«الدولة الإسلامية» يحقق أكبر مكاسب ويجني أوسع عداوات

نشر في 05-07-2014 | 00:05
آخر تحديث 05-07-2014 | 00:05
No Image Caption
حدود «خلافة» التنظيم تمتد 400 كم من مدينة الباب قرب تركيا إلى البوكمال المجاورة للعراق
فرض تنظيم "الدولة الإسلامية" نفوذه على معظم مناطق الشرق السوري، وعزز وجوده على الحدود مع العراق، بينما خطف مقاتلوه الذين تمكنوا من السيطرة على أكبر حقل نفطي في سورية، بلدة زور مغار من وحدات حماية الشعب الكردي، ليوسع بذلك نطاق دولته التي أعلنها الأحد وبايع زعيمه أبوبكر البغددي خليفة عليها.

سيطر مقاتلو الدولة الإسلامية على معظم أنحاء شرق سورية في وقت يواصلون تقدمهم في المحافظات السنية بالعراق المجاور، كما استولى التنظيم على أسلحة من مخازن السلاح في سورية والعراق وعلى أموال من البنوك في المدن التي سيطر عليها، كما يضع يده على حقول نفط وأراض زراعية.

في سورية، تحولت الانتفاضة التي تفجرت قبل أكثر من ثلاث سنوات على الرئيس بشار الأسد إلى معارك بين فصائل المعارضة السنية وفيها يعلو نجم تنظيم الدولة الإسلامية.

وهذا الأسبوع أخرج مقاتلو "الدولة الإسلامية" جبهة النصرة التابعة لتنظيم "القاعدة" من بلدة البوكمال في وادي الفرات على الحدود السورية مع العراق، مشددين قبضتهم على جانبي الحدود التي تم ترسيمها خلال سنوات الاستعمار ويقولون إنها باتت الآن تاريخا ولى وذهب.

ومكن هذا النصر التنظيم من بسط سيطرته الكاملة على نقطة عبور للمرة الأولى ووفر له منصة انطلاق في الهجوم على مواقع جبهة النصرة بمحافظة دير الزور السورية المنتجة للنفط.

وتمتد حدود الدولة الإسلامية في سورية 400 كيلومتر من الحدود التركية قرب مدينة الباب إلى الحدود العراقية في البوكمال وهي أراض استولى التنظيم على معظمها في معارك مع فصائل منافسة وليس مع قوات الأسد.

توسع مستمر

ورغم أن مكاسب "الدولة الإسلامية" الأخيرة في سورية تحققت شيئاً فشيئاً لا على النحو الخاطف الذي حدث في شمال وغرب العراق في يونيو، فإنها تبرز استمرار توسع التنظيم الذي لم يكن له وجود في البلاد قبل عامين فقط. وحتى وقت قريب كان التنظيم يسمي نفسه "الدولة الإسلامية في العراق والشام".

وقال باتريك سكينر، الضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية والخبير بمجموعة صوفان الاستشارية في نيويورك، إن "التطورات التي حدثت خلال الأيام الماضية ستغير على الأرجح آليات العمل في سورية بعد ثلاث سنوات من الهجمات والهجمات المضادة وجمود الوضع".

ويعمل تحت إمرة "الدولة الإسلامية" في سورية بضعة آلاف من المقاتلين يقودهم مقاتل من جورجيا هو أبو عمر الشيشاني. وعلى النقيض من أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية ككل والذي لا يعرف له مكان، كثيراً ما يظهر الشيشاني على أرض المعركة، وقد ظهر في الآونة الأخيرة وهو يتسلم عربات عسكرية تم الاستيلاء عليها بالعراق وجلبها إلى سورية.

ولم يبد رجاله رباطة جأش في المعارك فحسب، بل أثبتوا براعة في استخدام القوة الناعمة التي مكنتهم من استغلال تحالفات محلية أو الاستفادة من مظالم الأهالي أو شراء ولاء المعارضة.

قسوة «الدولة»

وعلى سبيل المثال لا الحصر تم الاستيلاء على مدينة الموحسن التي تقع على بعد 16 كيلومترا إلى الجنوب من المطار العسكري في دير الزور دون قتال ولكن من خلال تحالفٍ مع زعماء محليين يتوقع نشطاء أنه انطوى على تقديم مبالغ مالية بشكل أو آخر.

