ناقشت ندوة «أزمة التطور الحضاري» مجموعة قضايا مهمة في التربية والتعليم والإعلام والسياسة والاقتصاد، مقدمة مجموعة مقترحات قيمة.
اختتم مهرجان القرين الثقافي الـ20 أمس، في فندق مارينا، أعمال الندوة الفكرية بعنوان «أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي- إعادة تفكير»، والتي ناقشت عشرة محاور حول موضوع الندوة الرئيسي.وفي جلسة تمحورت حول «القيم والعادات والتقاليد العربية وأزمة التطور الحضاري»، تحدث د. أحمد زايد ود. محمد الحداد، محددين بعض المعوقات التي ساهمت في هذا التأخر.وقال زايد إنه «رغم الشوط الكبير الذي قطعته البلدان العربية على طريق التحديث والتنمية، فإن البناء الاجتماعي والثقافي لايزال يفصح عن تناقضات وتيارات تجعله عرضة للتشظي المستمر، دون أن يكون المجتمع قادرا على تطوير مستلزمات لضبطه ونظمه في تيار عام».واعتبر الحداد ان «المجتمعات العربية شديدة التمسك بالماضي، لأنه كان أرقى من الحاضر»، مبينا أنها تتطلع إلى استعادة دور ريادي في العالم، «ولا يمكن لها تحقيق هذا التطلع ما دام العالم مستمرا على وضعه الحالي، من هنا يتحول الماضي لديها إلى مسكن للآلام، في انتظار تغيير صعب المنال لموازين القوى.وضمن محور العائلة ودورها في التطور الحضاري العربي، لفتت د. منى فياض إلى أن «الثورات العربية تدعم التحول الحاصل على مستوى بروز جيل جديد يطالب بانتمائه إلى القيم العالمية التي تؤكد حقوق الفرد وحرية التعبير والمساواة دون أن يعني ذلك تخليه عن انتمائه لثقافته وهويته العربية»، موضحة ان الجيل الجديد لا يعتبر أن المساواة بين الجنسين وجهة نظر، ولا يعتبر أن حرياته الشخصية قابلة للمساومة.في الإطار نفسه، ترى العتوم «أن العرب فشلوا في خلق الفرد المواطن على حساب الفرد المندمج، وكذلك لم تنجح حداثة التكنولوجيا والمعلومات في التغلب عليه، بل نستطيع القول إن العربي خرج من اندماجه التقليدي في العائلة ليدخل في اندماج أوسع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي».سلطة القبيلةثم فتح باب النقاش، وتمحورت أسئلة المتداخلين حول ما جاء في محتوى البحثين، وذكر الكاتب عبدالمحسن مظفر ان سلطة القبيلة تتجاوز أحيانا سلطة الدولة، إذ إن عنفوان القبيلة وقيمها يكاد يعوق مؤسسة القانون في البلد، معتبرا ان هذه المشكلة من أبرز معوقات التطور الحضاري، لاسيما ان مفاهيم القبيلة تضع أفضلية لأبنائها دون غيرهم، أما الكاتب الصادق بخيت فلفت إلى أنه كلما ضعفت سلطة الدولة ازدادت سلطة القبيلة.من جانبه، شدد الكاتب خليل حيدر على أن المجتمع العربي لم يستطع التخلص من بعض مثالبه، إذ إن ثمة منظومة لاتزال تسيطر على مفاصل الحياة، وعجزت التقاليد الحديثة أو التغيرات عن حسم الأمور لصالحها، مشيدا بأن الحسم مطلوب لأنه أهم خطوة نحو بلوغ الحداثة.عصر الوسائطوفي جلسة أخرى تمحورت حول الإعلام العربي والعولمة، ناقش بحث د. صالح أبوأصبع دور الفضائيات العربية والأجنبية ودور الإنترنت وأشكال التواصل الحدية وشبكاتها، وتأثير هذه الوسائل الجديدة في المجتمع، مقدماً مقترحا بشأن وضع عناصر أساسية لاستراتيجية الإعلام العربي تستطيع من خلالها مواجهة تحديات العولمة.من جانبه، أكد د. خالد عزب ان ما يعانيه العرب راهناً هو التركيز الحاد على تأثير الفنانين، ففي القرن العشرين صفق العرب للمغنين أكثر مما صفقوا للمفكرين، من هنا تجيء أهمية الصناعة الإعلامية في عصر الوسائط الإعلامية المتعددة، التي من أركانها المصداقية والاستدامة، لكي تكسب الشارع إلى جانبها.التعليم والتربيةوضمن جلسة نظام التعليم العربي وأزمة التطور الحضاري، اكد د. محمد بن فاطمة أن التربية العربية تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى حركة تجديد تربوي شاملة تتجاوز حدود الإصلاح الجزئي، مشددا على اعتماد رؤى جديدة تنطلق في ذلك من الواقع الميداني، وتضع الأهداف الواضحة والسياسات الوجيهة، التي تحدد الاتجاه من الإنسان، والزمن، والحضارة؛ بصورة تكفل للإنسان العربي، وللمجتمعات العربية، المشاركة في بناء الحضارة.أما د فوزي أيوب فأكد أن أي تحول تربوي عربي حقيقي وشامل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تحولات سياسية عربية كبيرة تحدث طوعا أو عبر ربيع عربي ناجح، فالتربية «شيء» تابع للسياسة رغم أن التربية تعود فتؤثر في الجمهور الحامل للمواقف السياسية، ولا يمكن أن تتغير بنية النظام التربوي ونوعيته قبل أن تتغير بنية النظام السياسي العربي أولا، لأن القيادة التربوية المجددة تنبثق عادة من قيادة سياسية مجددة.
توابل
ندوة «أزمة التطور الحضاري» اختتمت أعمالها
17-01-2014