أجواء من الفتنة الطائفية تعم المنطقة من جديد وربما بخطورة لم يسبق لها مثيل، ومرة أخرى الكويت بوجودها الصغير وتنوعها المذهبي المتأجج أصلاً في قلب هذا الحدث المزلزل، وفي صورة تعيد إلى الأذهان سنوات الحرب العراقية الإيرانية بكل تبعاتها انتهاءً بالغزو الصدامي للكويت واحتلالها بالكامل.
قد نتفهم موقف بعض الدول الإقليمية إزاء ما يجري في وسط العراق وبروز تنظيم "داعش" ومكاسبه الميدانية لاعتبارات توازن القوى والصراع على زعامة المنطقة، وإن كان ذلك يتناقض مع موقف نفس هذه الدول في تصنيف "القاعدة" ضمن لائحة المنظمات الإرهابية، و"داعش" بالتأكيد أحد فروع هذا التنظيم الإرهابي رسمياً.واعتبار تمدد "داعش" في بعض المحافظات والمدن العراقية التي تعتبر من حواضن هذا التنظيم لدوافع طائفية بمثابة ثورة شعبية في العراق، والتهويل والتهليل لانتصاراته قد يشفيان غليل التعصب المذهبي، ويبعثان الأمل في استعادة العراق عهد صدام حسين، فدول الخليج في أغلبها وقفت ضد حرب إسقاط النظام التكريتي، ودخلت في جمود سياسي مع الولايات المتحدة بسبب تسليم السلطة في بغداد بيد الشيعة رغم أنهم يشكلون الأغلبية السكانية، ولكن على المدى البعيد مهما تكون نتائج الحرب الأهلية الدائرة في العراق حالياً فإنها وخيمة على المنطقة بأسرها، وعامل ضعف لكل دول الإقليم لأنها سوف تنتهي بلا غالب ولا مغلوب، والاستنزاف سيكون سيد الموقف بشرياً واقتصادياً وسياسياً.كحلقة أضعف بالتأكيد سنكون أكثر من سيدفع الثمن من هذا النزاع الطائفي حتى النخاع، ولكن ردود الفعل الكويتية لا توحي بأننا نستذكر تجربة الغزو أو نعتبر من مآسيها، حيث صوت العقل والحكمة سرعان ما بات يخفت أمام الطرح الطائفي والاصطفاف المذهبي، ووسائل الإعلام أمام محك كبير للتمييز بين الكسب السريع أو تحمل المسؤولية، ولكن نجد أن بعض وسائل إعلامنا من صحافة وفضائيات صارت تتسابق مع وسائل التواصل الاجتماعي التي تجاوزت مرحلة الغليان.عذر الكويتيين غير مقبول على الإطلاق في تمجيد "داعش"، ليس لخطورة فكره أو تجنيد الشباب من شرق العالم وغربه للقتال بالإجارة من دولة لأخرى، ولكن بسبب تحالفه المعلن مع قادة البعث الذين احتلوا بلدنا واستباحوا حرمة كل شيء، وها هم يعلنون عزت الدوري رئيساً للعراق بتأييد مطلق من بنات صدام حسين، وأمام خريطة دولة "داعش" التي تشمل حدود الكويت من العبدلي إلى السالمي، ورغم الموقف الرسمي للحكومة باعتبار "داعش" خطرا حقيقيا على أمننا الوطني بل وجودنا ككل، لا يخجل البعض من التطبيل والتمجيد لـ"الدواعش" بحجة طائفية حكومة المالكي!تاريخ العلاقات الكويتية العراقية يثبت أن كل قيادة عراقية قمنا بتمجيدها كتيارات سياسية أو حكومة أو عبر وسائل إعلام انقلبت علينا، وأعلنت رسمياً تهديدنا واعتبارنا جزءاً من العراق، بدءاً بالعثمانيين ومروراً بالملك غازي وعبدالكريم قاسم، وأخيراً صدام حسين، ومع ذلك نجد من يمجّد "الدواعش" أكثر من كل من سبقهم، فأبشروا برد الجميل!
مقالات
رد الجميل للكويتيين!
19-06-2014