تمكن المخرج المسرحي الأردني زيد مصطفى من جذب اهتمام حضور مهرجان المسرح العربي في دورته السادسة، المقامة حاليا في الشارقة، عبر استدعائه بعض الشخصيات من الموت، ودفعها إلى الغناء في جوقة عميان في عمله المسرحي «ع الخشب»، الذي عرض أمس الأول على مسرح معهد الشارقة المسرحي.

Ad

ويتنافس العرض مع ثمانية عروض أخرى على جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي لعام 2013، وقد اختير العمل للمشاركة في المسابقة من بين 160 عملا مسرحيا تقدمت للمشاركة بهذا المهرجان.

وعن هذه التجربة، قال المخرج والمؤلف زيد مصطفى: «كتبت النص من وحي كلمات وردت في نص العميان لميتر لينك، واستفدت من العديد من النصوص المسرحية والأشعار الصوفية والتجارب الشخصية»، مضيفا ان جوقة العميان المنشدين «جزء من العمل، وهم يجسدون حالة العمى في عمومها، كالجهل والخوف (...) والعمى السياسي والاجتماعي اللذين يمارسان على الفرد في العموم».

ويطرح العمل أسئلة كبرى في ما يتعلق بحرية الاختيار والتعبير في أجواء تقليدية وسياسية ضاغطة، فالموتي الأربعة (امرأتان ورجلان) يسردون صورا من حياتهم قبل الموت، وهي مليئة بالممنوعات، المنع من الغناء والمنع من العودة الى الوطن، والمنع من الخروج.

وبرع في تجسيد الأدوار الممثل المخضرم عبدالكامل الخلايله، وبيسان كمال ونهى سمارة، اضافة إلى المخرج نفسه، الذي يعد من الجيل الجديد من المسرحيين في الأردن، وقد سبق للمخرج تقديم مسرحية سعدالله ونوس «طقوس الاشارات والتحولات» في المهرجان عام 2009.

كما أن العمل يزخر بالعديد من الرموز الدلالية والفنية، مثل نثر الرمل في مشهد الفناء الأخير، واضاءة أجساد الممثلين بشريط من الضوء الملتصق بأجسادهم، وكأنه هالة نور أزرق حزين يميزهم.

وفي الندوة التطبيقية التي تلت العرض، اعتبر الاستاذ المسرحي التونسي محمد مديوني ان «العمل يجسد روح الفرقة المسرحية المتكاملة»، مضيفا: «اضافة إلى الممثلين الأربعة هناك جوقة من عشرة مؤدين ومايسترو، بينما يقف فريق فني متكامل خلف هذا الانجاز، ويتمثل في المؤلف الموسيقي وكاتب الأغاني ومصمم الأزياء وفني الإضاءة، إلى جانب المخرج المؤلف».

وزاد المديوني: «لقد اجتهد المؤلف المخرج في معالجة العلة الدرامية في العمل بطريقة لا تخلو من الطرافة، فقد استعاد بعض الموتى الحياة بطريقة أو أخرى، وقدموا صورة عن حياتهم على الأرض تعكس مجتمعا غير سوي لا يتمكن فيه الإنسان الفرد من تحقيق ذاته، فهو واقع تحت ضغوط الموروث الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والمواقف المسبقة الجاهزة التي تلاحقه».

ورأى أن «توظيف الجوقة جاء بشكل واع، فمظهر المؤدين يتماهى مع الممثلين من ناحية الملابس والنظارات السوداء التي تدل على فقدانهم البصر، والتداخل بينهم في الغناء، وهي أصوات جميلة تعيد المسرح العربي إلى انطلاقته الأولى حيث غلبت عليه الغنائية».