نص المادة "73" من الدستور، التي تمنح المواطنين "حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية".

وقال رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار محمد حامد الجمل إن استثناء الدبلوماسيين من قانون "الحد الأقصى للأجور" مثلا لا سند دستوري له، والمفروض أن يسري حكم الحد الأقصى على الجميع، لذلك يسهل الطعن عليه بسبب هذا الاستثناء لمخالفته "مبدأ المساواة" المستقر دستوريا.

وأضاف الجمل أن "المادة 27 من الدستور تلزم النظام صراحة بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن حياة كريمة وبحد أقصى في أجهزة الدولة، لكل من يعمل بأجر وفقا للقانون".

في السياق، لم يتوقف الحديث عن ضرب مبدأ استقلال الجامعات، منذ أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قرارا بتعديل قانون الجامعات، وهو القرار الذي يترك تعيين رئيس الجامعة والعمداء لسلطة رئيس الجمهورية، ما دفع بعض أعضاء هيئة التدريس الجامعي إلى التهديد بالطعن عليه.

وفي خطوة اعتبرت مخالفة صريحة لروح الدستور، أعلنت وزارة الداخلية قبل أسابيع إنشاء برامج قادرة على اختراق ومراقبة الحسابات الشخصية ومواقع التواصل الاجتماعي، بما يتعارض مع المادة "57" التي تنص على أن "للحياة الخاصة حُرمة مصونة... ولا يجوز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة".