حذرت القوى والتيارات السياسية الحكومة ومجلس الأمة من مغبة تمرير الاتفاقية الأمنية الخليجية في جلسة غد الثلاثاء، متوعدة باللجوء إلى عدة تحركات شعبية لمواجهتها في حال إقرارها.

Ad

أجمعت القوى والكتل السياسية في البلاد على ضرورة رفض الاتفاقية الأمنية الخليجية وعدم تمريرها، لأنها تقوّض الحريات وتتعارض مع حقوق مكتسبات المواطن الكويتي، وتنتهك سيادة الدولة.

وطالبت القوى السياسية مجلس الأمة، في مؤتمر صحافي بمقر «المنبر الديمقراطي أمس، بالوقوف في وجه محاولات تمريرها وعدم اعتماد تقرير لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية قبل تسلم تقرير لجنة الخبراء الدستوريين، متوعدة الحكومة باللجوء إلى وسائل عدة لمواجهة هذه الاتفاقية في حال تمريرها في المجلس.

بداية، قال أمين عام المنبر الديمقراطي بندر الخيران: إن القوى السياسية رغم اختلافها في بعض القضايا، لكنها تتفق اليوم على رفض الاتفاقية الامنية لمصلحة الوطن والشعب، مضيفا «واليوم نسجل رفضنا للاتفاقية، وننطلق من مبدأ الدفاع عن المكتسبات والحريات، ونؤكد موقف التنظيمات السياسية برفضها لما تم من إجراءات إغلاق صحيفتي الوطن وعالم اليوم، وعلى السلطة أن تحترم مبدأ حرية الاعلام»، مؤكدا «أهمية دور القوى السياسية في تبني مكتسبات الأمة والدفاع عنها، ورفض كل ما يمس وحدة المجتمع أو الحريات المكفولة للمواطنين».

وأضاف الخيران «لذلك كان لنا موقف، ودعونا له، ولبت جميع التنظيمات السياسية الدعوة للتعبير عن رفضنا للاتفاقية، وأصدرنا بيانا الشهر الماضي بهذا الخصوص، وها نحن اليوم نكرر رفضنا لهذه الاتفاقية»، موضحا أن الموضوع مطروح على مجلس الامة غدا الثلاثاء، متمنيا أن «توأد الاتفاقية في هذه الجلسة وتنتهي المسألة».

وأشار إلى أن هذا الأمر نوقش مرات عدة منذ تأسيس مجلس التعاون عام 1981، وكان لدى قادة دول المجلس هاجس اقتصادي، والذي للأسف لم يكن بالمستوى المطلوب، ولم يكن القادة جادين في تحقيق الرفاه لشعوب دول التعاون ضمن احترام حقوق الإنسان، بل تم التركيز في جميع المشاريع على الجوانب التي تحمي الأنظمة وتحميها مثل الاتفاقية الامنية التي عُرِضت في ثمانينيات القرن الماضي، ورُفِضت من الحكومة الكويتية لتعارضها مع الدستور ومكتساب الشعب، وبعد موضوع الربيع العربي بدأت الحكومات تضغط في اتجاه توقيع هذه الاتفاقية، وبكل أسف يبدو أن الحكومة الكويتية ترضخ لمثل هذه الضغوط.

 ولفت الخيران إلى أن «الكتل والتيارات السياسية عقدت عدة اجتماعات، واتفقت على عدة فعاليات للتصدي لهذا المشروع، وكلها مرتبطة بما ستسفر عنه جلسة مجلس الامة يوم الثلاثاء المقبل (غدا)، لكننا لن نفصح عنها الآن».

تقويض الحريات

ومن جهته، أكد محمد الدلال الأمين العام للحركة الدستورية الاسلامية (حدس) أن التنظيمات السياسية التقت بجميع أطيافها للتعبير عن رفضها لهذه الاتفاقية، مضيفا «كنا نأمل أن نلتقي اليوم لكي ندعم ونشيد بالخطوات الاصلاحية على مستوى دول مجلس التعاون، إلا أننا، وبكل أسف، نلتقي لنعبر عن رفضنا لاتفاقية نرى أنها تقوّض الحريات، وتعتدي على مكتسبات المواطن الكويتي».

 وأشار الدلال إلى وجود ردة كبيرة جدا على محاولات الشعوب لتطوير أوضاعها، «وليست الاتفاقية الامنية الخليجية وحدها هي التي تمثل مصدر الخطر، بل هناك اتفاقيات اخرى موجودة في مجلس الامة وهي مصدر خطر أيضا، ومنها الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب، واتفاقية منظمة المؤتمر الاسلامي لمكافحة الارهاب، وفيهما من النصوص الكثيرة التي تعرقل مسيرة الحريات، وتضع حرية التعبير وحرية التنقل وضمانات التقاضي في مؤخرة الصفوف، وتمنع الانسان من ممارسة حياته الطبيعية».

