قضت المحكمة الإدارية في المحكمة الكلية برفض الدعوى المقامة من مواطنة من خريجات كلية الحقوق ضد وزير الداخلية ورئيس الادارة العامة للتحقيقات بصفتهما، على خلفية رفض قبولها كمحققة في الادارة العامة للتحقيقات.

Ad

وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إن «قرار رفض تعيين المدعية كمحققة صحيح، طالما انه استند الى عدم تجاوزها شرط اجتياز المقابلة الشخصية، الذي يعد شرطا للقبول لوظيفة محقق في الادارة العامة للتحقيقات».

وقائع الدعوى

وتتحصل وقائع الدعوى في أن المدعية طالبت الحكم بإلغاء القرار الإداري فيما تضمنه من تخطي المدعية في التعيين بوظيفة باحث قانوني مبتدئ في الإدارة العامة للتحقيقات، وبأحقيتها في التعيين بهذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية.

وساقت المدعية أسبابا لدعواها حاصلها أنها تخرجت في كلية الحقوق بجامعة الكويت بتقدير جيد جدا ومعدل 80.48%، وفي غضون شهر سبتمبر 2012 أعلنت الإدارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية حاجتها لشغل وظيفة باحث قانوني مبتدئ المؤهلة لوظيفة محقق (ج).

وعلى ضوء هذا الإعلان تقدمت بأوراقها إلى جهة الإدارة للتعيين بهذه الوظيفة، واجتازت الاختبارات والمقابلة الشخصية ما جعلها مستوفية لجميع شروط شغلها العامة والخاصة، إلا أنها فوجئت بعد ذلك بتعيين نحو 120 متقدما ليس من بينهم اسمها، رغم عدم توافر شروط شغل الوظيفة في كثير منهم وتفوقها عليهم من حيث المعدل الدراسي والكفاءة، فتظلمت من هذا القرار بكتاب وجهته إلى وكيل وزارة الداخلية بتاريخ 3/4/2013، غير أنها لم تتلق أي رد.

سلطة تقديرية

وقالت المحكمة إنه «من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن التعيين في الوظائف العامة يعد من الأمور التي تترخص فيها الجهة الإدارية بما لها من سلطة تقديرية باعتبارها القوامة على حسن سير المرفق العام بغير معقب عليها في ذلك مادام قد خلا تصرفها من إساءة استعمال السلطة».

وذكرت: «أنه متى ما اشترط الإعلان المنشور عن حاجة الإدارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية لشغل وظيفة باحث قانوني مبتدئ اجتياز المتقدم الاختبارات والمقابلة الشخصية التي تقررها هذه الإدارة، وهو شرط لا تثريب عليها إن أضافته باعتبار أنه لا يخالف القانون ويتلاءم مع نص المادة الأولى من نظام الخدمة المدنية التي أجازت صراحة للجهات الإدارية، إضافة إلى شروط أخرى إلى ما ورد فيها، فإن مفاد ذلك أن يكون التعيين لمن يجتاز هذه الاختبارات والمقابلة الشخصية، ويتم ترشيحه من قبل اللجنة المختصة بالنظر إلى الطبيعة الخاصة لتلك الوظيفة وأهميتها ومسؤولياتها التي تتطلب فيمن يشغلها مستوى خاصا يتعلق بالجوانب الشخصية يتعين توافره، وهو ما يمكن الجهة الإدارية من إجراء تقديرها في المفاضلة بين المتقدمين المتزاحمين لشغل هذه الوظيفة والمتنافسين للظفر بها واختيار الأصلح والأفضل منهم».

شروط شغل الوظيفة

وأضافت: «لا وجه للقول بأن ترك أحد المتقدمين وتعيين غيره ينطوي في حد ذاته على إساءة استعمال السلطة باعتبار أن الأول قد استجمع شروط شغل الوظيفة، وأن كفاءته تؤهله للتعيين، لأنه بفرض توافر شروط شغل الوظيفة في حقه، وأن كفاءته تؤهله للتعيين، فإن ذلك لا يلزم الجهة الإدارية بتعيينه، كما أن الكفاءة هي احد العناصر التي تقدرها الإدارة عند التعيين، لكنها لا تستغرق كل ما تتطلبه فيمن يصلح للوظيفة العامة من معايير وأوضاع وتقدير الأفضلية وما إلى ذلك من الوجوه الباعثة على ترخص جهة الإدارة في تخير من ترى تعيينهم، وهي من الأمور الداخلة في سلطتها التقديرية بلا معقب عليها».

طبيعة خاصة

وتابعت المحكمة أن «الثابت من الأوراق أن جهة الإدارة أعلنت حاجتها لشغل وظيفة باحث قانوني مبتدئ المؤهلة لوظيفة محقق (ج) في الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية، وإذ كانت هذه الوظيفة ذات طبيعة خاصة وأهمية كبيرة في العمل القانوني باعتبار أن المحققين يتولون سلطات التحقيق والتصرف والادعاء في قضايا الجنح، فقد أضافت جهة الإدارة، عملا بحقها المخول لها قانونا، شرطا أساسيا لا يجوز لمن لا يتوافر فيه شغل هذه الوظيفة، وهو شرط اجتياز ما تقرره الإدارة من الاختبارات والمقابلة الشخصية التي تجرى من قبل لجنة الاختبار».

وبينت انه «تم تشكيل هذه اللجنة من خمسة أعضاء، ارتأت جهة الإدارة فيهم القدرة على سبر أغوار شخصية كل متقدم، واختيار أفضل العناصر التي تحظى بالثقة والجدارة والقدرة على الاضطلاع بمسؤوليات العمل وطبيعته الحساسة، هم وكيل وزارة الداخلية رئيسا، ووكيل الوزارة المساعد للشؤون المالية والإدارية عضوا، ومدير عام الإدارة العامة للتحقيقات عضوا، ومدير عام الإدارة العامة للشؤون القانونية عضوا، إضافة إلى مدير عام الإدارة العامة للشؤون الإدارية مقررا».

واستدركت: «وبعد مقابلة المتقدمين في عدة جلسات، الذين بلغ عددهم 348 متقدما بين ذكور –مدنيين وعسكريين– وإناث وقع اختيار اللجنة على عدد 115 متقدما منهم، تتوافر فيهم جميع شروط التعيين العامة والخاصة، ومن بينها شرط اجتياز الاختبارات والمقابلة الشخصية».

مصلحة عامة

ولفتت المحكمة الى انه «وبناء عليه أصدر وكيل وزارة الداخلية بالنيابة قرارا بتعيينهم بوظيفة باحث قانوني مبتدئ المؤهلة لوظيفة محقق (ج) في الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية، الأمر الذي تكون معه جهة الإدارة قد مارست حقها وسلطتها التقديرية في تعيين من يصلح لتولي هذه الوظيفة، واستبعاد من لا يصلح، وقد أجدبت الأوراق مما يثبت أنها أساءت استعمال هذه السلطة أو انحرفت بها إلى غير تحقيق المصلحة العامة».

وأوضحت أن «الثابت من الأوراق أن المدعية ولئن توافرت فيها أغلب شروط التعيين العامة والخاصة، وتبين أنها حاصلة على الإجازة الجامعية في الحقوق من جامعة الكويت بتقدير جيد جدا ومعدل 80.48%، إلا أنها تخلف بشأنها شرط اجتياز الاختبارات والمقابلة الشخصية».

والمحت الى ان «القول بأن القرار المطعون فيه تضمن تخطيها في التعيين لمجرد وجود من هم أقل منها في المعدل الدراسي يهدر كل قيمة لعمل لجنة المقابلة الشخصية، كما أنه قد يؤدي إلى نتائج سلبية تتعارض مع مصلحة العمل بإلزام جهة الإدارة بقبول من لا يصلح –بالجوانب الشخصية– لتقلد الوظيفة حقا وصدقا، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه صحيحا ولا مخالفة فيه للقانون مما يجعله بمنأى عن الإلغاء، ومن ثم تقضي المحكمة برفض الدعوى».