حرام يا وزير الإسكان... حرام يا حكومة!
الخبر الذي يُتداول عن نية الحكومة رد القانون الذي أصدره مجلس الأمة مؤخراً بالسماح للمواطن الذي باع منزله وسدد قرض بنك التسليف بالتسجيل مرة أخرى في الرعاية السكنية، ربما يراه البعض خبراً جيداً من باب تحقيق العدالة بين المواطنين والفرص المتكافئة، ولكن من يطّلع على مشاكل عشرات الأسر المهددة بعدم قدرتها على توفير سكن لها ولأبنائها وتفاصيل ما مروا به من معاناة ومشاكل، سيغير رأيه بالتأكيد، وسيطالب الحكومة بأن تصادق على هذا القانون وتضع له لائحة تنفيذية متكاملة لتمنع أي تلاعب من خلاله.الحقائق تبين أن هناك عدداً من الأسر أصبحت غير قادرة على سداد قيمة الإيجارات المتنامية لسكنها، وهي في الأصل باعت بيتها وسددت كل مستحقات بنك التسليف على أمل الانتقال إلى سكن آخر لسبب اجتماعي، أو لمشكلة ما مع الجيران، أو لأمور حياتية أخرى، وبعد ذلك استجدت ظروف منعتها من شراء بيت بديل، مثل قرار البنك المركزي بوقف الجمع بين راتب الزوج والزوجة للحصول على قرض إسكاني، وتحديد نسب استقطاع معينة لمنح القروض، بالإضافة إلى شروط أخرى استجدت، فضلاً عن الارتفاع الصاروخي المفاجئ لأسعار العقارات في السنوات الخمس الأخيرة، وهي الظروف التي أوقعت تلك الأسر في ورطة كبيرة.
بالتأكيد، الدستور يحرص على العدالة والمساواة بين المواطنين، ولكنه لا يمنع معالجة الحالات الاستثنائية، كما حدث في قوانين المديونيات الصعبة وصندوق المعسرين وصندوق الأسرة، بالطبع لم يكن كل الكويتيين معسرين أو لديهم مديونيات صعبة، ولكنها حالات استثنائية وخاصة أوجبت المعالجة، وهي نفس حالات تلك الأسر التي سددت قروض بنك التسليف ولسبب ما لا تستطيع الآن إيجاد سكن لأبنائها، وهم في أشد الحاجة إلى معالجة أوضاعهم، ويمكن وضع لائحة تنفيذية متقنة تتعامل مع هذه الأسر، بحيث لا ينفُذ من القانون أي متلاعب، وهناك الكثير من الوسائل لتحقيق ذلك، لأنه حرام على الوزير الشاب ياسر أبل أن يزيد معاناة تلك الأسر برد ذلك القانون الإنساني.***لن أدعم أو أعارض المقترح النيابي الخاص بتقديم مكافأة نهاية الخدمة للمواطنين، رغم أنه يحقق العدالة المفقودة بهذا الشأن، ولكن العدالة تقول، إنه إذا رُفِض القانون أو ردته الحكومة ولم تصادق عليه فيجب أن تتوقف بعض الجهات الحكومية والعسكرية في الدولة عن صرف المبالغ الهائلة التي تُدفع لموظفيها كنهاية خدمة، والتي أوجدت تمايزاً فاحشاً ومستهجناً وعدم عدالة بين الكويتيين، فلا يجوز مثلاً أن موظفاً في وزارة المواصلات وزارته تحقق أرباحاً متواصلة على مدى 35 عاماً وتورّد مئات الملايين من الدنانير لخزينة الدولة، أن يتقاعد ويغادر وظيفته بـ"طرق الدشداشة" وراتب تقاعدي هزيل، بينما يحصل موظف "الخطوط الجوية الكويتية" التي أفلست شركته ويكلف تشغيلها سنوياً خزينة الشعب الكويتي مئات الملايين من الدنانير، عند تقاعده على مكافأة برقم أمامه خمسة أصفار وراتب تقاعدي خيالي.. فهذا، والله، حرام يا حكومة!