وزير العدل والشؤون الإسلامية البحريني الشيخ خالد بن علي لـ الجريدة.: «الدين للجميع» مقولة حق يراد بها باطل

نشر في 13-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 13-07-2014 | 00:02
إعلامنا يجب أن يعكس حقيقة الإسلام ويوصل رسالته السمحة إلى العالم

أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية في مملكة البحرين، الشيخ خالد بن علي، أن تجديد الفقه أضحى ضرورة من ضروريات العصر لمنح المسلمين القوة في تكييف أوضاعهم، وأضاف في حواره مع "الجريدة" خلال زيارته الأخيرة للقاهرة أن التجديد لابد أن يتسم بالحفاظ على الثوابت الإسلامية وأن يقوم به العلماء الموثوق في علمهم حتى لا يحدث فيه ما يحدث في مجال الفتوى من تضارب وشذوذ، التفاصيل في السياق.
• تُطرح من آن لآخر قضية التجديد الفقهي... كوزير للشؤون الإسلامية كيف تنظر لهذه القضية؟ وهل نحن بحاجة فعلية لتجديد الفقه؟

التجديد الفقهي ضرورة من ضرورات الدين والرسول (ص) قال في الحديث الشريف: " إن الله يبعث على رأس كل مئة عام من يصلح لهذه الأمة أمر دينها"، والإسلام جاء بعموميات حتى يمنح الناس فرصة تكييف أوضاعهم حسب الزمان والمكان فعلى سبيل المثال يقول الله تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" (البقرة: 275) فما البيع الذي حلله الله؟ هنا يأتي دور العلماء فنحن لو نظرنا في كتب الفقه القديمة سنجد تعريفهم للبيع قد لا يتناسب مع وضعنا الحالي، فهناك مثلا مكان أنت لا تحتاج لبائع يبيع لك بل تتعامل مع آلة تضع فيها المال لتأخذ السلعة التي تريدها فلو طبقنا ما جاء في الكتب الفقهية القديمة على تلك العملية فسوف نفاجأ بأن هذا البيع باطل وفق أحكام الفقهاء القدامى وقس على هذا أمورا عديدة لأن الأمور تتغير بسرعة والعلم يتقدم بقوة واستحدثت في حياة الناس أمور فبدون التجديد الفقهي لن نستطيع القول إن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.

• هذا يجرنا للحديث حول فوضى الفتاوى وتضاربها فكيف تقيمها؟

بالنسبة لقضية فوضى الفتاوى أرى أنها والحمد لله لا تأتي إلا في المسائل الاجتهادية، لأن الثوابت لا يستطيع أحد أن يمسها والاختلاف في المسائل الاجتهادية أمر طبيعي ولا بأس فيه بل هي من قبيل الرحمة بشرط أن يكون من يفتي بالحلال ومن يفتي بالحرام من العلماء المؤهلين للإفتاء، فكما لا نجيز لأنفسنا الخوض في الأمور الطبية أو الهندسية احتراما للتخصص نطالب بألا يتجرأ على الدين من هو ليس بمتخصص فيه لأننا للأسف لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هناك من يتجرأ على الفتوى بغير علم تحت ذريعة أن الدين للجميع وهي مقولة حق يراد بها باطل لأن الدين نعم للجميع ولكن الفتوى ليست للجميع فمعرفة حكم الله تعالى في أمر ما يحتاج لثقافة ودراية ومؤهلات عديدة لا تتوافر في كثير ممن يتصدون للفتوى وللأسف فإن وسائل الإعلام تلعب دورا في مساعدة هؤلاء على التجرؤ على الدين وذلك لأن وسائل الإعلام أصبحت توزع الألقاب دون مقياس فهذا هو المفكر الإسلامي الكبير وهذا هو العالم الفذ إلى آخر تلك الألقاب التي جرت علينا الكثير من الكوارث فهناك فتاوى عديدة لا ينبغي أن يتصدى لها فرد واحد مهما كان علمه ولكننا نفاجأ بمن يتصدى لها دون وازع من ضمير.

