متاجر التجزئة تبحث عن أفضل ما في الواقع والافتراض
ارتفعت المبيعات الأميركية عبر الإنترنت في «بيست باي» 15% لتصل إلى 499 مليون دولار في نهاية الربع الثالث من 2013، كما ارتفعت مبيعات «هوم ديبو»، عبر الإنترنت، 50%، لتصل إلى 600 مليون دولار في الفترة نفسها، أما «وولمارت» فيتوقع زيادة مبيعاتها عبر الإنترنت 30% لتصل إلى 13 ملياراً العام المقبل.
عندما يشتري الناس أكثر عبر الإنترنت، فإن متاجر التجزئة التقليدية تعاني، أو هذا ما تقوله الحكاية المبتذلة، لكن الواقع ليس بهذه البساطة. نعم تخسر المحال التجارية مع نمو التجارة الإلكترونية، لكن معظم تلك المتاجر التقليدية أضافت الآن أعمالا عبر الإنترنت إلى متاجرها على الأرض، وبعضها يكسب حصة متزايدة من السوق الرقمي.ارتفعت المبيعات الأميركية عبر الإنترنت في «بيست باي»، وهي سلسلة متاجر إلكترونية، بنسبة 15 في المائة لتصل إلى 499 مليون دولار في الربع الثالث من 2013. وفي «هوم ديبو»، التي تبيع لوازم «افعل كل شيء بنفسك»، ارتفعت المبيعات عبر الإنترنت بنسبة 50 في المئة لتصل إلى نحو 600 مليون دولار في الفترة نفسها، أما «وولمارت» فيتوقع أن تزيد مبيعاتها العالمية عبر الإنترنت بنسبة 30 في المئة لتصل إلى 13 ملياراً العام المقبل.
وتبدو معدلات النمو مثيرة للإعجاب، لكن هذه الأرقام من السهل جداً تحقيقها لأنها تأتي من قواعد منخفضة. ولا تزال التجارة الإلكترونية في الغالب تمثل نسبة صغيرة من المبيعات الكلية: 6 في المئة في بيست باي، و3 في المئة في هوم ديبو، وأقل من 3 في المئة في وولمارت.ووفقاً لشركة كومسكور، من المرجح أن تشكل المبيعات عبر الإنترنت 11 في المئة من كل المبالغ المنفقة على التجزئة في الربع الحالي الذي يتضمن موسم التسوق الحاسم لعيد الميلاد. وهي تتوسع بنسبة تبلغ نحو 16 في المئة على أساس سنوي.تحدٍّويقول جوناثان رامسدين، كبير الإداريين الماليين في شركة أبركرومبي آند فيتش، وهي متجر تجزئة لأزياء المراهقين، إن التحدي «هو القدرة على المنافسة مع متاجر التجزئة المتخصصة للبيع عبر الإنترنت فقط، ومع المعايير التي وضعها موقع أمازون من وجهة نظر الشحن وخدمات الزبائن».وتعمل أبركرومبي على إغلاق أكثر من 30 في المئة من محالها في الولايات المتحدة، البالغ عددها نحو 1000 محل في ذروتها، وتريد أن يحل موقعها الإلكتروني مكان تلك المبيعات. وهدفها هو أن ترتفع التجارة الإلكترونية إلى 25 في المئة من المبيعات الكلية، صعودا من 17 في المئة حاليا.وتتفق معظم متاجر التجزئة على أن الطريقة الأفضل للاستمرار هي أن تكون على شكل أعمال «متعددة القنوات» أو «قنوات شاملة تركز على التجربة الاستهلاكية». وتغلّف تلك العبارات الطنانة الحاجة لجعل المستهلكين يتحركون بسهولة بين الأعمال عبر الإنترنت والمحال التجارية، سواء أرادوا البحث في محل تجاري ومن ثم الشراء من خلال الآيباد الخاص بهم في المنزل، أو تسلم كوبونات الخصم من خلال البريد الإلكتروني ومن ثم الذهاب إلى المحال التجارية لاستبدالها.تنقُّلويقول كيفين هوفمان، رئيس البيع عبر الإنترنت في هوم ديبو: «نادراً ما يكون توجه الزبون نحو الإنترنت فقط أو المحال التجارية فقط. إنه يتنقل بين هذه القنوات المختلفة». فمثلا، يذهب العديد من مشتري أثاث الفناء الخارجي وأدوات الشواء في هوم ديبو إلى المحال التجارية للحصول على مشورة العامل بالمتجر، لكنهم يشترون عبر هواتفهم الذكية هناك، ومن ثم بإمكانهم الحصول على خدمة التوصيل وتجنب حمل الأغراض بأنفسهم.