أول العمود:

Ad

قرار وزير الدولة للشؤون البلدية إلغاء رسوم التخييم يتطلب منه القيام بجولة إلى البر في أبريل المقبل حتى يكتشف صحة أو خطأ قراره.

***

إجراء سليم تتم ممارسته بشكل تعمية وهروب من المسؤولية من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى مدى عقود من الزمن بغية الإصلاح ومواجهة الفساد يتمثل بمبدأ "الإحالة إلى النيابة".

قضايا الفساد والسرقات الكبرى أحيلت إلى النيابة العامة فماذا حدث لها؟ "تجارة الإقامات"، سرقات المال العام والاستثمارات أثناء الغزو العراقي، ملفا "التحويلات" و"الإيداعات"، "صفقة الداو كيميكال"، وغيرها العشرات من القضايا. أين هي اليوم؟

يتشابه استغلال السلطتين لهذا المبدأ؛ اللجوء المتكرر إلى الجهاز الأمني لحل التوتر السياسي الذي عمّ البلاد قبل أشهر، فيما سُمى بالحراك الشعبي، فكان أن "كَرَّهنا" المواطن بأفراد الأمن، وظلت أزمتنا السياسية مكانها في الأنفس.  بمعنى أنك تتهرب من مواجهة حقيقية مع المفسدين وسراق البلد والمسيئين إليه عبر الاكتفاء بإحالة ملف ما إلى النيابة! خطورة ذلك تجعل من المتسبب الرئيسي للفساد خارج دائرة الضوء الإعلامي لتتجه الأنظار الشعبية إلى الجهاز القضائي على أساس أن القضية: أحيلت إلى النيابة!

ولذلك برزت ظاهرة سيئة في موجة الحراك الشعبي، وهي التجمهر أمام مرافق القضاء والمطالبة بأحكام مفصلة على هوى ومقاس المتجمهرين.

أين تكمن الكذبة الكبرى هنا؟

نجدها في بعض القوانين غير المحكمة التي يجري التقاضي بموجبها فيصار إلى أن جزئيات في قضيتي "التحويلات" و"الإيداعات" لا يغطيها قانون حماية المال العام الذي جاء به المشرعون، أو أن إحالات ملف "الإقامات" والمتاجرة بها لا تصل إلى بر الأمان لعدم كفاية الأدلة، أو أن المتسبب الأبرز في إلغاء صفقة "الداو" يكون خارج المناقشات العامة ليتم تعويم قيادات نفطية في المشهد الإعلامي رغم أن الإلغاء هو قرار مجلس الوزراء!  ومع ذلك نخدع أنفسنا بالقول إن الموضوع عند النيابة.

مثال آخر يتعلق بصيانة سلامة العملية في الانتخابات البرلمانية، فموسم المناداة بنظافة هذه العملية تقوده الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والصحافة المحلية، ويتم فعلاً إحالة مواطنين إلى النيابه بعد استشراء العبث باللعبة الانتخابية حيث المال السياسي، وفجأة وبدون مقدمات يتم الإفراج عن المتهمين لعدم كفاية الأدلة أو أن الإحالة ذاتها غير محكمة من الجانب القانوني! فنرتع بمزيد من الفساد بعد احتفالنا بمخرجات العملية الانتخابية.

مرفق القضاء أُرهق ويتم استهلاكه بسبب السكوت عن الفساد وعدم قدرة الأجهزة التنفيذية على وقفه، بل يتم تسليط الضوء عليه شعبياً طوال النظر في القضية، وما إن يتم الحكم بغير ما يتوقعه المواطنون بسبب رداءة القوانين ذاتها وعدم تطورها بشكل يسابق تطور أفكار الفساد، يقال وقتها إن القضاء غير نزيه، بينما الموظف العام بكل مستوياته ورتبه هو الذي يحتاج إلى نزاهة لا القضاء.