كل هذا يؤكد أننا في حاجة أن نعيد للفتوى احترامها وأنا أتعجب أن يتم تغريم من يزاول أية مهنة دون ترخيص إلا الإفتاء فهي مهنة مباحة للجميع وأنا أتذكر أن الفقهاء قديما كانوا يحجرون على العالم الذي يفتي بفتوى شاذة وليتنا نستخدم ذلك الأسلوب كي نردع من يتجرأ على الدين.

• ظهرت في الفترة الأخيرة دعوات لأسلمة السياحة والتجارة وغيرها من الأمور الحياتية فما تقييمك لهذه الفكرة؟

بداية يجب أن نشير إلى أنه لا يجوز أن نطلق على كل شيء إسلاميا حتى إذا ما فشلت الفكرة لا يستغل أعداؤنا الفشل ويقولون إن الإسلام هو الذي فشل، لكننا بشكل عام نفرح بأي التزام أخلاقي فظهور هذا النوع من الفنادق ونجاحه يدل على إقبال الناس على الدين وهو دليل على أن الناس لديهم فطرة سليمة وأنت عندما تربي أبناءك على الالتزام الأخلاقي وتريد أن تُروِّح عنهم بالنزول في أحد الفنادق تريد الفندق الملتزم وهو أمر يرد بقوة على من يزعمون بأنه لا توجد صناعة سياحية بدون الخمور والملاهي الليلية، ولعل أبرز دليل على شوق الناس للعفة والالتزام الأخلاقي هو أن شركات الطيران التي لا تقدم الخمور على رحلاتها هي الأكثر نشاطاً بين كل شركات الطيران العالمية حتى أنك تحتاج للحجز قبل السفر بفترة طويلة حتى تستطيع أن تجد مقعداً وهو دليل على أنه ليس كل الناس يريدون الحرام فعندما يوجد مكان مناسب ولا تمارس فيه أمور تغضب الله تعالى فإن كل الناس تقدم عليه ولكن المطلوب فقط حسن التطبيق فلا نريد أن نستغل الناس باسم الدين.

• تتكرر الإساءات للإسلام ورموزه الدينية فهل ترى أن ردود أفعالنا الارتجالية هي سبب استمرار تلك الإساءات وكيف السبيل لوقفها؟

للأسف فإن ردود أفعالنا الارتجالية تلعب بالفعل دورا كبيرا في استمرار تلك الإساءات وتجددها بين الحين والآخر ففي أعقاب كل إساءة تخرج الاستنكارات والشجب ثم يخفت الأمر وينتهي للاشيء وهو ما يجعل تلك الإساءات تتجدد وأنا أرى أن أول سبل مواجهة الإساءات المتكررة هو معرفة حقيقة المسيء وهدفه فمما لا شك فيه أن الكفار أو الأعداء أصناف فمنهم من هو حاقد على الإسلام وهذا يتوقع منه أي شيء وكل شيء وهذا ينطبق عليه قوله تعالى: "اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ". (البقرة:15)، وهناك صنف جاهل بالإسلام وهذا يجب علينا أن نعلمه فهل نحن قمنا بتعليمه بالطبع لا وتعليم المسيئين حقيقة الإسلام يكون بأن يظل المسلم دائما خير سفير للإسلام فالتاريخ الإسلامي يؤكد لنا أن الإسلام دخل العديد من البلدان بفضل سماحة التجار المسلمين وحسن طباعهم وتعاملاتهم.

• وماذا يفعل المسلم البسيط ليكون له دور في وقف تلك الإساءات؟

نحن اليوم في حاجة لأن نكون إعلاميين واقعيين نعكس حقيقة الإسلام ونوصل رسالته السمحة للعالم كله ونتحاور مع المسيء بالتي هي أحسن فإذا تمسك بإساءته فلا مانع من هجره ومقاطعته حتى يفيء لرشده ولكن لا يصح أن نرد إساءته بإساءة لأنه لو كان مثلا يسيء إلى الرسول (ص) فنحن لن نستطيع أن نسيء لعيسى عليه السلام لأن من يكفر بعيسى يكفر بمحمد.

back to top