كانت البنوك على الدوام غير مهتمة بتوفير خدمات مالية إلى الأميركيين الأشد فقراً، ولكن مؤسسات أخرى قفزت بصورة متزايدة لاغتنام الفرصة للقيام بذلك. وكانت الأخيرة في هذا العمل هي خدمة البريد في الولايات المتحدة التي نشر مفتشها العام في الأسبوع الماضي ورقة توضح بشكل مفصل كيف يمكن لخدمة غير المتعاملين مع البنوك عبر حسابات توفير، ومن خلال تقديم قروض صغيرة أن تقدم خدمة عامة قيمة فيما تحسن تمويل الخدمة المشار اليها.

Ad

ويتبع اقتراح مكتب البريد خطة "تي-موبايل" المتعلقة بتقديم البعض من الخدمات المالية إلى عملائه وكانت متاجر وول -مارت تعرض خدمة مماثلة منذ عدة سنوات، مع عدد قليل من شركات اخرى تتمثل أعمالها الرئيسية في بضائع التجزئة والخدمات. وتدخل هذه الشركات من أجل سد الفراغ الذي تكون نتيجة انسحاب المؤسسات المالية التقليدية من خدمات مناطق الدخل المتدني غير المربحة. وقد أغلقت البنوك حوالي 2300 فرع في سنة 2012، وكانت نسبة 93 في المئة من عمليات الإغلاق منذ سنة 2008 حدثت في مناطق يقل فيها متوسط الدخل عن المعدل الوطني.

  حسابات توفير بريدية

ويشتمل إجراء مكتب البريد هذا على مزايا وعلى عوائق في آن معاً. وقد تم الاهتمام بالنفقات العامة إلى حد كبير، لأن مكاتب  البريد تملك العقار، ويقول المكتب إن لديه 35000 مكتب وفرع ومواقع اخرى في شتى أنحاء البلاد، كما أن حوالي 60 في المئة من مكاتب البريد تقع في أماكن تحتوي على فرع واحد للبنوك أو تخلو تماماً من أي فرع.

لقد نوقشت فكرة تحويل النظام البريدي إلى مصرف من قبل وقامت مكاتب البريد بإدارة نوع من البنوك في الماضي. ومنذ بداية سنة 1911 وطوال عدة عقود احتفظ ما يصل الى أربعة ملايين شخص –والعديد منهم من المهاجرين– بحسابات توفير بريدية، ولكن الناس فقدوا اهتمامهم بصورة تدريجية وقام مكتب البريد بإغلاق هذه الخدمة في سنة 1967. ويدير مكتب البريد خدمات مالية في دول متقدمة اخرى ويحقق 15 في المئة عوائده بهذه الطريقة، بحسب تقرير لخدمة البريد. وسيعني تحقيق نسبة مماثلة من العوائد من العمل المصرفي تحقيق خدمة البريد الأميركية لـ9.5 مليارات دولار.

ويقول مكتب البريد إنه يستطيع أن يبلغ تلك المرحلة. وقد أنفق الأميركيون من غير الحائزين خدمات مالية جيدة 89 مليار دولار على شكل رسوم مالية في سنة 2012، ولذلك فإن الخدمة البريدية تقول إن في وسعها تحقيق 8.9 مليارات دولار من خلال تحصيل 10 في المئة فقط من ذلك المبلغ. ولكن ثمة اشكالية في هذا الرقم: ستضطر مكاتب البريد الى فرض رسوم أقل من القياسية في صناعة تعتبر احتيالية على نطاق واسع تماماً، وبالتالي عليها أن تستقطب شريحة أكبر من السوق من أجل تحقيق حوالي 9 مليارات دولار. ويقول آدم ليفيتن وهو بروفسور حقوق في جورجتاون في مقال كتبه في أميركان بنكر، إن الفلسفة الثنائية حول دافع الربح والخدمة العامة قد تكون غير ملائمة "الى حد أن نظام البريد المصرفي صمم من أجل توفير خدمات متدنية التكلفة الى العملاء، وينطوي ذلك على مفارقة مع حاجة مكاتب البريد الأميركية الى اجتذاب مصادر دخل جديدة".

 دعم سياسي

وستكون سياسة جعل مكاتب البريد تعمل كمصرفي محيرة أيضاً. وقد حظر قانون صدر في سنة 2006 على مكاتب البريد الدخول في أعمال غير بريدية، ومن غير المرجح أن تمنح التركيبة الحالية للكونغرس ترخيصاً خاصاً، وتظن مكاتب البريد أنها لن تكون في حاجة الى موافقة من الكونغرس، نظراً لأنها يمكن أن تصف الخدمات المالية الجديدة مثل توسع في عملها الراهن من الأوامر النقدية. ومن المحتمل أن تحصل على بعض من الدعم السياسي اذا حاولت القيام بذلك. وقالت عضو مجلس الشيوخ اليزابيث وارن وهي ديمقراطية من ماساشوستس إن "الخدمة البريدية ضخمة الحجم وتوظف أكثر من نصف مليون شخص- وتاريخها طويل ومعقد، وأي تغيير سيتطلب وقتاً، ولكن هذه قضية سأخصص وقتاً طويلاً لأجلها- وآمل أن ينضم زملائي إلى جهودي".   

قالت المجموعات التجارية للبنوك إنها ضد الفكرة وشبهتها بقرار الصناعة المصرفية تأسيس شركات طيران خاصة بها. ولكن يبدو جلياً بشكل متزايد أن المصارف الناشئة لن تكون بنوكاً.

 ويقول آرجان شوت من "كور انوفيشن كابيتال" التي تستثمر في شركات التقنية المالية "أنا أتصور أن البنوك أصبحت بارعة في العمليات المصرفية التجارية وسيئة بازدياد في عمليات التجزئة المصرفية، ومن منظور اقتصادي توجد أماكن أفضل من البنوك".

وتتشاطر العديد من مزايا مكاتب البريد شركات القطاع الخاص التي قد تكون أكثر ثراء وسياستها بالتأكيد أكثر بساطة. والسؤال المهم هو ليس ما اذا كانت ستصبح أفضل من البنوك، بل ما اذا كانت ستعمل بشكل أفضل من المنافسين الجدد.