ما خلفية مسرحيتي {ريما} و{ميشال وسمير} اللتين قدمتهما في أقل من عام؟

Ad

حين التقيت الممثلة روزي اليازجي وقررت كتابة عمل مسرحي لها، كانت فكرة مسرحية {ميشال وسمير} واردة لديّ وأقوم ببلورتها وكتابتها، فتزامن العملان.

ما سبب انتقالك من خشبة المسرح إلى الكواليس لإدارة الممثلين، بعدما قدّمت مسرحيات عدة تأليفاً وإخراجاً وتمثيلا؟

أنا مخرج في الأساس لذا لا تناقض بين التأليف والإخراج والتمثيل بالنسبة اليّ، ثانياً أنا مشتاق إلى عالم الاخراج.

هل تقديمك أعمالا مسرحية سابقاً، مهّد الطريق أمام مشاركة ممثلين آخرين في أعمالك؟

الثقة بالمخرج عامل أساس بالنسبة إلى الممثل، فضلا عن إعجابه بالنص الذي يؤديه، ما يفسّر مثلا تعاون ممثلين معروفين  لديهم خبرة فنية مع متخرجين جدد، لأن الأساس أن يحب الممثل الفكرة والنص، وأن يثق بالمخرج الذي يتعاون معه. لذا لا أرمي نفسي بين يدي أي مخرج، ما لم يحافظ على حقي كممثل ويدرك كيفية إدارتي والتعامل معي،  إضافة إلى أنني لا أؤدي إلا الشخصية التي أحبها وأقتنع بها.

ما سبب اختيارك الدائم للمسرح الانتقادي اللاذع؟

لطالما التزمت بتقديم هذا النوع من الأعمال على الصعيد المحلي، مرتكزاً إلى النقد الاجتماعي الذي أعتبره أهمّ نوع مسرحي. ولكن عندما أتوجه إلى الجمهور الأوروبي والأميركي، يأتي نصيّ شاملا لأنني اتوجه إلى جمهور أوسع.

هل أنت متأثر بالمسارح الأجنبية والأوروبية المشهورة بهذا النوع من الأعمال؟

لا أبداً. اعتبر المسرح مرآة المجتمع، ومثلما تحدث العمالقة مثل موليير وشكسبير عن المجتمع الذي ينتمون إليه، أريد أن احكي عن البيئة والمجتمع اللذين أنتمي إليهما، لأن ما يهمني هو الإنسان والحقبة التي نعيش فيها والجغرافيا التي نحن فيها.

أي مواد تراها دسمة أكثر، السياسية أم الاجتماعية؟

المواد الاجتماعية طبعاً، لكن لا أسعى إلى استخدامها لإضحاك الجمهور وإنما للإضاءة على حال معينة بعيداً من السياسة. أمّا بالنسبة إلى البعد السياسي في {ميشال وسمير}، فأشير بشكل غير مباشر إليه.

يحتاج مسرحك الى متابعة ومراقبة، فمن أين تستقي الأفكار؟

من حياتنا اليومية، سواء من القصص التي أسمعها أو من الأحداث التي أعيشها وأراقبها، فضلا عن المخاوف التي أتمنى ألا تتكرر. برأيي، يشكّل المسرح في لاوعينا نوعاً من العلاج، ارتكز إليه في حديثي عن بعض الأمور التي خبرتها سابقاً وتخطيتها بطريقة ما، لكنها لا تزال تعيش في داخلنا.

ألا يتعبك الترقب الدائم لما يدور حولك؟

أبداً، من المؤكد أنني أراقب ما يدور حولنا لكنني أعيش حياتي بشكل طبيعي، وعندما تلمع فكرة ما في رأسي أتمسك بها وأبلورها وأعدّل فيها.

