البطل يخلق واقعه
أدهشت العالم المرأة المصرية التي خرجت بالملايين لتقول "نعم" لدستور مصر الجديد، المرأة التي احتشدت خلف قائد وطنها الفريق أول عبدالفتاح السيسي، لمجرد شعورها بالمسؤولية الضخمة تجاه الوطن الذي يتعرض لمخاطر رهيبة تعاضد وتآمر فيها الشر الداخلي مع أقران الشر الخارجي المتمثل في كل من يساند قوى الإرهاب العالمي، لتفتيت أرض مصر وجيشها العظيم وإلحاقها بالنموذج المتطاحن والمفتت المتبقي من كيان عظيم كان اسمه العراق، وبلاد الشام العظيمة التي تتناهبها الضباع الآن لتلحق بالنموذجين الليبي والعراقي، السائرين على طريق الشر المرسوم والموسوم ذاته.المرأة المصرية انتبهت ووعت بفطرة الأمهات، اللاتي هن وحدهن يدركن ما معنى كلمة وطن، فالمرأة التي منحها الله الوطن الأول للخلق، وهو رحمها الذي توفر فيه لطفلها مواطن المستقبل كل وسائل الحماية والرعاية والأمان، حتى يستوي عوده ويتم تكوينه على حساب صحتها، هذه المرأة الأم تعرف ما قيمة الوطن وعظمة هذا المسمى، فالنساء وحدهن يعرفن معجزة الرحم الكبير الذي يحتضنهن مع كل أفراد أسرهن في مجتمعهن الذي يحتويهن في رحمه ورحمته، لذا خرجت المرأة المصرية بالملايين حتى تحمي رحمها الذي هو وطنها، وهي وحدها تعرف ما معنى الأمان الذي يحميها ويحمي أولادها، وهو المعنى الحقيقي للعيش في كرامة وطن، الأمهات هن بانيات الوطن، فكل امرأة هي أم حتى إن لم تُنجب، وليس الشباب هم البُناة، وهذا ما أثبتته ثورات الربيع العربي التي دمر الشباب فيها أوطانهم، في حين بقيت المرأة تخيط جراح الوطن.
وحين وجدت نموذج البطل الذي يخلق واقعه بقوة وحرارة إيمانه وتصديقه لما يشعر به ويراه، اندفعن خلفه لأنهن صدقن حرارة إيمانه وصدق حلمه، فالمرأة لها قدرة عالية على إدراك واستشفاف ما يستوي في غيبه، وهذا البطل الآتي في زمن مقلوب ليس زمنه، زمن بلغ سيل فساده الزبى، ومسحت كرامة إنسانيته حتى قاعها، وبلغ يأسه منتهاه، جاءهن بطلهن بنموذج مدهش لا يشبه كل قوالب الأبطال التي سبقته، فقالبه جديد ومدهش لا قبله ولا بعده، فهو المنجي الذي يأتي في عز ظلام جبروت القهر، لينتشل أبناء شعبه من هوة الانحدار إلى القاع، ومن تكاثف طبقات اليأس، يأتي البطل بصورة درامية معكوسة جديدة، فهو لا ينقذهم بسيفه، لكنه يستنجد بهم، يستنهض عزيمتهم وقوتهم وإرادتهم، لتقف وتنهض كمارد في وجه سلطة الإرهاب والظلم، لتصحو في الشعب قوة الإرادة والأمل، ولتولد تلك الصرخة العجيبة المدوية: ارحل، التي تنهار على أثر دويها قلاع المؤامرات والشر التي تصعق في داخلها وخارجها، وترتبك معايير وخطط وأهداف المؤامرة الدولية لتحطيم جيش مصر وتقطيع أوصالها. الفريق عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، البطل الذي ولد من عز رحم الحاجة إليه، ابن القدر في لحظة انتشال وطن من غرقه، بطل العصر الخارق الذي حطم كل نماذج أبطال الصناعة الأميركية التي رُبيت عليها وجدان القبائل والشعوب من شمال كرتنا الأرضية إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، البطل الذي ولد في وطن عربي لا يشبه "إسطنبة" من سبقه، هذا بطل مولَّد من طاقة الشعب ومن عزيمته وإرادته، إذ ليس له "موتور مولّد" سواها.البطل الجديد أيضاً له منطق وصورة مختلفة تماماً عمن سبقه، فهو نموذج لقائد حنون محب وعطوف، له خطاب سياسي مختلف، ليس سلطوياً مليئاً بالعنف والجبروت، كما هي العادة في كل رؤساء العالم العربي، وليس أبوياً يتسم بفوقية مثل البقية الأقل عنفاً منهم، خطابه عاطفي نابع من القلب ونافذ إلى القلب، فلأول مرة يتوجه خطاب مسؤول إلى شعبه بقوله: "أنتم مش عارفين انكم نور عيننا، ولا ايه؟ قبل ما انتم تتألموا نحن نموت الأول".فهل هذا البطل الجميل، الذي خرّب ودمر مخططات الدول الراعية للإرهاب الدولي وغيّر من مفهوم القائد العربي المتواطئ مع عدوه ضد مصلحة شعبه، وقدم صورة لقائد قادر على أن ينهض بعزيمة وكرامة أمته إلى مستوى الأمم الحرة ذات السيادة والعزة والاستقلالية، وأصبح نموذجاً قد تتبعه نماذج عربية أخرى تحتذي وتتقمص دوره في أوطانها، مما سيقفل ويدمر المشروع المؤامراتي الدولي الكبير على راسميه ومدبريه؟ هل ستسكت عنه قوى الإرهاب العالمي؟