قلوب صالحة للحب!

نشر في 15-05-2014
آخر تحديث 15-05-2014 | 00:01
 مسفر الدوسري هل قلوبنا صالحة للحب؟!

الحب هو أن تمتلك القدرة على أن تتصالح مع من تكره، لا مع من تحب!

لن تكون قلوبنا صالحة للحب إن لم نكن قادرين على الحياة المشتركة مع آخر، لا بد لحدائق قلوبنا أن تتسع لمقعدين!

لا بد لقلوبنا أن تشمئز من منظرها بكرسي وحيد فقط، أو حتى بكرسيين معاً... أحدهما فارغ! لا بد أن يخيفها ذلك، لا بد أن يشعرها بالوحشة.. والبرد!

منظر كهذا... لابد أن يشكّل لها «فوبيا» يصعب علاجها، قلوبنا تحتاج الى أليف في هذه الحياة، هذا إحساس فطري في الإنسان، إلا أن الإحساس الفطري كثيرا ما نسيء استخدامه، نحرفه عن فطرته أو نسيء فهمها.

معظم تجاربنا في الحب الفاشلة كانت بسبب سوء استخدامنا لفطرة الألفة، أو سوء فهمها، الألفة ليست فطرة لا يكبح لها جماح، وجماح الألفة المعرفة، لا بد أن تختار الألفة أليفا تعرفه، وليس أي عابر سبيل يدخل القلب، يبالغ في إساءة استخدام هذه الفطرة شخص لا يألف سوى نفسه، لأنه يظن أنه أكثر الناس معرفة به، برأيي هذا أكثر الآراء جهلا في فهم الفطرة وأكثرهم سوءا في استخدامها، لسنا مفطورين على الجهل، نحن مفطرون على المعرفة، المعرفة لا تتم إلا بوجود طرف مجهول، فمن المضحك أن يقضي كل فرد منا العمر، في معرفة نفسه فقط!

والمعرفة قرينة الذكاء، والذكاء قرين الألفة، وحتى لا تستفز ذكاءها، لابد أن تختار شخصاً آخر غيرك، لا يشبهك، ليس صورة قريبة منك.

لذلك يجب ألاّ نجبر الألفة اعتياد الآخر سريعاً، نتركها تختار من يجلس في المقعد الشاغر في حديقتها، شخص لا يحوّل أشجارها إلى رماد.

ولا يملأ جداولها المائية الصغيرة بالحجر والطين، قلوبنا تستحق منا أن نفرشها لمن يستحق، ولا نترك هذا فقط للقسمة والنصيب، القسمة والنصيب تختار لنا الجيد والسيئ، ومن رحمة أنها تحمل لنا الاثنين معاً، ولا تكتفي بحمل السيئ فقط، ودورنا نحن اختيار الأجمل لنا، إحدى كذب الحب الكبرى التي توارثناها جيلا بعد جيل هي أننا لا نختار من نحب!

لا بد أن نكون يقظين في اختيار ألفاء قلوبنا، ولن يساعدنا على معرفتهم سريعا وبشكل يحتمل قدراً ضئيلا من الخطأ، سوى نقاء قلوبنا، لأنها ستبصر مؤشرات عادية في الآخر وربما صغيرة جداً ستهدينا الى الطريق المستقيم، أما اذا كانت قلوبنا ضريرة، فقد تقودنا الى أليف يجعل قلوبنا غابة من الألم، وسور جرح لا يُهدم!

ولكي نتأكد من نقاء قلوبنا، لا بد أن نعرف أنها قادرة (لو اضطرت) على التصالح مع آخر حتى لو كرهته، وهل هناك أقسى سماحة، وقدرة على العيش المشترك مع من تكره؟! كثير منا أحياناً يفشل حتى أن يقيم حوارا حبيبا مع من يحب! قلوبنا بحاجة إلى من يجمّل حديقتها، فلنختر حبيباً في أسوأ حالاته لا يدوس بحذائه وردها، بل لا نطالب كثيرا إن اشترطنا عليه أن يهتم برعايتها، وربما قد لا نتمادى إن وددنا لو أنه يزرع مزيداً من الورد!

back to top