قانون مكافحة الفساد يراوح مكانه منذ عامين
• «العدل» أحالت لائحته التنفيذية لمجلس الوزراء منذ فبراير الماضي رغم أن الحكومة استعجلته بمرسوم ضرورة!
• كيف تحقق «الهيئة» في جرائم الفساد ولائحتها التنفيذية لم تصدر بعد؟
• هل تتعمد الحكومة تعطيل القانون أم تريد إعادته للمجلس أخذاً بملاحظات مجلس القضاء؟
• كيف تحقق «الهيئة» في جرائم الفساد ولائحتها التنفيذية لم تصدر بعد؟
• هل تتعمد الحكومة تعطيل القانون أم تريد إعادته للمجلس أخذاً بملاحظات مجلس القضاء؟
أكثر من خمسة أشهر واللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد معروضة على مجلس الوزراء لاعتمادها، إلا أن المجلس قرر إحالتها إلى إدارة الفتوى والتشريع التي بدورها مازالت تعكف على دراستها رغم صدور القانون منذ عامين تقريبا.
في الوقت الذي أعلن وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية السابق د. نايف العجمي إحالته في فبراير الماضي اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد إلى مجلس الوزراء، إلا أن الاخير لم يعتمدها حتى الآن رغم مرور خمسة اشهر على عرضها عليه من قبل هيئة مكافحة الفساد.ورغم إعلان رئيس هيئة مكافحة الفساد المستشار عبدالرحمن النمش، في تصريح لـ«الجريدة»، إحالة مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لقانون مكافحة الفساد لإدارة الفتوى والتشريع لإبداء الملاحظات عليها قبل اعتمادها فإن الاخيرة لم تحل للمجلس أي ملاحظات حتى الآن، الأمر الذي يشير إلى عدم جدية الحكومة في تفعيل المرسوم بقانون الخاص بمكافحة الفساد، مع أنها استعجلت صدوره بإصداره بمرسوم ضرورة من المجلس المبطل الثاني!ورغم تأخير الحكومة في اعتماد اللائحة التنفيذية لمكافحة الفساد أعلنت الهيئة نيتها التحقيق في واقعة التحويلات المالية التي أعلنت من قبل ندوة ساحة الإرادة الأخيرة التي عقدت قبل نحو شهر تقريبا بشأن شبهة وجود بعض التحويلات المالية رغم عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون، وأن التحقيقات التي ستجريها الهيئة ستكون وفق اختصاصها الوارد بالقانون رغم ضرورة سريان أعمالها من صدور اللائحة التنفيذية.شبهات قانونيةورغم تأخير الحكومة في اعتماد اللائحة التنفيذية فإن الشبهات القانونية ستثور في سلامة الإجراءات التي ستتخذها الهيئة، بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون حتى الآن، الأمر الذي يهدد هذه الإجراءات اذا طعن عليها أمام المحكمة، خصوصا في ما يتعلق بأمر الإحالة إلى النيابة العامة بصفتها صاحبة البلاغ!ورغم صدور القانون منذ قرابة عامين تحت دواعي الاستعجال من الحكومة فإن الحكومة ذاتها أثبتت عدم جديتها بسريان هذا القانون الذي يعد تنفيذه مكلفا عليها، ومن الصعب تحقيق كل قواعده التي نص عليها، علاوة على العيوب القانونية التي تعتري نصوصه، الأمر الذي يثير جملة من التساؤلات أهمها هل الحكومة تريد فعلا تفعيل قانون مكافحة الفساد أم لا؟ وهل سيكتب للهيئة التحقيق في الجرائم التي وردت في نصوصه؟ وهل ستعمل الهيئة في الحصول على إقرارات الذمة المالية للحالات الخاضعة للقانون، والتي يزيد عدد الخاضعين فيها لأكثر من 7 آلاف مسؤول حكومي وغير حكومي بسبب تصنيف القانون لهم؟والإجابة على هذه التساؤلات تثير مناقشة قضايا أخرى مرتبطة بها، وتبدأ ببحث جاهزية هيئة مكافحة الفساد للقانون، وثانيا استعداد الحكومة لإقرار اللائحة التنفيذية للقانون لإدخال القانون حيز التنفيذ بشكله الحالي، أم انها ستطالب بتعديل نصوص القانون التي يعتريها العيب، والتي أشار إلى ضرورة تعديلها المجلس الاعلى للقضاء في تقريره السنوي عن عام 2013، والذي قدمه للحكومة يناير الماضي بضرورة تطبيق القانون؟ بيئة أساسيةولبيان جاهزية هيئة مكافحة الفساد لتطبيق القانون فالواقع العملي يشهد بأن الهيئة مازالت في مرحلة إعداد البيئة الاساسية لعملها من خلال إعلانها المنشور في الصحف قبل نحو اسبوعين برغبتها في تعيين عدد من المديرين الاداريين والقانونيين والاعلامين للهيئة، ما يعني عدم استعدادها التام لتطبيق القانون، لان أمر تعيين المديرين سيتبعه أمر تعيين الكوادر العاملة، ومن ثم تدريبها على العمل وعلى قانون الهيئة وعلى لائحتها متى ما تقرر صدورها وتلك العملية على الاقل ستستغرق على الاقل سنة من الآن!أما الأمر الثاني الذي يخص رغبة الحكومة في اعتماد اللائحة التنفيذية للقانون من قبل مجلس الوزراء فالواقع أن مجلس الوزراء أحال اللائحة منذ فبراير الماضي وفور ورودها إليه ارسلها إلى الفتوى والتشريع لإبداء الملاحظات عليها، والواقع يشهد أن «الفتوى» لم تحل حتى الآن ملاحظاتها حول اللائحة، لكنها بالتأكيد لن تتجاهل ملاحظات المجلس الاعلى للقضاء من ضرورة تعديل القانون الذي تشوبه عدة مثالب قانونية جوهرية كإسناده للهيئة حق تحريك الدعوى الجزائية، في حين أن الاختصاص معهود للنيابة العامة وعدم تعريف القانون لجريمة الكسب غير المشروع التي انفرد هذا القانون بوضعها كجريمة لم ترد بباقي القوانين الجزائية التي أوردت العديد من الجرائم لتقوم الهيئة بالتحقيق والابلاغ عنها، علاوة على التناقض الصارخ في وجوب القانون تفرغ العاملين في الهيئة وعدم ارتباطهم بأي جهات أخرى في ما يسمح من جانب آخر بإمكانية ندب عدد من العاملين في الجهات الحكومية وكذلك لرجال القضاء واعضاء النيابة العامة للعمل فيها رغم أنهم من الشرائح التي يستلزم القانون إخضاعهم لكشف الذمة المالية!وفي حال تجاهل إدارة الفتوى والتشريع تلك الملاحظات التي أوردها المجلس الاعلى للقضاء بملاحظاته تارة وما أثاره المختصون عليها تارة أخرى فإن مجلس الوزراء سيقرر اعتماد اللائحة التنفيذية للقانون وعندها سيدخل حيز التنفيذ بكل العيوب التي وردت فيه، وهو ما سيكون مدعاة لعدم تطبيق القانون على نحو صحيح، وسيفتح للقضاء أمر الاجتهاد في العيوب التي تثار حوله، مع إمكانية عرض الحكومة إلى تعديل القانون لإزالة العيوب التي تعتريه!تعديلات تشريعيةوبينما إذا نصحت إدارة الفتوى والتشريع الحكومة بضرورة عدم الاعتماد حتى الانتهاء من العيوب التي ترد فيه فإن الحكومة ستعمل على تقديم تعديلات تشريعية لنصوص القانون إلى مجلس الأمة لإقرارها أولا ومن ثم العمل على استصدار اللائحة التنفيذية ثانيا، وهو الأمر الذي سيعمل على تأخير تطبيق القانون وإدخاله حيز التنفيذ لعدم صدور اللائحة بسبب العيوب الواردة في القانون وهو أمر غير مستبعد التحقيق!وفي الإجابة عن التساؤلات المطروحة حول رغبة الحكومة في تفعيل قانون مكافحة الفساد فإن التأخير الحكومي في اعتماد اللائحة لاكثر من خمسة اشهر رغم استعجالها لإقراره بمرسوم ضرورة يشير إلى تناقض الموقف الحكومي بالحاجة إلى وجود هذا القانون بدلالة عدم تنفيذه حتى الآن منذ صدوره قبل سنتين، وربما تعطيله لمزيد من الدراسة، بسبب الكلفة الوظيفية التي يتطلبها هذا القانون ولصعوبة إيجاد الخبرات الكافية في زمن قياسي تسمح بتطبيقه في غضون سنة على الاقل، خصوصا ان قانون الهيئة ذاته يستلزم الحصول على اقرارات الذمة من الخاضعين للقانون والمقدر عددهم بـ7 آلاف مسؤول بين حكومي وخاص خلال سنة من بعد اعتماد اللائحة التنفيذية!الأمر الأخير الذي يثور هو أن تطبيق القانون بشكله الحالي وبعد اعتماد لائحته التنفيذية ودون تعديل العيوب التي تشوبه أمر سيهدد سلامة الاجراءات التي ستتخذها الهيئة بل وحتى الاتهامات التي ستوجهها بحق المشكو بحقه في جرائم الكسب غير المشروع وما يخص شفافية عملها باستعانتها بمسؤولين للعمل لديها رغم أنهم من الحالات الخاضعة لتطبيق القانون، وربما تلك العيوب وغيرها ستعمل على تفريغ القانون من الغاية التي من أجله جاء، وقد تسمح بهروب بعض الجناة بسبب الثغرات التي تعتريه!