حقق تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مزيداً من المكاسب على حساب كتائب المعارضة السورية وفي مقدمتها شريكه السابق جبهة النصرة الموالية للقاعدة، في الاقتتال الدائر بينهما في دير الزور منذ ستة أسابيع والذي أدى إلى مقتل أكثر من 600 وأرغم نحو 130 ألف مدني على ترك مدينتهم الغنية بالنفط.

Ad

تقدم مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على طول نهر الفرات في محافظة دير الزور الغنية بالنفط، وصدوا متشددين من جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سورية وألوية إسلامية أخرى في إطار معركته الهادفة لربط مناطق شاسعة في شرق سورية بغرب العراق.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس بأن «داعش» يسيطر الآن على معظم الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات من منطقة على مقربة من الحدود مع تركيا حتى بلدة البصيرة على بعد نحو 320 كيلومترا إلى الشمال الشرقي.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن «التنظيم يهدف إلى تمديد سيطرته حتى بلدة البوكمال على الحدود مع العراق لدعم الروابط بين جناحيها السوري والعراقي.

قتلى ونزوح

وبحسب المرصد فإن المعارك الدائرة منذ أربعين يوماً في دير الزور أدت إلى مقتل 634 شخصاً على الأقل أغلبهم من الجهاديين، كما أرغمت أكثر من 130 ألف شخص على النزوح.

واندلع هذا الاقتتال مع سعي «داعش» المتشدد إلى اقامة «دولته» في المنطقة الممتدة من الرقة شمالاً إلى الحدود السورية العراقية في الشرق حيث يمكنه التواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق.

وذكر المرصد أن حصيلة قتلى الاشتباكات منذ اندلاعها في 30 أبريل حتى تاريخه تتضمن 39 مدنياً بينهم خمسة أطفال و354 مقاتلاً من جبهة النصرة بالإضافة إلى 241 من «داعش». وأجبرت الاشتباكات «أكثر من 130 ألف مواطن من سكان هذه المناطق والنازحين اليها على النزوح إلى مناطق اخرى بحثا عن ملاذ آمن» بحسب المرصد، الذي أوضح أن الاقتتال المميت بين معارضي الرئيس بشار الأسد وأغلبهم من الإسلاميين السنة وبينهم مقاتلون جهاديون أجانب حال دون اطلاق حملة عسكرية منسقة من مقاتلي المعارضة لمواجهة قوات النظام التي عززت سيطرتها في وسط البلاد.

إطلاق المعتقلين

في غضون ذلك، أطلقت السلطات السورية أمس الدفعة الثانية من المعتقلين المشمولين بمرسوم العفو الذي أصدره بشار الأسد بعد نحو أسبوع من فوزه في الانتخابات الرئاسية.

وذكر رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية أنور البني أنه بعد إفراج السلطات أمس الأول عن العشرات من سجن عدرا (في ريف دمشق)، باشرت السلطات اليوم (أمس) الإفراج عن دفعة جديدة»، موضحاً أن «محكمة الإرهاب والمحاكم الجنائية تدرس ملفات المعنيين المحالة إليها وتحيل طلب الافراج إلى السجون ليتم الافراج عن المشمولين بمرسوم العفو، كل بحسب حالته».

وحول المعتقلين الذين يتم التحقيق معهم ولم توجه إليهم التهم بعد، قال البني إن «أمر الافراج عنهم يتوقف على الفروع الأمنية التي تقدر ما اذا كانت التهم الموجهة إليهم مشمولة بالعفو أم لا»، لافتاً إلى أن السلطات قررت الافراج عن رنيم معتوق المعتقلة منذ فبراير 2014، وهي ابنة الحقوقي خليل معتوق المعتقل منذ أكتوبر 2012 مع زميله محمد ظاظا.

وأشار البني إلى أن العفو يفترض أن يشمل المعتوق نفسه بالإضافة الى عدد من النشطاء والحقوقيين والأطباء بينهم الاعلامي الناشط مازن درويش وزميلاه المدون حسين غرير وهاني الزيتاني الذين اعتقلتهم السلطات الامنية في فبراير 2012، إضافة الى الكاتب عدنان زراعي والفنان زكي كورديلو والطبيب جلال نوفل وآخرين.وسيشمل العفو أيضاً عبدالعزيز الخير، المسؤول في هيئة التنسيق الوطنية من معارضة الداخل المقبولة من النظام.

سخرية أميركية

في المقابل، أكدت واشنطن أمس الأول عدم ثقتها بإعلان الأسد العفو المشروط عن معارضيه، وقالت نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف، في موجزها الصحفي من واشنطن: «أعتقد أن هذا النظام بلا رحمة، ومستعد لإبقاء الأطفال في الأسر، ومستعد لاستخدام الأسلحة الكيمياوية والبراميل المتفجرة». وأضافت هارف ساخرة «أرغب في رؤية تفاصيل هذا العفو المقترح، لأن النظام لم يظهر على الإطلاق أي احترام لحياة الإنسان في بلاده منذ بداية هذه الأزمة».

كما أشارت إلى أن سجل النظام السوري مليء بـ«التعذيب وسوء المعاملة والقتل والاحتجاز التعسفي لعشرات الآلاف، بما في ذلك أفراد عائلات المعارضين، والإعدام خارج نطاق القضاء لآلاف من السجناء».

دعم المعارضة

ورفضت هارف مجدداً بيان طبيعة المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة إلى المعارضة في سورية، قائلة: «نحن لن نحدد كل الأنواع، لكن هدفنا من كل ما نفعله هو تغيير موازين القوى على الأرض، لدفع النظام إلى العودة إلى طاولة المفاوضات والحصول على حل دبلوماسي».

معارك وغارات

في غضون ذلك، أفاد ناشطون عن مقتل وجرح العشرات من جراء غارات شنها الطيران الحربي لقوات النظام صباح أمس على حلب وريفها ومدن وبلدات بريف دمشق، في حين لقي عدد من جنود النظام مصرعهم في اشتباكات مع قوات المعارضة في حلب القديمة وبلدة مورك بريف حماة. وأفاد مركز صدى الإعلامي بمقتل ستة جنود للنظام على الأقل من جراء انفجار لغم زرعه مقاتلو الجبهة الإسلامية في منطقة العواميد بحلب القديمة، في حين شهدت المنطقة اشتباكات بين الجانبين.

(دمشق، واشنطن-

أ ف ب، د ب أ، رويترز)