ثمة خيط رفيع بين الضحكة الحقيقية وبين المهزلة، فكيف تحمي نصّك؟

أجرؤ على حذف بعض الأمور. رغم أنني لا أكتب بهدف إضحاك الجمهور، إلا أنني أُفاجأ بتفاعله مع فكرة معينة لم أنصّها بطريقة كوميدية. فضلا عن أن حركة الممثل وتعابيره واللعبة الإخراجية، كلها عناصر  تشكل إضافة قيّمة إلى النص الذي يمكن إن يقع بإيحاءات مجانية، لذا اعرف كيفية دوزنة نصّي بشكل لا يجرح الآخرين، وذلك ليس لأسباب أخلاقية فحسب، بل لأنه لا يهمني التجريح أساساً. إضافة إلى أنني أقرأ نصي أمام أصدقائي، خصوصاً الذين لا ينتمون إلى عالم الفنّ، لأنهم أقرب إلى الجمهور الذي يشاهد أعمالي فأستمع إلى آرائهم.

مسرحية {ميشال وسمير} مزيج من الواقع والخيال بحبكة ذكية، فلمَ تدمجهما؟

أرى أن الواقع والخيال من نسيج واحد ومتشابكان بطريقة غريبة وعميقة لا نعرف تركيبتها الحقيقية، لذا اسأل دائماً {هل نحن فعلا موجودون؟}

لماذا اخترت المصّح العقلي في مسرحية {ميشال وسمير}؟

كان يمكن أن أختار أماكن عدّة أخرى، لكنني وجدت أنه المكان الأنسب لتجسيد الشخصيتين فيه، فتكون لديّ مساحة واسعة لتبرير نفسي، بيني وبين ذاتي، لئلا أكون  مع طرف ضد آخر.

أهديت هذا العمل إلى جميع اللبنانيين الذين انتظروا طويلاً على نفق نهر الكلب، وعلى محطات الوقود، وأمام الأفران للحصول على رغيف خبز، وما زالوا ينتظرون، ألم يتعلم هؤلاء برأيك؟

لم يتعلموا شيئاً، والدليل أننا لا نزال نعيش تلك الأحداث العبثية التي حصلت في تاريخنا المعاصر في لاوعينا، بعدما أصبحت جزءاً من قناعاتنا اليومية. فلا تحسن اجتماعياً منذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا على صعيدي الإنسان أو البيئة، بل العكس، نعيش على حافة الانهيار كأناس عموماً وليس كلبنانيين فحسب، لأننا نفتقد احترام الإنسان والقيم والوطن.

هل تخشى تكرار هذه الأحداث؟

نعيشها راهناً بأشكال مختلفة على أمل أن تختفي يوماً ما.

تشدد قبل عرض المسرحية على أن الشخصيات من نسج خيالك رغم أن {ميشال وسمير} وتاريخي {89 و2005}، إشارة واضحة إلى الزعيمين السياسيين ميشال عون وسمير جعجع.

يمكن أن تدلّ التسميات إليهما، ويمكن أن يعتقد كثر بأنني أتحدث عن الصراع بين ميشال عون وسمير جعجع، الذي وقع ضحيته أناس كثر  بشكل او بآخر. لكنني لا اسمي الشخصيات بشكل مباشر، وبالتالي أترك للمشاهد أن يستنتج بنفسه ما يشاء.

ألا تخشى انزعاج هؤلاء السياسيين أو جمهورهم منك؟

  أبداً، فأنا لم أجرّح بأي منهم، ولا يهمني أساساً التحدث عنهم أو تقليدهم مثلما يفعل كثيرون في مسرحهم. برأيي من يفترض به الانزعاج حقاً هو الشعب وليس الساسة، لأنه هم من دفع الثمن بتقديم وقته وأعصابه وذكائه.

مصلح اجتماعي

هل تعتبر أن المسرح مصلح اجتماعي؟

المسرح، بالنسبة اليّ، يعكس حالات معينة أو ظواهر معينة، لكنه ليس مصلحاً اجتماعياً لذا أرفض أن يكون مساحة للوعظ.

لكل محطة محلية برامجها الانتقادية الاجتماعية الساخرة، فلمَ أعمالك التلفزيونية خجولة؟

أحبّ المسرح ويهمني أكثر من التلفزيون حيث أطلّ من حين إلى آخر بأعمال صغيرة، لأن صورة التلفزيون التي تصلنا غير مشرّفة، والبرامج المعروضة مملة لا تستهويني، لذا افضل تقديم عمل تلفزيوني يعني لي شيئاً.

