المؤسسات العامة و«ربط الأحزمة»

نشر في 29-01-2014
آخر تحديث 29-01-2014 | 00:01
مما لا شك فيه أن فساد المنظومة السياسية ينعكس مباشرة على عمل المؤسسات العامة، ناهيكم عن أن قوانين إنشاء أغلب مؤسساتنا، إن لم يكن جميعها باستثناء هيئة مفوضي سوق المال، لا تمنحها الاستقلالية المالية والإدارية المطلوبة، حيث إنها ترتبط تنظيمياً (الهيكل الإداري) بوزراء الجهات التي لنشاطها علاقة من نوع ما بنشاط المؤسسة.
 د. بدر الديحاني تقوم فكرة المؤسسات والشركات العامة المملوكة بالكامل للدولة على أساس أنها أجهزة تتمتع باستقلالية مالية وإدارية تمكنها من اتخاذ قراراتها بعيداً عن الروتين الحكومي القاتل، حيث يقتصر دور الحكومة هنا على رسم السياسات العامة ثم إنشاء مؤسسات وشركات عامة تتولى تنفيذها على أن تقوم الحكومة بعد ذلك بمراقبتها ومساءلة مجلس الإدارة عن أي مخالفات جسيمة تتعارض مع السياسة الحكومية لكنها لا تتدخل في الأمور الفنية والإدارية والمالية حتى لا تتحول المؤسسة العامة إلى جهاز حكومي بيروقراطي.

علاوة على ذلك فإنه يفترض أن تقوم الحكومة بحماية مؤسساتها وشركاتها العامة من تدخل المؤسسة التشريعية في أعمالها اليومية أو في سياساتها الداخلية، إذ إن التدخل السياسي في عمل المؤسسة سواء من الحكومة أو من المجلس يُفسده ويجعله خاضعاً للأهواء والمساومات والصفقات السياسية على حساب الأنظمة واللوائح الداخلية والآراء المهنية المتخصصة كما حصل في صفقة "الداو" وفي "الخطوط الجوية الكويتية"، وفي سياسة القبول في "جامعة الكويت" و"الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب" التي يفترض أن تحدد بناء على معايير وأسس أكاديمية وفنية وليست سياسية.

فرئاسة الوزير لمجلس إدارة المؤسسة العامة (الجامعة والتطبيقي مثلاً) لا تعطيه الحق في التدخل في القضايا الفنية الدقيقة مثل معايير أو شروط القبول، والطاقة الاستيعابية، وشروط التعيين ثم تعديلها نتيجة لضغوط سياسية، بل إن دوره يقتصر على مناقشة سياسات المؤسسة وخططها الاستراتيجية، للتأكد من عدم تعارضها مع سياسة إنشائها أو مخالفتها لأنظمتها الداخلية.

ومما لا شك فيه أن فساد المنظومة السياسية ينعكس مباشرة على عمل المؤسسات العامة، ناهيكم عن أن قوانين إنشاء أغلب مؤسساتنا، إن لم يكن جميعها باستثناء هيئة مفوضي سوق المال، لا تمنحها الاستقلالية المالية والإدارية المطلوبة حيث إنها ترتبط تنظيمياً (الهيكل الإداري) بوزراء الجهات التي لنشاطها علاقة من نوع ما بنشاط المؤسسة، بل تقوم الحكومة بتعيين مجالس الإدارات (أغلبهم كبار موظفين يمثلون وزارات الدولة) التي تستجيب دائماً للتدخل السياسي للحكومة حتى لو تعارض مع سياساتها الداخلية.

لهذا تتحول المؤسسات العامة إلى مؤسسات شكلية لا قيمة لها مما يُحمِّل الدولة أعباءً مالية تحتاجها ميزانية الدولة للصرف على الاحتياجات الأساسية للمواطنين، حيث إن لكل مؤسسة عامة كادراً مالياً خاصاً، فضلاً عن المكافآت والمزايا العينية والبدلات الخاصة برئيس مجلس الإدارة وأعضائها!

وبما أن الحكومة تتحدث هذه الأيام عن "ترشيد الإنفاق" و"ربط الأحزمة" فإنه يفترض أن تقوم بإعادة هيكلة جذرية لجهازها الإداري وإلغاء جميع المؤسسات العامة الشكلية.

back to top