وأضاف «كنا نتمنى أن ندعم توجهات الدول نحو التنمية الاقتصادية أو التوجه نحو الحكم الصالح والرشيد، لكننا اليوم نلتقي لنواجه عقلية تريد أن تحول الخليج إلى سجن كبير، عقلية قدمت الجانب الامني والبوليسي على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك وجدت القوى السياسية الكويتية أن من واجبها الشرعي والدستوري والوطني أن تقف ضد هذه الاتفاقية الامنية».

 وقال الدلال «باسم الحركة الدستورية الاسلامية، ودعما لتحرك الاخوة في القوى السياسية، لا يمكن أن نقبل هذه الاتفاقية الامنية، ولا يمكن أن نقبل من يمنعنا من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

مصالح الشعب ومكتسباته

ومن جانبه، قال ممثل حركة العمل الشعبي (حشد) عبدالله الأحمد إن «المعيار الذي نضعه في حركة العمل الشعبي للنظر في مدى قبول الاتفاقيات هو عدم تعارضها مع مصالح الوطن والمواطنين، وحماية مكتسباتهم الدستورية، ومتى ما تحققت هذه الشروط يمكن عندها الدخول في تفاصيل أي اتفاقية والخوض فيها، لكن مادامت هناك بنود تتعدى على حدود الرقعة الجغرافية للكويت أو تتعدى على أمن ومصالح الشعب الكويتي، فإن الكتلة تقف، ومعها بدون أدنى شك كل التيارات والكتل السياسية، للتصدي لهذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات التي تتعارض مع حقوق ومكتسبات الوطن والمواطن».

وأوضح الأحمد أن «الحكومة الكويتية كانت قد رفضت الدخول في اتفاقية أمنية في ثمانينيات القرن الماضي كانت بنودها أقل وطأة من الاتفاقية الحالية، والآن تأتي لتحاول تمرير اتفاقية أمنية تنتقص من حريات الشعب الكويتي، فهذا ما لا نسمح به».

انتهاك لسيادة الدولة

وبدوره، قال أمين سر التحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ «إننا نتوجه بالشكر إلى الاخوة في المنبر لتبنيهم للحملة الرامية إلى مواجهة مشروع تمرير الاتفاقية الامنية، وقيامهم بجمع التيارات السياسية، وهو امر ليس بغريب على الاخوة في المنبر وهو دورهم الوطني منذ القدم».

وذكر الصايغ أن «اجتماع القوى السياسية اليوم أبلغ رسالة للحكومة ومجلس الأمة بأن اغلب التيارات، إن لم يكن كلها، ترفض هذه الاتفاقية»، لافتا إلى أن «عملية الرفض ليست ترفا سياسيا بل هو رفض يأتي انطلاقا من قناعتنا بأن هذه الاتفاقية تنتهك سيادة الدولة وحريات الشعب، وبالتالي فرفضنا هو دفاع عن الكويت وشعبها وحرياته التي كفلها الدستور في معظم مواده».

وأشار إلى أن «الغريب اليوم هو التحرك الخليجي الذي نلاحظه من خلال الاتفاقية الامنية والتسويق للاتحاد الخليجي، وهذا النوع من التسويق يؤكد وجود تحرك على مستوى عال لقمع حريات شعوب المنطقة، ونحن لنا أن نتحدث عن الشأن المحلي لأن شعوب دول الخليج أحرار فيما يرونه مع حكوماتهم».

 وتابع «نعرف أن الديمقراطية الكويتية مزعجة لدول الخليج، ونعرف أنها مثال جاذب للشعوب الخليجية التي تطمح إلى تطبيق جزء منها لديهم»، لافتا إلى أن «إقرار الاتفاقية فيه عملية تنقيح غير مباشر للدستور الكويتي».

خطأ في التسويق

وبين أن الحكومة دائما، في محاولات تسويقها، تتحدث عن أن المادة الاولى في الاتفاقية تنص على أن التشريعات الوطنية لها الاولوية، وهذا أكبر خطأ في التسويق، لأن أخطر مادة في الاتفاقية هي المادة الاولى، ومتى ما اقرت هذه المادة وأصبحت نافذة من مجلس الامة فهي ستعتبر قانونا نافذا في الدولة، وهذا القانون سيسد فراغا تشريعيا موجودا بسبب طبيعة الحياة السياسية في الكويت، وبالتالي فإن ما يقال عن أن المادة الاولى من الاتفاقية ستحمي الدستور الكويتي فيما يتعلق بالتعارض مع التشريعات والقوانين، كلام غير صحيح، لاسيما في مسألة تسليم المطلوبين والجريمة السياسية».

