عبارة تتكرر عندما تتشابك خيوط الأحداث الجسام "مو وقته"، وأيضا عندما تطرح الأفكار نفسها والمبادرات مع النتائج نفسها بسبب تكرار الأسباب نفسها والأشخاص أنفسهم! لدرجة أن الناس باتت تخشى على المشاريع وأعمال التطوير لبعض القطاعات من الفشل والضياع في مسارات "الدودة" المستندية والفساد، لأنهم شاهدوا بأم أعينهم مبنى جامعة الكويت الذي "يتبخر" كل ثلاثة أشهر بأعواد الخشب المحترق، ومستشفى جابر واستاد جابر ومحطة مشرف وغيرها.

Ad

وفي مثل هذا الجو المشغول بكل شيء إلا العمل والإنجاز، يحق لي أن أسال: هل يجوز أن نحلم؟ حتى أحدد أي نوع من الأحلام أقصد وليس حلم "سند" بمسرحية "على هامان يا فرعون"، أعني الأحلام غير السياسية وتطوير النظام الديمقراطي في الكويت لأنها "بالحفظ والصون"، حكومة تقدمية مدنية وبرلمان شرس بقيادة شابة وطموحة ومعارضة عقلانية يقودها النائب علي الراشد.

أحلام مثل نقل عاصمة دولة الكويت إلى موقع آخر ينسجم مع التطورات العمرانية والانتشار السكاني في المستقبل البعيد، تحديد وظيفة جزيرة فيلكا هل هي مرسى للسفن العابرة أو حقل لزراعة الخيار والطماطم أو جزيرة سياحية تعزز مفهوم السياحة الداخلية، بصراحة حلمي لفيلكا هو بين أمرين لا ثالث لهما؛ إما مشروع إسكاني ضخم ومحترم وخدمات متكاملة وعصرية لأهلها أو تحويلها إلى منتجع سياحي ذي مردود اقتصادي معتبر للدولة والقطاع الخاص، وباب رزق فيه مئات الفرص الوظيفية.

ألا يحق لي أن أحلم بكويت منفتحة على العالم بلا تأشيرة دخول خصوصاً لمن هم في غنى عن العمل لدينا والاختباء في غياهب "كونتية" جليب الشيوخ، أحلم بدار أوبرا أعلم أن "الناس بتتكلم عليها"، ولكنه كلام بدون دليل وما أراه هو أن الدولة ما زالت تفتقد مكانا يصلح لافتتاح المهرجانات الكبرى وتكريم الشخصيات المميزة ومخاطبة حشد كبير من الناس في مكان يتسع لهم برحابة، أحلم بالمنتزه الوطني وسط الصحراء، حيث يجد الناس فيه مكاناً لقضاء أوقات فراغهم والطيور المهاجرة والمقيمة ملاذاً آمنا لأعشاشها وأفراخها، وسيجد أصحاب المشاريع الصغيرة فرصاً متجددة للاستفادة من ذلك المكان.

إن المنتزه القومي الذي أحلم فيه ليس بقعة خضراء والسلام، لكنها أرض خضراء كبيرة أسوارها خطوط من أشجار النخيل، وجميع الأشجار التي تتحمل طقس الكويت الحار وتتوسطها بحيرة من الماء العذب، هذا المنتزه يعيد إحياء مشروع الحزام الأخضر لوقف التصحر وتخفيف حدة الطوز المتزايدة كل عام.

لقد تجنبت ذكر الأحلام السياسية لانتشارها وكثرة تداولها، واكتفيت بما لا يتداخل مع الشأن السياسي رغم يقيني أن الأحلام الصغيرة قبل الكبيرة لا بد أن تعبر من خلال بوابة السياسة، إن الأحلام تفرض نفسها في الوقت الذي تختاره هي ولا تعرف مقولة "مو وقته"، وما علينا سوى البوح بها مهما كنا يائسين لأن الأحلام لا تموت وقد يأتي من بعدنا من يمتلكون فرصة أفضل لتحقيقها، تذكروا قصة وصول الإنسان إلى القمر وتأميم قناة السويس، فستكتشفون أن أحلامي السابقة صغيرة جداً.