في ذكرى مرور عام كامل على ثورة (30 /6) كما يسميها البعض وانقلاب (3/7) كما يسميه آخرون، وبعيداً عن مهرجانات التهليل والتصفيق من جانب وحفلات السب واللعن من جانب آخر، هل يمكن أن نناقش بهدوء ونفكر بموضوعية لنعلم حقيقة ما حدث في ذلك الأسبوع من العام الماضي؟

Ad

"في 30/ 6 خرجت مظاهرات مناهضة ورافضة لنظام الحكم، وفي 3/ 7حدث انقلاب عسكري بلباس مدني"، ومن العنوان إلى التفاصيل كما يقول مذيعو نشرات الأخبار:

منذ اليوم الأول لتولي الرئيس مرسي الحكم في 1/7/2012 تشكلت جبهة معارضة رافضة لوجوده أولاً وسياساته وقراراته ثانياً، وبدأت هذه الجبهة بالتشكيك المستمر والرفض التام لكل ما يفعله ويقوم به سواء كان ظاهرياً شكلياً: ماذا يرتدي ولماذا؟ كيف يتكلم؟ وماذا يأكل؟ وكيف يسير؟ ولماذا يصلي في المسجد؟... إلخ.

 أو ما كان يبدو موضوعياً: لماذا أصدر هذا القرار ولم يصدر ذلك القانون؟ ولماذا زار هذه الدولة ولم يزر تلك؟ ولماذا قرر هذا ولم يقرر ذاك؟... إلخ.

 ومع الفشل الحكومي في حل مشاكل المواطنين واستمرار الأزمات التي يعانيها الشعب (سواء بفعل فاعل أو لضخامة المشكلة وصعوبة حلها في وقت قصير) بدأت نبرة الاعتراض تزداد شيئا فشيئا، وتلقفتها أجهزة الجيش والشرطة لترتفع حدة الرفض ودرجة المعارضة، وتمت الدعوة للتظاهر في 30/6، وهو ما تم فعلا تحت إشراف الجيش والشرطة.

 إلى هنا ما زالت الأمور– من المنظور الديمقراطي- طبيعية ولا مشكلة فيها، فالمظاهرات الرافضة لأنظمة الحكم تحدث في كل دول العالم ليل نهار، وباعتبار مصر بعد ثورة يناير تتلمس طريقها الديمقراطي بعد عقود من الدكتاتورية (السافرة والمقنعة) كان من الطبيعي حدوث هذه التظاهرة الحاشدة، وانتهت التظاهرة في الشارع، لكنها لم تختفِ من شاشات الفضائيات وأصبح الفيلم الذي صوره المخرج السينمائي من طائرة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة هو الفيلم المقرر والمادة الأثيرة للعرض على جميع الفضائيات وقنوات التلفزيون الرسمي والخاص، وشبه البعض مظاهرات الست ساعات بحرب الست ساعات في أكتوبر 73!!

 ثم كان إنذار الجيش للرئيس واجتماع الفرقاء عند قائد الجيش، ثم قيامه بقراءة بيان الانقلاب في 3/7، وتوالت الأحداث كما يعرفها الجميع وسالت دماء المصريين الأبرياء مع المتهمين واختلط الحابل بالنابل، وتبادل الجميع الاتهامات فالكل بريء والكل متهم!!! بالتأكيد ليس الهدف من المقال اجترار الأحزان ولوم النفس المصرية وتأنيبها، وليس ذلك من باب أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، فقد أثبت الانقلاب كذب هذه المقولة وعادت عقارب الساعة إلى ما قبل يناير 2011، ومن كان يصمت مرغما وقت الثورة أصبح الآن يجاهر بعدائها ورفضها، وأصبحت ثورة يناير في نظر البعض (داخليا وخارجيا) هي سبب كل البلاء والمشاكل، وعادت عقارب الساعة وعادت أنياب الديمقراطية "بالدستور والقانون" تدمي الجسد المصري وتزيده جراحاً، كما كانت الحال وقت العصر المباركي مع ذلك التعبير الشهير "ترزية القوانين". نعم ليس الهدف الدعوة إلى الفرح أو الحزن لكنه فقط تذكير بالحقائق التي يحاول البعض طمسها ولن يستطيع، نعم، هي كلمات لن تغير الواقع لكنها تذكر الحقيقة التي سيسألنا عنها الله يوم القيامة:

   وما من كاتب إلا سيفنى           ويبقي الدهر ما خطت يداه

  فلا تكتبن بكفك غير شيء         يسرك في القيامة أن تراه

يقول تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ".