انتخابات العراق: الحكيم يحقق «مفاجأة» ويخلط الحسابات

نشر في 02-05-2014 | 00:09
آخر تحديث 02-05-2014 | 00:09
No Image Caption
البرزاني حسم أمره لعدم التحالف مع المالكي... وواشنطن وطهران أمام معادلة جديدة
يحاول كل المهتمين بالشأن العراقي متابعة مصير نحو 160 مقعداً هي معدل حصة الطائفة الشيعية في مجلس النواب العراقي المكون من 328 مقعداً، إذ ستحدد أوزانَ المتنافسين وخياراتهم في تشكيل الكتلة الكبرى وتسمية رئيس جديد للحكومة.

وفي عام 2010، حصل ائتلاف رئيس الحكومة نوري المالكي على 89 مقعداً في مجلس النواب، تاركاً لتحالف يضم عمار الحكيم ومقتدى الصدر وآخرين 70 مقعداً.

وتشير التوقعات الأولية بشأن الانتخابات التي جرت أمس الأول إلى أن تعديلاً أساسياً طرأ على حصص الأطراف الثلاثة الشيعية، أبرزها أن قائمة "المواطن" التي يترأسها الحكيم شكلت بلا منازع "مفاجأة" الاقتراع، فـ"المجلس الأعلى" الذي لم تتجاوز حصته منفرداً 12 مقعداً عام 2010، نجح كما يبدو في تقديم بديل شيعي معتدل ورفع حصته من المقاعد.

وإذا حافظ الصدر على كتلته وظل يحتفظ بنحو 30 إلى 40 مقعداً، فلن يتبقى للمالكي والأحزاب الشيعية الصغيرة المتحالفة معه سوى 75 مقعداً، ستصعب عليه التفاوض للحصول على النصف زائداً واحداً المطلوبة لتشكيل حكومة الأغلبية التي جعلها شعاراً انتخابياً له.

واستبق عمار الحكيم الجميع مساء أمس الأول، وألقى بعد 3 ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع "خطاب النصر" الذي تضمن رسالتين، واحدة إلى إيران، والأخرى إلى المالكي.

فقد أعلن أنه سيبدأ مشاورات بهدف "إعادة هيكلة" التحالف الوطني، وهو الكتلة الشيعية الكبرى التي شكلت حكومة 2010، علماً أن تعبير إعادة الهيكلة، يتضمن تأكيداً لتغيير قيادته وشروط عمله، وهي رسالة موجهة إلى إيران التي تضغط لحفظ "وحدة الصف الشيعي"، في حين يقول الشيعة المعارضون للمالكي إنهم يتمنون ذلك شرط ألا يكونوا مجرد غطاء شكلي لتبرير سياسات رئيس حكومة يتبنى نهجاً متشدداً مغامراً في الداخل والخارج.

أما الرسالة الأخرى التي تضمنها خطاب الحكيم فقد كانت "التحذير من التلاعب بالنتائج". وإذ كان هادئاً ودبلوماسياً جداً في النقطة الأولى، فإنه بدأ يخرج عن هدوئه في النقطة الثانية فاتحاً الباب على تأويلات خطيرة، ولعلها المرة الأولى التي يتحدث فيها "المجلس الأعلى" المعروف بوسطيته، عن وجود خطر تلاعب في الأصوات.

وإلى حين اتضاح الجزء الأساسي من النتائج، فإن الصالونات السياسية تراقب اثنين من السيناريوهات الصعبة، أولهما ما يتحدث عنه المالكي مبشراً بحكومة الأغلبية السياسية، وهذا يتطلب إقناع نحو 100 نائب بالالتحاق به، أي أنه يحتاج إلى الأكراد والسنة، في حين حرص مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان قبل ساعات من الاقتراع، على وصف خيار التحالف مع المالكي بأنه "انتحار سياسي"، مما دفع أسامة النجيفي رئيس البرلمان وصاحب الكتلة السنية الأوفر حظاً، إلى المسارعة بدوره إلى وضع خط أحمر على الولاية الثالثة للمالكي، والتصريحان يترجمان سنوات من الخلاف وصلت الى طريق مسدود مع رئيس الحكومة المنتهية ولايته.

ويتطلب نجاح المالكي في المضي نحو حكومة الأغلبية، ضوءاً أخضر من حليفيه الأميركي والإيراني، اللذين بقيا يتجنبان هذا الخيار بوصفه نهاية لديمقراطية التوافق التي تحاول تلصيق أجزاء البلاد الممزقة مذهبياً وقومياً.

أما السيناريو الآخر فهو أن ينجح معتدلو الشيعة في تكوين كتلة من 100 نائب شيعي وهو ما لا يبدو صعباً الآن، لتبدأ التفاوض مع الأكراد والسنة بهدف تشكيل أغلبية سياسية تدعم بديلاً للمالكي، وهو ما قد يؤدي إلى تفكك عاجل لكتلة رئيس الحكومة، إذ تقول مصادر رفيعة إن قياديين بارزين من حزب الدعوة الحاكم، يتصلون سراً بالصدر والحكيم، معربين عن غضبهم من سياسات المالكي التي خربت العلاقات الداخلية والخارجية، واستعدادهم للعب دور في حكومة يرأسها شخص معتدل.

ومن شأن سيناريو كهذا أن يحظى بدعم مرجعية النجف العليا، الساخطة على فشل المالكي في جمع باقي القوى حوله ونقص المهارات التفاوضية لديه، ومسارعته الى استخدام الجيش ومذكرات الاعتقال في تسوية خلافاته مع منافسيه، وهو ما يضع طهران "وواشنطن أيضاً" أمام معادلة جديدة يتمسك بموجبها شيعة أقوياء تدعمهم تفاهمات طيبة مع الآخرين، بمطلب التغيير والإصلاح السياسي.

back to top