هل تتابع أياً من البرامج التلفزيونية؟

أتابع برامج {تلفزيون لبنان}، لأن هذه المحطة تحوي أرشيفاً ضخماً.  تسعدني مشاهدة تلك البرامج القديمة التي صوّرت خلال الحرب بإنتاج متواضع وديكور بدائي، إنما نصها جيّد وأداء الممثلين جيّد.  نفتقد راهناً إلى نصوص جيدة وإنتاج جيد وأداء مقنع، ولبنان الذي كان رائداً في عالمي الفن والتلفزيون، لا نعلم راهناً أين يمكن وضعه على الخارطة الفنية في العالم العربي، بعدما تمّ تسخيف المشاهدين.

 

هل تعتبر المسرح مساحة حرية تستطيع من خلالها قول ما تشاء من دون رقابة؟

يستعمل بعضهم موضوع الرقابة بهدف اكتساب شهرة والإضاءة على أعمالهم، شخصياً لا يهمني هذا الأمر لأنني أتصرف بحرية في مسرحي وأقدم ما أشاء من دون تجريح وسباب، وقد أطلقت، مرّة، تسمية {الأم نعام} على رقابة الأمن العام اللبناني. لسوء الحظ لا تزال ثمة رقابة رسمية في لبنان، وأنا أرفض هذا الأمر مثلما أرفض الرقابة الذاتية على الأعمال. بالنسبة إلى من يطلق الصوت ضد الرقابة فليتفضّل ويلغها في مجلس الوزراء وسأكون أول الداعمين له، خصوصاً أنه، في ظل توافر الإنترنت في كل منزل، يرى المشاهدون بتر الرؤوس في سورية ويتابعون الانفجارات في لبنان والأفلام الإباحية، فلمَ هذا الكذب في موضوع الرقابة.

لماذا تعتبر المسرح أصدق من التلفزيون؟

لأن المسرح مادة حيّة لا تخضع لرقابة أو توليف أو اجتزاء، وليس ثمة إعادة أو تكرار في التصوير مثلما يحصل في البرامج التلفزيونية.  

كيف ترى الإقبال على المسرح اللبناني؟

ثمة مسرحيات تجارية وترفيهية واستعراضية وأخرى عميقة وبعضها تجريدي، وتشهد كلها إقبالا جماهرياً جيّداً. لطالما استمر المسرح وحصد جماهرية، حتى في أحلك الظروف وتحت  القصف، حيث تنقل الجمهور بين ما يسمى الشرقية والغربية لمشاهدة الأعمال.

هل تترك حرية للممثل للتصرف بنصّك على المسرح؟

الارتجال هو موت الممثل برأيي. أؤيد إعطاء الحرية الذكية للممثل وأن يكون مبتكراً، إنما ليس على حساب ممثلين آخرين أو العمل المسرحي أو النظرة الإخراجية. كذلك يجب ألا يتصرف المخرج بحرية مطلقة من دون الأخذ في الاعتبار رؤية الممثل، أو العكس، بل من الضروري أن يستمع الاثنان إلى بعضهما البعض، بهدف المشاركة لبناء عمل معين، لأن اللعبة دقيقة وتتطلب ذكاء ودوزنة .

ماذا تحضر بعد هاتين المسرحيتين؟

مسرحية {وان مان شو{ عنوانها Daddy،  سأؤجل عرضها حتى فصل الخريف ريثما أرتاح ويرتاح الجمهور منّي بعد المسرحيتين. وسأحكي فيها عن علاقتي بالابوّة التي اكتشفتها أخيراً وتفرحني جداً.

هل من مشروع سينمائي؟

ثمة نصوص وأفكار تُكتب في هذا الإطار، إنما لم تتبلور النظرة الانتاجية او الاخراجية بعد.

ما رأيك بالأعمال السينمائية الراهنة؟

برأيي كمشاهد، {غدي} أفضل فيلم بين الأفلام التي تسنى لي مشاهدتها حتى الآن، و{حبة لولو» مهضوم والسيناريو خفيف وأداء الممثلين جيد.