هيئة الخبراء

ولفت إلى أن المستغرب هو استعجال مجلس الأمة، وخاصة اللجنة الخارجية، في هذا الأمر، خاصة أن اللجنة رفعت تقريرها قبل ورود تقرير هيئة الخبراء الدستوريين، مشيرا إلى أن المطلوب من المجلس عدم التصويت على تقرير اللجنة الخارجية دون وجود تقرير الخبراء الدستوريين الذين أعرب أغلبهم عن رفضهم لهذه الاتفاقية لتعارضها مع الدستور الكويتي، مطالبا بضرورة إثبات هذه الأمور في مضابط مجلس الأمة، مؤكدا «أننا مستمرون في رفضنا لهذه الاتفاقية، وهذا الموقف ليس وليد اليوم، وسننتظر جلسة الثلاثاء المقبل، وبعدها لكل حادث حديث».

واختتم الصايغ حديثه قائلا: «نأمل أن يقف مجلس الامة الذي نعتبره برلمانا حقيقيا يمثل الشعب الكويتي، ضد هذه الاتفاقية»، مشيرا إلى أن «هناك اتصالات من جانب التحالف لعمل لوبي وضغط من داخل المجلس لرفض هذه الاتفاقية».

رسالة واضحة

وقال ممثل التيار التقدمي الكويتي محمد نهار إن «التيار كان له موقف واضح في يوليو الماضي من هذه الاتفاقية، إذ أصدر بيانا دعا فيه النخب السياسية والشعب الكويتي للوقوف ضدها»، لافتا إلى أن «الرسالة التي نريد إيصالها اليوم هي رسالة واضحة للسلطة والمجلس والشارع بخطورة هذه الاتفاقية، التي جعلتنا ننسى كل خلافاتنا الجانبية ونركز على مسألة واحدة وهي مواجهة هذه الاتفاقية التي تمس حريات المواطنين ومكتسباتهم الدستورية».

وأضاف نهار «اننا في التيار نرى أن الاتفاقية تنطوي على مساس صارخ بالسيادة الكويتية، وتنتقص من الضمانات الدستورية المكفولة للمواطنين وحرياتهم، ما يقتضي الانسحاب منها ورفض التصديق عليها»، مشددا على أن التيار ماض في هذا الاتجاه ويمد يده للجميع لمواجهة المحاولات الرامية للتصديق عليها.

عدم الدستورية

من جانبه، قال ممثل «حدم» طارق المطيري إن «موقفنا واضح إذ نرفض هذه الاتفاقية الأمنية الخليجية، ويأتي رفضنا من عدة منطلقات من بينها عدم الدستورية، كذلك من باب حقوق الانسان الطبيعية ومنها الحريات»، مشددا على ان «هذه الاتفاقية تعارض كل الحريات الاساسية للإنسان».

وأضاف المطيري «لست مطمئنا للمجلس والحكومة، وأعتقد ان لديهم خططهم في قمع الحريات»، موجهاً رسالة إلى الشعب الكويتي بان «جميع الاطياف السياسية ترفض الاتفاقية، والمسألة تتجاوز الحسابات السياسية للتيارات، فهذه التيارات السياسية مستمدة من الشارع الكويتي وعلى المواطنين التحرك لرفض هذه الاتفاقية».

وقال إن هذه الاتفاقية جاءت مواكبة لأجواء الربيع العربي، وعلى الأنظمة الخليجية أن تتصالح مع قيم الحرية والمساواة، وهذا التصالح سيجعلها في مأمن، مؤكدا أن «هذه الاتفاقية لن تكون حاجزا أمام الشعب الخليجي في تقدمه نحو الحريات والحكم الرشيد».

وفي الختام، قال الأمين العام للعدالة والسلام علي الجزاف: «اننا نرفض رفضا قاطعا أي اتفاقية تمس سيادة الكويت وتكمم الافواه وتقمع الحريات، فالشعوب العربية تتطلع إلى المزيد من الحريات، وترفض الرجوع إلى الوراء، وسنظل رافضين لهذه الاتفاقية الامنية».

وأضاف الجزاف أنه «لا يخفى على الجميع أن وجود هذا العدد من التحالفات والتيارات السياسية على طاولة واحدة ينم عن عظم الأمر وأهميته، ولذلك أعتقد أن أي تيار سياسي كويتي يرفض أي اتفاقية من شأنها أن تمس سيادة وأمن الكويت وتكمم الافواه وتقمع الحريات، في الوقت الذي نرى فيه الشعوب العربية تسعى جاهدة إلى المزيد من المشاركة في الحكم وإدارة الدول».