وفي ذلك القطاع، فإن سجل التقدّم في مزامنة عمليات البيع الرقمية والمادية كان متبايناً، سواء كان من خلال الإعلانات، أو التسعير وتوقعات الطلب، أو من خلال مراكز خدمة الزبائن وخدمات التوصيل. وفي استبيان تم في يونيو، سألت شركة ريتيل سيستمز ريسيرتش متاجر التجزئة ما إذا كانت تزامن البيع في 13 منطقة مختلفة وفي كل منطقة، فأجاب أقل من واحد من كل خمسة بالإيجاب.وتعرقل عديد من متاجر التجزئة لدى محاولته الأولى للتجارة الإلكترونية قبل عدة سنوات، عندما أقامت العمليات عبر الإنترنت باعتبارها عملا منفردا بتكنولوجيا منفصلة.ومنذ ذلك الحين يسعى بعض تجار التجزئة الكبار إلى شراء المهارات من خلال الاستحواذ على شركات التكنولوجيا الناشئة، فقبل عام استحوذت «هوم ديبو» على شركة بلاك لوكس، وهي مجموعة لتحليلات البيع بالتجزئة. وهذا العام اشترت «وولمارت» أربع شركات - توربيت، وإنكيرو، وون أوبس، وتيستي لابز، التي قامت برمجياتها بمعالجة كميات كبيرة من البيانات وتسريع المواقع الإلكترونية.وفي أكتوبر اشترت ستيبلز، وهي سلسلة قرطاسية، «رونا» التي تقوم أدواتها بتخصيص العروض الخاصة. ويقول فيصل مسعود، نائب الرئيس التنفيذي للتجارة الإلكترونية العالمية في ستيبلز: «نحن لسنا شركة تكنولوجيا، لذلك نحتاج لأن نفكر مثل شركة تكنولوجيا».وتحتل «ستيبلز» مرتبة ثاني أكبر متجر تجزئة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، بحسب الموقع الإلكتروني إنترنت ريتيلر، بمبيعات عالمية عبر الإنترنت بلغت 10.3 مليارات دولار، ما يزيد قليلاً على 40 في المئة من مبيعاته الكلية، جاءت في المرتبة الثانية فقط، بعد المبيعات الموجودة في موقع أمازون، الذي يتوقع أن تصل مبيعاته الكلية إلى 75 مليار دولار هذا العام.اقتناص المستهلكينوتتضمن المبادرات الشائعة اقتناص المستهلكين من مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وبينتريست، وإنشاء تطبيقات متاجر للهواتف الذكية تسمح للمتسوقين بتحديد ما يريدونه، وقراءة الاستطلاعات، وفي بعض الحالات القيام بعملية شراء.لكن متاجر التجزئة تكرّس مزيدا من الجهود لخدمات التوصيل التي أصبحت سرعتها ودقتها ساحة معركة رئيسية في التجارة الإلكترونية اليوم، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى المعايير التي وضعها موقع أمازون. ويستخدم مزيد من متاجر التجزئة المحال التجارية لتلبية الطلبات التي تتم عبر الإنترنت، إما بجعل الزبون يطلب عن طريق الإنترنت ويأخذ طلبه من أقرب محل، أو بشحن المنتجات من المحال، بدلاً من المستودعات، لمنازلهم.وحولت ميسيز، وهي سلسلة متاجر تقوم ببناء مستودعها الرابع للتجارة الإلكترونية، 500 محل من أصل 850، إلى مرافق شحن إضافية، ووضعت كاونترات في غرف المحال، حيث يتولى الموظفون الذين يخزنون البضائع على الرفوف، أيضاً تعبئة الطلبات التي تتم عبر الإنترنت في صناديق.وتقول متاجر التجزئة إن مثل هذه الخطوات تستهدف تقديم أقصى درجة من الراحة إلى المتسوقين، لكن ساتشاريتا مولبورو، وهي محللة في «فوريستر ريسيرتش»، تشير إلى أنه في حين أصبحت تكلفة الشحن مرتفعة بصورة مؤلمة، فإن استخدام المحال مستودعات صغيرة يوفر المال أيضاً.ويقول أحد موظفي «ستيبلز» : «أن تكون لديك محال تجارية وخدمة عبر الإنترنت هذا مكسب كبير، لكن فقط إذا استفدت من تلك الموارد، فإذا لم تكن لديك خبرة متكاملة تماماً، فهذه الأصول لن تُستخدم».(فايننشال تايمز)