زلة شيخ
استمعنا إليه قبل أكثر من عقد من الزمان مع الشاب الآخر صاحب الصوت الشجي محمد البراك وهما يشدوان بالقرآن ويؤمان المصلين في ليالي رمضان المباركة، كانت موهبته طاغية وصوته مؤثراً، وكان من البراعة أن اتجه إلى الأناشيد الإسلامية والتقلب بين مقامات القرآن باقتدار كبير وموهبة خارقة، ويجب الاعتراف بأن الشيخ مشاري العفاسي قدّم بديلاً ناجحاً ومقبولاً للأغاني بألحانه الجميلة وإيقاعاته الأصيلة واختياره الذكي للكلمات التي تراوحت بين لهجات الخليج وعجمة المغرب العربي وأريحية لهجة مصر المحببة للجميع.الشيخ مشاري عُرف بالخجل الكبير والأدب الجم إضافة إلى بعده عن مواطن الخلاف الساخنة، وهذا من أفضل ميزات من هو في محله، وقد أعلنها الرجل صراحة في أكثر من موقع.
وفجأة، وكأي منّا جميعاً، أدلى الرجل بتصريح يخصه ويحمل بصمته مما أثار حفيظة كثير من معارضي نظام العسكر الذي يختطف مصر حالياً، وهنا بدأت مشاكل الشيخ مشاري وحده وليس غيره، لا نعرف من الذي أوحى إليه أن "الإخوان" يهاجمونه، فظهر بشخصية غير التي عهدناها عنه، وعادة تخرج هذه الشخصية عند تعرض الشخص للضغوط، ويبدو أن الشيخ كان أضعف من تحملها، فأظهر شخصية عدائية متسرعة ينقصها حسن التقدير. أخذ الشيخ مشاري يقذف بما يعرف وما لا يعرف من اتهامات لهذه الجماعة، وأشقى نفسه بالبحث عن أي شبهة يمكن أن ينتقم بها منهم، طرق أبواب "اليوتيوب" وهرع إلى كتب الأموات، وذهب إلى الأمور الخلافية عله يجد زلة هنا أو خطأ هناك.أعانه في ذلك بعض "المتحمسين" ومجموعة من الاستغلاليين الذين تغويهم الخصومة ويستهويهم "سب" "الإخوان"، فامتطوا صفحة الشيخ في "التويتر" وأفسدوا "التايم لاين" وملؤوها بما لا يليق أن تمتلئ به صفحة الشيخ من تلاوات القرآن وأدعية مختارة. والعجيب، الذي يؤكد "انزلاق" الشيخ أنه صار يعيد تغريداتهم بما فيها من غث ومعيب.الفائدة الوحيدة من "زلة" الشيخ هي ردود المشايخ أصحاب العلم "الحقيقيين" الذين زادوا ثقة الناس في عدالة قضية الشعب المصري المناضل ويقينهم بشرعية معارضة الانقلاب.مشكلة العفاسي الكبرى أنه دخل في إعصار الثورة المصرية الباسلة التي لا قبل له ولا لغيره بها، فهي الكاشفة والفاضحة... والمنتصرة في النهاية.