السرقة والاقتباس
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
في عمل يان مارتل "حياة باي" ثارت شبهات حول الرواية الفائزة بالبوكر والتي قدمت في فيلم رائع واتهم الكاتب بسرقة فكرة العمل من الروائي البرازيلي سكلير عن رواية "ماكس والقطط" ليغضب الشارع الأدبي البرازيلي متذكرا سرقات سابقة فنية وأدبية لأعمال تحقق شهرة أكثر مقارنة بالأعمال البرازيلية لأسباب لا علاقة لها بالأدب وانما بالانتشار الأدبي والفرق كبير بينهما. لم يعتذر يان وهو ما طلبه منه الروائي البرازيلي.في شهر رمضان قدم الاعلام العربي مسرحية الملك لير الشهيرة لوليام شكسبير وربما الرائعة الثالثة بعد هاملت وماكبث. وحاول الكاتب تطويع المسرحية الى عمل تلفزيوني في ثلاثين حلقة تحت اسم "دهشة" وربما ما عاناه المؤلف المقتبس عبدالرحيم كمال هو كيفية الحفاظ على شخوص العمل الأساسي في مسرحية الملك لير بغض النظر عن الأعمال التي يأتونها والنتائج المترتبة على تلك الأعمال. هذا الاقتباس العربي لعمل أصبح عالميا ويقدم بلغات كثيرة وعلى مسارح متعددة في العالم كان اقتباسا موفقا وناجحا وجميلا أيضا. فالرجل حافظ على نكهة البيئة التي ينتمي اليها وابتعد عن نمطية الاقتباس ومحاولة الاستخفاف التي تصاحب الأعمال المقتبسة غالبا مقارنة بالعمل الأصلي.جاء حواره أصيلا بعيدا عن التكلف واستطاع الفنانون ويحيى الفخراني تحديدا تحويل أغلب المشاهد التلفزيونية الى مقاطع مسرحية خصوصا في مشهد خروج الفخراني من بيت ابنته مطرودا وحافيا والذي كان مشهدا مسرحيا بامتياز.لم يكن ذلك عملا جديدا للفخراني فهو كان قدم مسرحية الملك لير للمسرح القومي من قبل الا أن اللهجة المحلية والالتصاق بالبئية المصرية منح الفخراني أفقا أرحب للابداع وتفوق في أدائه في المسلسل على أدائه في المسرحية. واذا كانت مقارنة أداء الفخراني بأداء السير ايان ماكلين لشخصية الملك لير ليست لصالح الأول مسرحيا فأداء الفخراني في المسلسل يقترب حتى لا أقول يتفوق على أداء ماكلين.لا أرى ما يمنع من تطويع الأفكار العالمية الى أعمال لها صبغة محلية والاستفادة من الفكرة العامة والاشارة الى صاحبها دون تشويه للعمل الأصلي أو العمل المحلي. ذلك ما انتبه اليه مؤلف "دهشة" ونجح فيه.