توقعت كغيري أن يقوم وزير العدل أو على الأقل وكيل وزارته أو حتى الوكيل المساعد لشؤون المحاكم باستدعاء أمين سر جلسة دائرة البيوع في المحكمة الكلية عبدالله الجيران لاكتشافه واقعة التزوير لحكم قضائي منسوب صدوره إلى دائرة البيوع في المحكمة الكلية كنوع من التقدير، كما يقوم وزير الداخلية بتكريم ضباطه المسؤولين عن ضبط الجريمة كنوع من التقدير وبهدف رفع الهمة لديهم للاستمرار في ذات النشاط بل ويصرف لهم مكافآت مالية ويلتقط معهم صورا وتقوم الصحف بنشرها، إلا أن وزير العدل على ما يبدو لا يعلم عن واقعة تزوير الحكم القضائي والتي تعد سابقة بتاريخ المحاكم، ولا حتى عن الجهد المبذول من أمين سر الجلسة عبدالله الجيران في اكتشافها، ولا حتى بتولي النيابة العامة ملف التحقيق فيها، وإلا لكان على الأقل قام باستدعاء الموظف الجيران، وقام بتكريمه أو حتى لاكتفى بالاتصال عليه مقدما الشكر له ولأمانته في العمل وحرصه عليه.

Ad

الأمر سيكون مختلفا لو كان أمين السر قد أهمل في عمله أو أنه صدق على الحكم المزور من دون قصد نتيجة زحمة العمل اليومي في المحاكم، وبعدها تم نقل ملكية المنزل المنسوب بيعه لدائرة البيوع في المحكمة الكلية، وطرد أهل ذلك البيت فلجأوا للقضاء بعد أن اكتشفوا أمر تزوير هذا الحكم القضائي لكان عبدالله ومن تبعه بالتصديق في السجن لأن القانون لا يرحمهم، كما أن لا الوزارة ولا وزيرها لن تقف معهم نتيجة ذلك الخطأ الذي ربما لم يكن مقصودا لأنه خطأ ذو كلفة سياسية هي أكبر عليهم من الوقوف مع موظف أو اثنين فصورة المحاكم وقضائها وثقة الناس فيها ستكون على المحك!

وفي المقابل عندما يصيب عبدالله وزملاءه في العمل لا يجدون حمدا ولا شكرا من وزارتهم ولا تكريما لهم، بل يجدون افتئاتا على حقوقهم وهضما لأموالهم ومكافآتهم عن بدل مقابل الجلسات المسائية الذي لم يصرف لهم منذ عام ونصف العام، بل وملاحقة من بعض مسؤوليهم عن أخطاء ربما تكون غير مقصودة، وقد يكون نفس المسؤولين ارتكبوها عندما كانوا على مقاعد ذات الوظيفة سابقا، والسبب هو غياب مبدأ الثواب لدى الوزارة واعتمادها على مبدأ العقاب والتربص من دون وزن وقيمة على من يستحق بها فعلا.

ذلك النهج الذي استمرت فيه وزارة العدل ومسؤولوها تجاه الموظفين وتجاه حقوقهم من سنوات يجب أن يتغير، وأن يتبدل إلى نهج يكافئ المنتج ويعاقب المقصر، وأن تتحلى الوزارة ومسؤولوها بقدر من المساواة تجاه كل موظفيها بعيدا عن فرض الولاءات، وأن تبتعد عن الشخصانية إزاء من يقوم بمقاضاة الوزارة طلبا لحقوقه الوظيفية التي أقرها القانون وليس في مقاضاته طلبا لحقوقه عدوان لمسؤوليها!

مكتوب على جبين وزارة العدل ألا تدار من مختصين ولا حتى من المؤهلين لها، بسبب نظرة الحكومة لها كوزارة توعوية كوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فلا يهم من يديرها، في حين أنها من أكثر الوزارات التي تحفظ أسرار الناس الخاصة جدا، ويفترض بها أن تصون سريتها وأن توفر كل الخدمات التي تمكن السلطة القضائية من أداء رسالتها وتعينها على تحقيقها!