وكان لتسجيلات الفيديو التي تصور قسوة مقاتلي الدولة الإسلامية، بما في ذلك إعدام جماعي للأسرى وعروض للقوة، دور في إبراز سلطة التنظيم.

واستعرضت يوم الاثنين معدات عسكرية ثقيلة عبر شوارع الرقة، وهي العاصمة الإقليمية السورية الوحيدة التي خرجت كلها عن سيطرة الأسد. ومن تلك المعدات مدفعية تقطرها مركبات، ومنها دبابات وسيارات همفي وصاروخ قيل إنه صاروخ سكود وحملت هذه المعدات شعار التنظيم.

وحاصر "الدولة الإسلامية" قوات الأسد في مدينة دير الزور لما يقرب من ثلاثة أشهر في خطوة قال الديري إنها تشبه حملة الحكومة "الجوع أو الركوع".

وانسحبت جبهة النصرة يوم الخميس من معقلها في الشحيل بمحافظة دير الزور ومن مدينة الميادين. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يقع مقره في بريطانيا ويتابع الأحداث على الأرض، إن مقاتلين من العشائر المحلية بايعوا "الدولة الإسلامية" مما مكنه من السيطرة على معظم المحافظة الحدودية.

وفي محافظة حلب الشمالية على حدود الأراضي التي هيمن عليها "الدولة الإسلامية" شن مقاتلو التنظيم هجوماً على خصوم من المعارضين ممن أضعفهم القتال الطويل، فضلاً عن مقاتلته أيضا إلى الشرق من دمشق.

ضربات الأسد

وكان "الدولة الإسلامية" حتى وقت قريب بمنأى كبير عن ضربات قوات الأسد التي ركزت اهتمامها على استعادة أراض في وسط سورية، واستفادت من الاقتتال بين فصائل المعارضة والذي فجر شرارته توسع الدولة الإسلامية.

وبشكل غير رسمي أقر دبلوماسيون مقربون من حكومة الأسد بأن دمشق تعتبر "الدولة الإسلامية" قوة مدمرة لمقاتلي المعارضة، مبينا أن هناك إدراكا ضمنيا بحدوث مواجهة في نهاية الأمر بين التنظيم ودمشق بعد القضاء على خصومهما المشتركين.

وفي الأسبوع الماضي ضربت طائرات حربية مدينة القائم العراقية الخاضعة لسيطرة "الدولة الإسلامية" عبر الحدود من بلدة البوكمال. وقالت مصادر في سورية والعراق إن الطائرات سورية رغم النفي الرسمي من بغداد ودمشق.

ولأول مرة منذ سيطرت "الدولة الإسلامية" على الرقة كلها قصفت قوات الأسد المدينة عدة مرات في الأسبوعين الأخيرين.

خطورة القصف

واختلفت التقديرات حول مدى خطورة القصف. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه كانت هناك 15 غارة جوية في الرقة ودير الزور يوم الثلاثاء لكن بعض النشطاء يقولون إن هذه التحركات ظاهرية في معظمها.

وقال ناشط في الرقة عرف نفسه باسم أبوبكر: "نسمع كثيرا في وسائل الإعلام أن الحكومة تضرب معاقل الدولة الإسلامية، لكننا لا نرى ذلك على الأرض. إنهم يضربون قرب الدولة الإسلامية، ولا نرى سوى سقوط ضحايا مدنيين وتضرر عقارات يملكها مدنيون".

ويحشد خصوم آخرون مقاتليهم ضد الدولة الإسلامية. وإلى الشرق من دمشق يعمل مقاتلون من جيش الإسلام الذي تدعمه السعودية على إخراج مقاتلي التنظيم من بلدة ميدعا في منطقة الغوطة.

وقال زهران علوش قائد جيش الإسلام لمقاتليه، قبل أن يرسلهم للقتال هذا الأسبوع، إنهم قاتلوا النظام العلوي والشيعي من قبل و"حرروا" الغوطة وأجزاء كثيرة، أما اليوم فإنهم ذاهبون إلى ميدعا لسحق تنظيم الدولة الإسلامية.

(دمشق- رويترز)

back to top