علمت "الجريدة" أن القرار الذي اتخذه وزير الصحة د. علي العبيدي قبل يومين بوقف إدخال الطعم السداسي ضمن جداول تطعيمات الأطفال لعدم وجود قرارات من المنظمات الدولية لحث الدول على استخدامه، سيعقبه قرار لا يقل جرأة، وهو إعادة النظر في التوجه لإدخال الطعم المعروف بـHPV للوقاية من سرطان عنق الرحم، الذي كان يروج له بضراوة بالرغم من المضاعفات المرتبطة به، والتي سجلها العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وحدثت بسببه بعض حالات الوفاة.

Ad

ورجحت مصادر صحية مطلعة عدم اعتماد محضر لجنة الطعوم الثامن المنعقد بتاريخ 30 ديسمبر الماضي والذي حاولت فيه اللجنة إدخال الطعم بناء على توصية من استشارية أطفال في مستشفى البنك الوطني باللجنة عرضت في الاجتماع تقريرا للمفاضلة بين نوعين من أنواع الطعم الواقي من سرطان عنق الرحم، وقامت بعدها اللجنة باختيار احدهما بحجة أنه سيكون أفضل لو تمت مقارنته بالطعم الثنائي من حيث الجدوى الاقتصادية، إذا كانت تكلفة الطعمين متقاربة.

 وكما جاء بالتقرير الذي قدمته استشارية الأطفال للجنة الطعوم أن هناك مشكلة قد تواجه القائمين على التطعيم حيث ان معظم اللاتي يعطى لهن الطعم لم يقمن باستكمال الجرعات الثلاث حسب ما دلت عليه النتائج في الولايات المتحدة خلال عام 2013.

3 جرعات

وحسب المصادر، فإن استشارية الأطفال قالت في تقريرها عن التطعيم ضد سرطان عنق الرحم "يمكن تقديمه للطالبات عند دخول المرحلة الثانوية وحتى 26 سنة وعلى ثلاث جرعات، ويجب عدم تقديمه قبل ذلك حتى لا تزول المناعة مع مرور الزمن".

 وأوضحت أنه وبعد مناقشة مستفيضة في لجنة الطعوم من قبل جميع الأعضاء أبدى كل عضو وجهة نظره بخصوص الطعمين، استنادا إلى ما جاء في التقرير، وتمت الموافقة وبالإجماع على استخدام الطعم الرباعي وذلك نظرا للمبررات الفنية، مضيفة أن لجنة الطعوم شرعت في مخاطبة إدارة المستودعات الطبية لمعرفة أسعار الطعمين.

ووفقا لما جاء في محضر الاجتماع فإن مقرر اللجنة قال إن هناك تجربة ناجحة لإدخال هذا الطعم في إمارة أبوظبي، ووعد بالاتصال بالمسؤولين هناك للحصول على أي معلومات عن هذا الموضوع وعرضه على الاجتماع القادم.

وأشارت المصادر إلى أن توصيات لجنة الطعوم اشتملت على الطلب من الشركة الموردة للطعم الرباعي المشاركة في حملة التوعية المقدمة للأطباء، وعمل خطة للتوعية عن أهمية الطعم، وهو ما يعني أن اللجنة قد حسمت الأمر وقررت إدخال الطعم الواقي من الثآليل والالتهابات التناسلية وكذلك سرطان الفرج والمستقيم وعمل حملة توعية له استنادا إلى تقرير استشارية الأطفال، لافتة إلى أن اللجنة لا يوجد بها أطباء متخصصون في أمراض النساء والتوليد، موضحة أن الدراسة لم تشر إلى رأي مجلس أقسام النساء والتوليد، وهو الجهة الفنية والمختصة في هذا النوع من الطعوم وليس أطباء الأطفال.

وأضافت المصادر بالقول: "وبينما أسهبت اللجنة الوطنية للخطة العامة للتمنيع (لجنة الطعوم) في اجتماعها الثامن في دراسة تقرير اللجنة المكلفة بإعداد مفاضلة بين الطعمين المستخدمين للوقاية من سرطان عنق الرحم واختيار الأفضل، فإن محضر اجتماع اللجنة لم يتطرق من قريب أو بعيد الى مضاعفات هذا الطعم والتي وصلت شدة بعضها إلى حدوث وفيات بين البنات، وأدت إلى تشديد المنظمات والهيئات المتخصصة على ضرورة وجود نظام لرصد مضاعفات الطعوم وإسعاف المصابين بها في أسرع وقت، وإجراء دراسات مستمرة وترصد للتأثيرات الجانبية للطعوم، وهو ما لم تتطرق اليه اللجنة الوطنية أو الفرعية عند دراستها لقرارات إدخال الطعوم ضمن جداول التطعيم بالبلاد.

أجواء محافظة

وأوضحت المصادر أن تقارير وبيانات السجل الوطني للسرطان يؤكد أن سرطان عنق الرحم يقع في ذيل قائمة أنواع السرطانات، ولا يعتبر من السرطانات الشائعة بين النساء، بل ان الحالات المصابة به تصل بصعوبة إلى عدد أصابع اليدين في العام الواحد، ولا يشكل خطورة على الحياة ويتميز عن غيره من الأنواع الأخرى بمعدلات عالية للبقاء على قيد الحياة على عكس الدول الغربية التي لا يوجد بها أجواء محافظة وتنتشر بها العلاقات غير الشرعية والحرية الجنسية للمراهقات، وهي مبررات ودواعي إدخال ذلك النوع من الطعوم في تلك الدول التي لا تسودها التقاليد المحافظة. ورجحت المصادر أن يلحق تطعيم عنق الرحم بالطعم السداسي والذي استغربت الأوساط الطبية محاولات إدخاله لجدول تطعيم الأطفال على الرغم من غيابه عن جداول تطعيم الأطفال في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، والتي تنبهت إلى خطورته بعد الوفيات المرتبطة به.

وأوضحت المصادر أن استراليا أدخلت هذا الطعم في عام 2007 في المدارس، وتم تطعيم 720 فتاة، أصيب منهن 26 بحالات إغماء ودوخة وزيادة في خفقان القلب ونقلت 4 منهن إلى المستشفى بواسطة الإسعاف، ما احدث حالة من الهلع وقتها في استراليا.

جدير بالذكر، أن هذا التطعيم أوقف وزير الصحة الأسبق د. هلال الساير إدخاله إلى الوزارة عام 2009.